ما هي مبادئ الفلسفة الإبيقورية؟

اقرأ في هذا المقال



الإبيقورية هي نظام فلسفي قائم على تعاليم إبيقور، تأسست حوالي 307 قبل الميلاد، إنّ إبيقور يعلم أنّ أعظم فائدة هو البحث عن الملذات المتواضعة من أجل الوصول إلى حالة من الهدوء والتحرر من الخوف والتي عرفت بمصطلح أتاراكسيا، والحاجة إلى غياب من الألم الجسدي وعرفت بمصطلح أبونيا، يُعتقد أنّ هذا المزيج من الحالات يشكل السعادة في أعلى صورها، وبالتالي يمكن إعتبار الإبيقورية شكلاً من أشكال مذهب المتعة، على الرغم من إختلافها في مفهومها عن السعادة على أنها غياب الألم، وفي دفاعها عن حياة بسيطة.

مبادىء الفلسفة الإبيقورية:


وجّه إبيقور أنّ هذه الحالة من الهدوء يمكن الحصول عليها من خلال معرفة طريقة عمل العالم والحد من الرغبات، وهكذا كان الحصول على المتعة من المعرفة والصداقة والعيش حياة فاضلة ومعتدلة، وكان قد أشاد بالتمتع بـالملذات البسيطة، الذي يقصد به الامتناع عن الرغبات الجسدية مثل الجنس والشهية، التي تقترب من الزهد، والذي أراد به القول أنّ الفقر الشديد حالة شريفة.

لقد جادل إبيقور بالإعتدال في كل شيء، بحيث عند تناول الطعام على سبيل المثال، لا ينبغي للمرء أن يأكل بكميات كبيرة، لأنه قد يؤدي إلى عدم الرضا لاحقًا، مثل عسر الهضم أو الإدراك القاتم بأن المرء لا يستطيع تحمل مثل هذه الأطعمة الشهية في المستقبل، وبالمثل يمكن أن يؤدي الجنس إلى زيادة الشهوة وعدم الرضا عن الشريك الجنسي، وظل إبيقور نفسه عازبًا، حتى التعلم والثقافة والحضارة لم يتم تشجيعهم، لأنها يمكن أن تؤدي إلى إزعاج المرء لراحة البال، إلا بقدر ما يمكن أن تساعد المعرفة في التخلص من المخاوف الدينية والخرافات، مثل الخوف من الآلهة والموت.

الإبيقورية والدين:

تؤكد الإبيقورية على حياد الآلهة وعدم تدخلهم في حياة الإنسان، رغم أنها لم تنكر وجود الآلهة، لقد تصور الإبيقوريون الآلهة كائنات نعيم وخالدة، ومع ذلك تصوروها كائنات مادية مكونة من ذرات، تسكن الفراغات بين العوالم في اتساع الفضاء اللامتناهي، بعيدًا جدًا عن الأرض ليكون لها أي اهتمام بما يفعله الإنسان، ترفض الفلسفة الإبيقورية أي احتمال للحياة الآخرة، بينما لا تزال تجادل بأن المرء لا يحتاج إلى الخوف من الموت.

الإبيقورية والطبيعة -الفيزياء:

رأى إبيقور أنّ المكونات الأولية للطبيعة هي مادة غير متمايزة، في شكل جسيمات منفصلة وصلبة وغير قابلة للتجزئة -ذرات- تحت عتبة الإدراك، بالإضافة إلى الفضاء الفارغ، أي مكمل المادة أو حيث لا تكون المادة، حيث يجادل إبيقور بأن الفضاء عبارة عن مصفوفة مستمرة تمتد بشكل موحد في جميع أنحاء الكون، وهي إما مشغولة بالمادة أو فارغة، في مخطط إبيقور العريض الذي ورثه من الذريين الأوائل، وقبل كل شيء ديموقريطس.

لكن نسخة ديموقريطوس كانت موضع إنتقادات من قبل المفكرين اللاحقين وخاصة من قبل أرسطو، وورد ذلك جزئياً بسبب عدم الترابط في فكرة الفراغ اللامتناهي، وللمشاكل المرتبطة بفكرته عن الحدود الدنيا، أو الكيانات ذات الحجم الأصغر الذي يمكن تصوره.

فأولاً الكيانات القائمة بذاتها ذات الحجم الأدنى لا يمكن أن يكون لها حواف، وبالتالي لا توجد أشكال، أو بالأحرى ستكون كلها حافة، وبالتالي إذا تم لمس حدين أدنى فسوف يتداخلان بالكامل، وعلاوة على ذلك إذا كانت الذرات حقًا غير قابلة للتجزئة من الناحية المفاهيمية، وليست فقط غير قابلة للتقسيم جسديًا، فعندئذ عندما تمر ذرتان من المستحيل بالنسبة لبعضهم البعض أن يكونوا في أي وقت قد تجاوزوا جزئيًا فقط، لأن هذا قد يعني وجود نقطة في منتصف الطريق على طول الذرة، مما يتناقض مع فرضية أنها الحد الأدنى.

كانت المشكلة بالنسبة لإبيقور هي إيجاد طريقة لشرح الظواهر الطبيعية للحركة الجسدية، بالإضافة للتحديات التي فرضتها انتقادات أرسطو لنظرية ديموقريطوس.

الإبيقورية والأخلاق:

وصف إبيقور الفلسفة بأنها -فن إسعاد الحياة-، ويقول إنّ التعقّل هو أنبل جزء من الفلسفة، فيبدو أنّ فلسفته الطبيعية ونظريته المعرفية قد تم تبنيها من أجل نظريته في الحياة، وبناءً على إبيقور أنّ السعادة الشخصية، والسعادة لا يقصد بها حالة الرفاهية والكمال التي يصاحب الوعي بها اللذة، بل يقصد بها المتعة نفسها، وعلاوة على ذلك فإن هذه المتعة حسية، لأنها لا يمكن بلوغها إلا في هذه الحياة.

فيما يلي سبعة مبادئ أخلاقية أساسية للأبيقورية ، تدور حول كيف يجب أن يعيش الفرد؟ ما هو هدف العيش؟ كيف يجب أن نتابع هذا الهدف؟

سبعة مبادئ أخلاقية أساسية للأبيقورية:

  1. حتى لو لم تكن قادرًا على التخلص من كل الألم والقلق، فإن الحياة الممتعة ممكنة، فيستمر الألم الشديد بشكل عام لفترة قصيرة، وحتى أنه يستمر لفترة طويلة فهو خفيف بشكل عام، وهذا يعني أنه في الأوقات الصعبة يجب على المرء أن يتحلى بالصبر، لأن معظم الأشياء السيئة تمر.
  2. لا توجد لذة سيئة في حد ذاتها، لكن بعض الملذات تجلب الألم أكثر مما تبرره اللذة، فلا ينبغي السعي وراء متعة واحدة إلى الحد الذي تستهلك فيه حياتنا، لأنه إذا فعل ذلك الفرد فلن يكون هناك أي مجال لأي ملذات أخرى، هذا يعني الاعتدال في كل شيء.
  3. مصطلح الفضيلة هو ببساطة الإسم الذي نطلقه على الأدوات الضرورية التي يمكن من خلالها تحقيق حياة ممتعة، فلا يمكن أنّ يعيش الفرد بشكل ممتع بدون هذه الأدوات، ولا يمكن إستخدام هذه الأدوات بشكل صحيح دون العيش بشكل ممتع.
  4. يمكن للبشر أن يعيشوا بحكمة وأن يسعوا وراء المتعة بذكاء لأنهم عملاء أحرار وأفعالهم لا تحددها القوة الخارجية بالكامل.
  5. إذا عاش الفرد بحكمة، فسيرى أنّ أهم أداة لديه للسعادة والأمان هي الصداقة مع أشخاص من نفس التفكير والموقف والولاء.
  6. الأساس الحقيقي الوحيد للعدالة هو الاتفاق المتبادل للمنفعة بين الكائنات الذكية، على عدم إلحاق الضرر أو تلقيه من الآخر، وهذا يعني التركيز على التسوية والاتفاق عند الضرورة، وراحة البال وتجنب العداوة الغير الضرورية والتوتر الذي تسببه هذه العداوة.
  7. بينما لا يوجد شيء مثل العدالة المطلقة أو العالمية أو الظلم، فإن العدالة التي يمكن للفرد التمتع بها تقوم على اتفاقيات المنفعة المتبادلة، وهذا يعني أنّ العلاقات تتغير بمرور الوقت وتصبح أقل فائدة للطرفين فلا يمكن اعتبارها عادلة.

إبيقور والمتعة:

بالنسبة لإبيقور ترتبط المتعة ارتباطًا وثيقًا بإشباع رغبات المرء، إنه يميز بين نوعين مختلفين من المتعة وهما ملذات -المتحركة- والملذات -الثابتة-، تحدث متعة المتحركة عندما يكون المرء في طور إشباع الرغبة، فعلى سبيل المثال تناول الطعام عندما يكون الفرد جائعاً، تتضمن هذه الملذات دغدغة نشطة للحواس، وهذه المشاعر هي ما يسميه معظم الناس المتعة.

ومع ذلك يقول إبيقور أنه بعد إشباع رغبات الفرد، أي يصبح في حالة الشبع، فلم يعد في حاجة أو عوز، فيصبح هو نفسه ممتع، ويسمي إبيقور هذا متعة ثابتة، ويقول إن هذه الملذات الثابتة هي أفضل الملذات.


شارك المقالة: