عندما نتحدّث عن الترجمة فيخطر بذهننا هو عملية النقل من لغة إلى أخرى، واللغتين الأهم في مجال النقل في الترجمة هما لغة المصدر ولغة الهدف، وتختلف عملية النقل تلك بحسب طبيعة النص، بالإضافة لأسلوب المترجم ومجال الترجمة نفسه، وبناءً على ذلك فإن للصياغة في مجال الترجمة أنماط مختلفة، سنتحدّث عزيزي القارئ عن هذه الأنماط الأساسية للصياغة.
مشكلة أنماط الصياغة في الترجمة
من وجهة نظر البعض أن عملية الترجمة لا تختص بالنقل فقط، بل هي بتعريف البعض مجموعة من التفاعلات الحية بداخل النصوص، من خلال إنصات المترجم للنص ومن ثم القيام بتمثيلة أو تجسيده للكلام عبر أسلوب صياغته الخاص له، وحتى لو كان المترجم على فهم كامل وإتقان شديد لكل من لغة المصدر والهدف، إلّا أنّ هذا لا يعتبر شرط كافي لإتقان عملية الإبداع في الترجمة، بل إن الأهم من ذلك أن يستطيع المترجم فهم السياق الخاص بكل نص من النصوص.
وبتعريف البعض للترجمة بحسب منظورهم أن الترجمة عملية نقد للنص، وذلك من خلال تفسير النص باستخدام المدلول الترجمي للفعل (ترجم)، فيقوم المترجم بعد ذلك بابتكار نص جديد؛ ولكن شرط أن يكون هذا الابتكار في الصياغة جيّد هو ليس فقط إتقان اللغتين، بل إتقان كل ما يحيط بهما من خائص سياقية، تختص أحياناً بالخلفية الثقافية لكل بلد.
وتعتبر مستويات السياق في اللغة مستويين أساسين الأوّل يختصّ باللغة ذاتها، أمّا الثاني فهي السياق المختص بثقافة الكاتب، وعلى الرغم من أنّ هذين الجانبين الأساسين للسياق هما متلازمين، إلّا أن كل منهما قد يختلف عن الآخر؛ حيث أن سياق اللغة يختص بتعليم الكاتب أما السياق الثقافي فهو يختص بخبرته وممارسته.
وتعتبر اللغة أمر سهل ويمكن لأي مترجم أن يكون ملم بها، أمّا الجانب الآخر فهو يعتمد بشكل كامل على البعد النظري والعملي كذلك؛ لهذا السبب قد لا يتواجد هذين الشرطين بالمترجم ممّا قد يسبّب إرباك كبير في عملية الترجمة، فيكون المترجم متقن للغة الكاتب ولكنّه غير ملم بثقافته، وهذا ينتج عنه ترجمة غير متطابقة الشكل بسبب السياق والصياغة المختلفتين.
والحل الأمثل لذلك هو أن يقوم المترجم بدراسة كل أنماط الصياغة في لغته، وأن يعطي المترجم لنفسه فرصة الاختيار من الصياغة الأنسب له، ويكون ذلك أحياناً بحسب الزمان والمكان أيضاً.