الترجمة الأدبية والتخييل الذاتي

اقرأ في هذا المقال


إنّ الترجمة الأدبية هي فن من الفنون الأدبية التي وجدت منذ الزمن القديم، وهذا الفن هو نوع من الفنون التي وجدت كنوع من حل الصعوبات التي واجهتها الشعوب في التواصل الثقافي؛ والسبب في ذلك هو اختلاف اللغات والألسن فيما بينها، كما أنّ هنالك اختلافات في الثقافات والتراكيب والأسلوب الأدبي وطريقة التعبير عن المعنى أو الفكرة؛ لذلك كانت الترجمة الأدبية هي الأساس الذي تم اعتماده كقاعدة أساسية لعلاج هذه الصعوبة، تابع المزيد من القراءة عزيزي القارئ.

التخييل الذاتي في الترجمة الأدبية

بتخيّل الناس الذاتي فإن الترجمة يمكن اعتبارها بأنّها علم من العلوم، وسميت الترجمة كذلك لأن أي نوع من العلوم هو يقدّم المنفعة للعالم؛ وإنّ الترجمة الأدبية هي من أكثر الفنون التي تقدّم المنفعة؛ لذلك سميّت بعلم الترجمة، وباعتبار الترجمة الأدبية علم من العلوم فهي تتطلّب في المترجم شرطين معينّين.

يتمثّل هذين الشرطين في إجادة لغة المصدر ولغة الهدف، بالإضافة لإجادة ثقافة البلدين؛ والسبب في ذلك هو أنّه الترجمة ليس علم من العلوم الميكانيكية التي تعتمد على عامل ترجمة اللغة فقط، بل هي تقوم على ترجمة المفاهيم والثقافات ووجهات النظر للبلدان الأخرى.

وبحسب التخييل الذاتي للترجمة فإنّها تتطلّب حس فني عالي ومرهف الإحساس كذلك، وهذا العنصر مهم من أجل نقل الصور والمفاهيم والأمثلة كالتشبيه أو غيره، ونقل كمثل هذه العناصر يتطّلب أن يكون المترجم لديه حس مرهف من أجل أن يستطيع إثارة مشاعر القارئ ولمس الحس العالي لديه، وبالتالي يتمكّن من أن يتذوّق القراءة بشكل كبير جدّاً.

ولجعل القارئ لا يشعر بالملل أو التكرار أثناء قراءته للعمل المترجم؛ فعليه بحسب آراء بعض الأدباء أن يكون مترجم وكاتب ماهر أيضاً، لأنّ البعض يعتبر بأن الترجمة هي نوع ثاني من أنواع الكتابة، ولكن دون الاعتداء على الخاصيّة الأدبية للكاتب الأصلي، بل أن ينقل روحه في العمل المترجم.

وبحسب التخييل الذاتي للترجمة أيضاً وجد هنالك اختلاف بين الأدباء في تأكيد الأهمية الكبرى، هل تكون من نصيب الترجمة الحرفية، أن تكون من نصيب الترجمة العادية؛ والسبب في ذلك هو الترجمة العادية تتخطّى في نقلها للنص بعض الكلمات؛ لأن مهمّتها الأساسية نقل المعنى العام والفكرة الرئيسية بشكل أكثر من نقل الكلام، وعلى العكس من ذلك فإن الترجمة الحرفية تركّز على نقل الكلام كما هو، ولا تهتم بالمعنى العام أو الفكرة الصحيحة للنص.

وتزداد الخلافات عند الحديث عن الترجمة الأدبية، والتي تعتبر مهمّتها الأساسية هي نقل الهموم البشرية في النصوص النثرية كالقصائد والروايات والقصص، وهي تحتوي على شرح الواقع الذي يعيشه الإنسان؛ لذلك فإن ترجمتها أدبيّاً أمر مهم جدّاً، ولا يمكن الاستعاضة عنه بالترجمة الحرفية.

وعندم قيام المترجم الأدبي بنقل طريقة الكاتب الأصلي بتعبيره عن الحياة؛ فإنّه يواجه صعوبة الاختلافات الثقافية والفكرية، ويواجه المترجم مشكلة تسمّى ب (التضاد الفكري)، وهذه المشكلة تنشأ من اختلاف الشعوب بالتعابير التي يستخدمونها، على سبيل المثال الشعب الفرنسي عندما يريد التعبير عن الفرحة فإنّه يستخدم المصطلحات الخاصّة بحرارة الطقس المرتفعة.

على العكس من العرب الذين يستخدمون المصطلحات الخاصّة ببرودة الطقس للتعبير عن الفرح والسرور، كاستخدام جملة (أثلج صدري من الفرحة البالغة)، وبالتحديد تعتبر المشكلة الأساسية التي تواجهها الترجمة الأدبية في الترجمة، هي عند تعرّضها لترجمة نص من أي لغة إلى اللغة العربية؛ والسبب في ذلك أن اللغة العربية يميّزها بأنّها لغة الضاد، الحرف غير المستخدم في بقية اللغات الأخرى.

وتكبر هذه المشكلة عند تعرّض المترجم الأدبي لمصطلح عامّي؛ فعادةً من الصعب أن يجد له المترجم مرادف مناسب في لغته، وهذه المشكلة نجدها أيضاً في باقي اللغات؛ فحتّى اللغات الأخرى تستخدم كثيراً في نصوصها اللهجة العاميّة، ممّا يكون من الصعب على المترجم في معرفة كيفية ترجمتها.

وكذلك يجد المترجم صعوبة كبيرة في ترجمة ما يسمّى بالسيرة الذاتية؛ والسبب في ذلك أن الكاتب عندما يكتب عن نفسه أو عن غيره فهو يلجأ لاستخدام الكثير من المصطلحات العاميّة في التعبير، فلهذا السبب نجد أن كثير من المترجمين يقومون بتبنّي التخييل الذاتي عند ترجمة النصوص الصعبة، ولكن الأمر الواضح أن الترجمة الأدبية لا تعتبر ترجمة أصيلة إلّا إذا كانت نابعة من وجدان المترجم.


شارك المقالة: