التناوب اللغوي - Code Switching

اقرأ في هذا المقال


ما هو التناوب اللغوي؟

يعرف التناوب اللغوي أو تبديل اللغة في علم اللغويات عامة وفي علم اللغة الاجتماعي خاصة بالطريقة التي يقوم بها المتحدثون بالتبديل بين لغتان أو أكثر أو حتى بالتبديل بين اللهجات لنفس اللغة أو حتى لكناتها ويكون ذلك في سياق محادثة واحدة. يستخدم الأشخاص الذين يتحدثون أكثر من لغة واحدة أو ما يعرف بمتعددو اللغات أحيانًا أدوات لغوية تنتمي للغات عديدة أثناء تحدثهم مع بعضهم البعض. وبالتالي يعد التناوب اللغوي استخدام متعدد ومتنوع للغة أو أكثر ولكن بطريقة تتناسب وتتوافق مع بناء جملة وتراكيب اللغة وأصواتها وعلوم صوتياتها وكذلك كل تنوع فيها.

سمات ومميزات التناوب اللغوي:

تختلف ظاهرة التناوب اللغوي عن  غيرها من الظواهر في اللغات الأخرى، مثل اللغة الهجينة واللغة المولدة والترجمة المستعارة، وغيرها. كما تؤثر الألفاظ والمصطلحات الدخيلة من لغات أخرى على المعجم  اللغوي وعلى كلمات اللغة المختلفة، ولكن فيما يتعلق بالتناوب اللغوي فأنه ظاهرة تحدث في الكلام الفردي. فيقومون المتحدثون بتأسيس وإنشاء لغة هجينة عندما يكوّن متكلمان أو أكثر لا يتكلمون لغة مشتركة أو ما يعرف باللغة الوسيطة الثالثة. ومن الجدير ذكره بأن المتحدثون يمارسون التناوب اللغوي إذا كانت الأطراف المشاركة في الحديث تجيد اللغتين الأولى واللغة الدخيلة بشكل ممتاز أو جيد.

  التداخل اللغوي والتناوب اللغوي:

تتواجد نقاشات كثيرة ومتعددة في علم اللغويات وعلم اللغة الاجتماعي فيما يتعلق بالتمييز بين التداخل اللغوي والتناوب اللغوي. وتبعًا لجينين تريفرز-دالر، فإن التفكير في التداخل اللغوي والتباين اللغوي كظاهرتين لغوييتين متشابهتين ذات فائدة إذا أراد المرء تكوين نظرية مبسطة قدر المستطاع، وبالتالي فأنه أمر يستحق المحاولة لكي تتمكن من تحقيق مسعاك تجاه هذه المقاربة اللغوية الموحدة.

ولكن بطبيعة الحال لا يتفق كل علماء اللغة على ما إذا كان ينبغي اعتبار التداخل والتناوب اللغوي ظاهرتين متماثلتين. فيشير علماء اللغة في بعض الحالات إلى مزايا وعيوب كل من التداخل اللغوي والتناوب اللغوي على أنهما ظاهرتان منفصلتان، ووفقاً لهذه المعتقدات اللغوية يشتمل هذان النوعان اللغويان التناوب اللغوي (بالإضافة إلى التداخل اللغوي) التأثير اللغوي المتداخل.

ولكن بالطبع قد نتمكن من حل جزءًا من هذه المناقشة إذا استطعنا توضيح وبيان بعض التعريفات اللغوية الرئيسية. فمن الواضح أن علماء اللغة يستخدمون في بعض الأحيان مفاهيم مختلفة للإشارة إلى نفس الظاهرة اللغوية، وبطبيعة الحال هذا قد يجعل التمييز بين الظواهر اللغوية المشار إليها أمر عسير. فعلى سبيل المثال، يستخدم علماء اللغة النفسيون في كثير من الأحيان مفهوم التناوب اللغوي (language switching) وذلك للإشارة إلى التبديل المتحكم فيه والمرغوب فيه إلى لغة مختلفة. ومع ذلك، لا يقومون علماء اللغة الذين يدرسون التناوب اللغوي العادي والطبيعي باستخدام هذا المفهوم والمصطلح اللغوي.

استخدامات التناوب اللغوي:

الكثير من العلماء في الأربعينات والخمسينيات من القرن الماضي عدوا بأن التناوب اللغوي هو ظاهرة لغوية يتم فيها استخدام اللغة بشكل غير لائق ومتقن، فاعتبر معظم علماء اللغة في الفترة الزمنية المذكورة بأن التناوب اللغوي أصبح أمرًا طبيعيًا وعاديًا وهو نتيجة استخدام لغتان أو أكثر في نفس الوقت، وعدوها بأنها ظاهرة طبيعية ظهرت نتيجة التفاعل البشري.

لا يُستخدم مفهوم التناوب اللغوي فقط في علم اللغويات، وإنّما هو مصطلح أشمل من ذلك بكثير. فيستخدم بعض الباحثين في مجال الأدب هذا المصطلح؛ وذلك لوصف الأنماط والأسليب الأدبية المختلفة والتي تتضمن عناصر متنوعة تشتمل على عدة لغات مختلفة، مثل الروايات والقصص التي كتبها كتاب إنجليز هنود أو صينيون أمريكيون، أو لاتينيون.

فكل هؤلاء قاموا بكل تأكيد بإضافة لمسات لغوية من لغاتهم على اللغة التي يكتبون فيها. كما أن مصطلح التناوب اللغوي يستخدم بشكل الشعبي في بعض الأحيان؛ وذلك للإشارة إلى الدمج غير الرسمي والثابت والمستقر نسبيًا من لغتين مختلفتين، مثل السبانجليزية (Spanglish) أي الإنجليزية الأسبانية، أو التاغليزية (Taglish) وهي اللغة الفلبينية المتأثرة باللغة الإنجليزية، أو الهنجليزية (Hinglish) أي اللغة الإنجليزية الهندية.

على سبيل المثال، يُمارس التناوب اللغوي من قبل الأمريكيين ذوي أصلهم أفريقي الذين يتحدثون اللغة العامية(سواء في الدراسات اللغوية الاجتماعية أو في الاستعمالات الشعبية، فيستخدم التناوب اللغوي في بعض الأحيان للإشارة إلى التبديل بين اللهجات واللكنات من نفس اللغة، أو الأساليب أو الأنماط أو القدرات الصوتية)، وذلك يحدث أثناء تنقلهم من ظروف ذو طابع رسمي قليل إلى ظروف ذو طابع رسمي كبير. فتُنتقد هذه التناوبات اللغوية بشدة في بعض الأحيان عندما تحدث من قبل شخصيات معروفة على نطاق واسع مثل السياسيين؛ وذلك لأنها تدل إلى عدم الأصالة أو الرياء، ولكن عادة يعد العنصريون هم من يعتبروها عدم أصالة.

مكان وزمان حدوث التناوب اللغوي:

فيما يتعلق بمكان حدوث التناوب اللغوي، فإنه ظاهرة تحدث عادة بين جملتين أو في نفس الجملة الواحدة. ولكن فيما يتعلق بزمان وقوعة، فهو ظاهرة تحدث عندما يتغير الموضوع وأساس الكلام من ثقافة اللغة الأولى التي يجري بها الكلام إلى ثقافة اللغة الثانية التي سينتقل وسيصل إليها الكلام أو عندما تكون حالة المداخلة من كلا الطرفين، أو حتى عندما تمر في اللغة المتحدث بها أولاً كلمة من اللغة الثانية التي سينتقل وسيصل إليها الحديث أو المداخلة من كلا الطرفين.

شارك المقالة: