الخلاصة النحوية للفيلسوف روجر بيكون

اقرأ في هذا المقال


الخلاصة النحوية (Summa Grammatica)، يستمد الفيلسوف روجر بيكون في هذا العمل مباشرة من التعليق على بريشيان (Priscianus Minor) لروبرت كيلواردبي، وهذا يمثل القواعد التأملية المبكرة كما تطورت في باريس خلال النصف الأول من القرن الثالث عشر، حيث نهج بيكون للقواعد والمنطق له صلة بمنطق ويليام شيروود.

محتوى أجزاء كتاب الخلاصة النحوية لبيكون:

يحدد الجزء الأول من الخلاصة النحوية القواعد التي تحكم كل من التركيبات المشتركة مع الفاعل والفعل والقواعد التي تحكم الإنشاءات التصويرية، كما يتضمن الأخير حسابات محددة للأشكال الخمسة للبناء وهي:

1- نقيض.

2- التوليف.

3- التدليك.

4- السيلبسيس (syllepsis): بناء لفظي تحكم فيه كلمة كلمتين أو أكثر ولكن تتفق في العدد أو الجنس أو الحالة مع كلمة واحدة فقط، أو يكون لها معنى مختلف عند تطبيقها على كل كلمة، كما في حالة فقد معطفه ومزاجه، مثل حبست أنفاسك والباب لي.

5- زيوغما (zeugma): وتعني باليونانية النير أو الترابط، وهو شكل من أشكال الكلام، حيث كلمة عادة ما تكون فعلًا أو صفة، وتنطبق على أكثر من اسم واحد، وتمزج معًا أفكارًا مختلفة نحويًا ومنطقيًا، مثل غادروا الغرفة بعيون وقلوب مليئة بالدموع.

في الجزء الثاني يحلل بيكون التركيبات غير التصويرية الأكثر صعوبة مثل غير الشخصية وما يجب القيام به، والمطلقات الجر والتدخلات، وفي الجزء الثالث يفحص المغالطات من حيث موضوعها ويتراوح من المعالجة السريعة إلى العلاجات الموسعة النموذجية للسؤال المتنازع عليه، أما القسم الأخير يوجد تحليل سريع لبعض الجمل القصيرة بما في ذلك التراكيب الظرفية وبعض الصيغ الليتورجية، وهذا الأخير يمثل مشكلة بسبب طابعها الإهليلجي، ويمكن العثور على سرد لعلاقة بيكون الفكرية مع روبرت كيلواردبي في إيرين روزير.

إنّ السمة الرئيسية لهذا العلاج لقواعد التأمل هي حقيقة أنّ المنطق يرتبط ارتباطًا وثيقًا بفيزياءأرسطو، وتستند هذه القواعد المنطقية إلى الاعتقاد بأنّ الفن يقلد الطبيعة بالقدر الذي يستطيعه، واستعارة بيكون من أرسطو وابن رشد وتأثر بها روبرت كيلواردبي، واستغل بيكون التمييز بين الدائم والمتتابع كأساس للتمييز النحوي بين (الاسم) (الضمير والفعل) (الظرف)، ويطبق هذا على تعريف الفئة النحوية.

فلسفة بيكون بين المنطق والنحو:

كما لاحظت إيرين روزير كاتاش أنّه يُنظر إلى بناء الكلمات على أنّه حركة، والفعل ومحور الجملة يدل على الفعل والحركة ويحتاج لهذا السبب إلى مصطلحين:

  • نهاية المطاف أو نقطة البداية.
  • نهاية إعلانية أو نهائية.

على مستوى واحد يتم استخدام التصور المادي لإعادة تعريف مفاهيم معينة، والحالات هي خصائص تسمح للتعبير بأن يعمل كمصطلح حركة، وبهذه الطريقة فإنّ حالة النصب تعبر عن النهاية الإعلانية، وفي المستوى الثاني يسمح مفهوم بيكون له بتحديد بعض القواعد العامة جدًا لتوليف الفئات.

على سبيل المثال يجادل بيكون بأنّ كلًا من الفاعل والمصدر من خلال الدلالة اللفظية ليسا مستقرين بما يكفي ليكونا نهاية للحركة، ويعتمد هذا على فرضية أنّ: لا شيء يتحرك يمكن أن يستقر في شيء متحرك، ولا توجد حركة قادرة على إكمال نفسها في شيء متحرك، وباستخدام مبدأ: الفعل في المريض كما في الموضوع، فإنّه يعالج مسألة التوافق النحوي، علاوة على ذلك فإنّ المبدأ المركزي لتنظيم المصطلحات هو مفهوم التبعية، ومن ثم فإنّ علاقة الاعتماد الطبيعي بين الحادث والموضوع تنعكس في بناء الصفة مع جوهرها.

إذن يجد التفكير النحوي نفسه محشورًا بين التفكير المادي والمنطقي، ويمكن ملاحظة ذلك في تحليل التعبير (est dies) بمعنى يموت، ولماذا مصطلح واحد وليس اثنين؟ وما هي وظيفة يموت؟ ففي تحليل الحركة هناك مصطلحان، ولكن في المنطق يمكن للمرء أن يرى أنّ المصطلح الواحد له وظيفتان موجودتان بالضرورة في كل تأكيد، وبما أنّ المنطق يتطلب أن يكون الموضوع مختلفًا عن المسند، فإنّ القواعد كعلم إيجابي تعتمد على العقل والإرادة.

فلسفة بيكون في القوة السحرية للكلمات:

الجانب الأكثر أهمية في التحليل النحوي لبيكون هو الجانب الذي سيتم تكراره في أعماله اللاحقة حول السيميائية (علم العلامات) وهذا هو تحليله المتعمد، ولا يمكن اكتشاف الأسباب المرتبطة بالتحليل النحوي أو تطبيقها ميكانيكيًا: فهي تعتمد على النية الدلالة للمتحدث (intentio proferentis)، وتم العثور على هذا النوع من التحليل في روبرت كيلواردبي وفي العديد من النصوص المماثلة حول المغالطات.

على حد تعبير روزير كاتاش (Rosier-Catach): “إنّ صحة العبارة لا تعتمد فقط على توافقها مع قواعد القواعد ولكن أيضًا على مدى ملاءمتها مع نيتها الدلالة، وفي بعض الأحيان لأنّ المتحدث يرغب في الإشارة إلى فكرة محددة، فقد ينأى بنفسه بشكل مشروع عن القواعد العادية”، وومع ذلك هذه الحرية ليست مطلقة، ويجب أن يكون مبررًا لغويًا.

وهكذا لنقتبس من روزير: “طبيعة وظائف اللغة التي تحكمها القواعد لا توجد فقط في الاستخدام الشائع ولكن أيضًا في تلك الاختلافات المصرح بها”، وهذا هو بالضبط المبدأ الذي سيضع بيكون للعمل على المستوى الدلالي عندما يجري تحليله للعلامات، بالإضافة إلى الاستخدام العادي للإشارة المستمدة من مؤسستها، يتمتع المتحدث دائمًا بالحرية في استخدامها بالطريقة المترجمة، ويكون الاختلاف في معظم الحالات قابلاً للتفسير ولهذا السبب يمكن للمستمع فهمه.

بعبارة أخرى اللغة بالنسبة للإنسان أداة ووسيلة، ويمكن رؤية هذا المفهوم التطوعي أو الأداتي بالمثل في سياق معالجة بيكون للقوة السحرية للكلمات، وهذا الجانب المهم من القوة السحرية للكلمات، والذي تم فحصه مرة أخرى بعناية من حيث دراسة اللغة من حيث علاقته باستخدامات المنطق في علم اللاهوت بواسطة روزير كاتاش في عام 2004.

قدمت غرازيلا فيديرشكو فيسوفيني (Graziella Federici Vescovini) في عام 2011 الآن دراسة قضائية للعلاقة الوثيقة بين الفلسفة والسحر الطبيعي في العصور الوسطى، مما يبرز مفهوم القوة السحرية للكلمات فيما يتعلق ببيكون وفلاسفة العصور الوسطى الآخرين، وهذه القوة السحرية للكلمات المشتقة من الكندي، لها علاقة بنظرية بيكون للاتصال في الجزء الخامس من فلسفة الأخلاق.

فلسفة بيكون في تحليل اللغة لإزالة الغموض:

إنّ منطق بيكون لعام 1240 هو:

1- مجموع وفرق السفسطة.

2- الخلاصة على المنطق بأكمله (منطق التلخيص).

وصف الراحل يان بينبورغ منطق المصطلح الموجود في بيكون ومعاصريه على أنّه: “تحليل دلالي للغة الطبيعية”، أي بالمعنى اللاتينية اللغة المبنية على المنطق الأرسطي، ولا سيما قوائم السفسطائي و وحول التفسير وعلى تطوير القواعد، وشدد هذا التحليل على القيمة الحقيقية للمقترحات التي تم تحليلها وشروطها، وبالتالي عرض ما يمكن تسميته بالنهج السياقي، أي أنّه استند إلى الوظيفة الفعلية والمرجع للمصطلح في الاقتراح المراد تحليله.

يمكن استخدام كلمة معينة بشكل مختلف أو وفقًا لافتراضات مختلفة، وقد ساعدت القواعد الخاصة بهذه الاستخدامات المختلفة على تجنب الالتباس، وكان القصد من عقيدة الافتراض هو حل كل من الغموض التافه نسبيًا الذي نشأ عن ارتباك المستويات اللغوية (الإنسان أبيض والإنسان نوع والإنسان اسم) والغموض المتضمن في نظرية القياس الكمي (أو التوزيع)، وتم حل هذه المشكلات بشكل أساسي من حيث الاختصاصات، نظرًا لأنّ الافتراضات المختلفة اختارت نطاقات مختلفة من الأفراد.

لذلك يمكن للمرء أن يرى لماذا رأى بيكون من خلال اهتمامه بالدور المركزي للمنطق التطبيقي في الحماية من الغموض وتحليل المراوغة مركزية في تحليل اللغة، وفي مواجهة الميل المعتدل المتزايد لفهم أجزاء من القواعد كدليل على المكونات الموضوعية للأشياء في العالم، ويشدد بيكون على أهمية تحليل المراوغة.

ومنذ فرض الأسماء فإنّ التغيير المستمر في استخدام اللغة، وخاصة التحول الضمني المستمر للمعنى في اللغة، وكلها مهمة لنظرية المعنى، كما يتطلب بيكون تحليل اللغة السياقية، وهنا يمكن للمرء أن يتحدث عن نهج بيكون البراغماتي لنظرية اللغة.


شارك المقالة: