مفهوم التورية:
يقصد بها هو ذكر لفظ ويكون لهذا اللفظ معنيان، هو أن يستخدم الأديب في كلامه كلمة يفهم منها معنيان، المعنى الأول قريب للذهن واضح وظاهر بالنسبة للسامع، ولكن له معنى غير مقصود لا يقصد إليه المتحدث ويسمى هذا المعنى القريب ( مورى به)، والمعنى الآخر هو المعنى البعيد عن الذهن خفي وغير واضح ولكن هو المعنى المقصود من هذه الكلمة المستخدمة ويسمّى هذا المعنى البعيد ( المورى عنه)، وقد سميت التورية بهذا الاسم لأنّ المتحدث بها يخفي المعنى البعيد بالمعنى القريب ولذلك فإنَّ التورية كما يقال تعطينا المعنى من خلال حجاب فهي لا تقدم إلينا المعنى المقصود بطريقة مباشرة، وإنما تقدمه لنا بطريقة غير مباشرة تحتاج إلى تفكير وتدبر.
أغراض التورية وجمالها:
يُعد من جماليات اللغة العربية، قد ورد العديد منه في الأدب العربي ( شعرًا ونثرًا)، فتعطي القارئ فوائد كثيرة يعرفها كل شخص مُحب للقراءة والمطالعة، كما أنَّها تزيد للعمل الأدبي أشكالًا جميلة، كما تميز سر جمالها تعمل على جذب الانتباه وإيقاظ الشعور وإثارة الذهن ونقل إحساس الأديب.
أقسام التورية:
للتورية أربع أشكال هي:
- التورية المهيأة: هي التي تضم مجموعة من الدلائل التي تدل على التورية بجميع أركانها.
- التورية المرشحة: هي التي تحتوي على المعنى القريب، ويقترب هذا المعنى من فكر المخاطب، كما يبتعد عنه المعنى البعيد.
- التورية المبينة: هي التي تحتوي على لفظ يدل على المعنى القريب، ممّا يستطيع المخاطب أن يعرفه ويهتدي إليه.
- التورية المجردة: هي التي لم يذكر فيها ما يدل على معنى القريب، ولا على معنى البعيد، تعتمد على مدى فهم المخاطب للمعنى الذي أراده المتكلم، دون دلالة على وجود المعنى سواء كان قريبًا أو بعيدًا.
أمثلة على التورية:
التورية في القرآن الكريم:
- قال تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ).
- قال تعالى: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ).
- قال تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَة).
- قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ۚ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ).
- قال تعالى: ( اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ).
التورية في الحديث النبوي الشريف:
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَهْوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَنَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَابٌّ لاَ يُعْرَفُ، قَالَ فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ يَا أَبَا بَكْرٍ، مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ. قَالَ فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ.
- قول الرَّسول – صلى الله عليه و سلم – فى خروجه إلى بدر , وقيل له : من أين أنتم ؟ فقال : من ماء.
التورية في الشعر:
- قول الشاعر :
ملكت الخافقين فتهت عجباً وليس هما سوى قلبى و قرطك
- قال الشاعر :
وقفت بأطلال الأحبَّة سائــــــلا ودمعى يسقى ثَمَّ عهداً و معهـــداً
- قال الشاعر :
لِلَّه أنَّ الشهد يوم فراقهم ما لذَّلي فالصبر كيف يطيب