الفلسفة الاسكتلندية

اقرأ في هذا المقال


حركة التنوير الفلسفي الاسكتلندي، وهي اقتران العقول والأفكار والمنشورات في اسكتلندا خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر بأكمله وتمتد على مدى عدة عقود على جانبي تلك الفترة، حيث أشار المعاصرون إلى إدنبرة على أنّها (مرتع العبقرية)، كما كتب فولتير في عام 1762 بطريقة استفزازية مميزة أنّه: “اليوم من اسكتلندا نحصل على قواعد الذوق في جميع الفنون من الشعر الملحمي إلى البستنة”.

الشخصيات البارزة في الفلسفة الاسكتلندية:

من أبرز الشخصيات الأساسية في الماضي الفيلسوفان ديفيد هيوم وآدم سميث، اللذان يقابلهما في ذلك الوقت توماس ريد ودوجالد ستيوارت، ومع ذلك لم يكن التنوير الاسكتلندي مدرسة واحدة للفكر الفلسفي ولا حركة فكرية واحدة، وكن الحركة كانت حركة أفكار ونزاع على تلك الأفكار.

الرجال الذين طوروا هذه الأفكار وعارضوها أثناء لقائهم في المجتمعات وتناولوا الطعام والشراب في حانات البلدة القديمة في إدنبرة خلقوا زخمًا على عدة جبهات، ولقد كانت:

1- حركة ذوق في العمارة لروبرت آدم وشقيقه جيمس تبعه في الوقت المناسب ويليام بلايفير.

2- حركة ذوق في الأدب وآداب الحسناء لهيو بلير صاحب أول كرسي بلاغة في جامعة إدنبرة، والشعراء جيمس طومسون وألان رامزي وروبرت بيرنز الذي لا يُضاهى، وكذلك الكاتب المسرحي جون هوم.

3- حركة في الفنون لا سيما في فن البورتريه لفناني البورتريه ألان رامزي وهنري رايبورن والشمع المصغر ولصق البورتريه جيمس تاسي وابن أخيه ويليام تاسي وجون هينينج.

وعلى نفس القدر من الأهمية كان أولئك الذين أحدثوا تأثيرات دائمة وتكوينية على:

1- كولين ماكلورين: تطوير علوم الرياضيات.

2- ويليام كولين: تطوير الطب.

3- جوزيف بلاك: تطوير الكيمياء.

4- جيمس وات وتوماس تيلفورد: تطوير الهندسة.

5- جيمس هوتون: تطوير الجيولوجيا.

السياق الفلسفي:

كانت التطورات في الفلسفة أساس وتحفيز النشاط في جميع هذه المجالات، والتي على الرغم من أنّها لا تحدد مدرسة واحدة إلّا أنّها وضعت سياقًا للمساعي الفكرية التي كانت جزءًا لا يتجزأ من التنوير الاسكتلندي، وكان لهذه التطورات أربع خصائص رئيسية:

1- الأول كان التشكيك في الأشكال المختلفة للعقلانية وحول محاولات مفكرين مثل رينيه ديكارت وجوتفريد فيلهلم ليبنيز لإيجاد طريقة واحدة أو مجموعة من قواعد العقلانية يمكن من خلالها استنتاج كل الحقائق.

2- الثاني هو المكانة المركزية التي أُعطيت لما دلت عليه مصطلحات العاطفة والحس، كما في التعبير التقني (الحس الأخلاقي)، الذي كان في صميم مدرسة الحس الأخلاقي التي أسسها إيرل شافتسبري الثالث، كما في الاسم الذي يطلق على فلسفة الفطرة السليمة التي ظهرت في اسكتلندا في القرن الثامن عشر.

3- كان الثالث هو الدافع نحو الأساليب التجريبية للبحث.

4- الرابع هو الذي يعتمد على كل هذه، وحصل على مكانة بارزة في عنوان كتابات هيوم الأولى والأكثر أهمية في النهاية وهو: مقال عن الطبيعة البشرية للأعوام 1739-1740، حيث كان حلم هيوم الذي شاركه الآخرون هو استبدال النداء إلى أشكال العقلانية كوسيلة للتمييز بين المعتقدات الحقيقية والكاذبة من خلال تطوير علم الطبيعة البشرية.

في هذا الوقت في اسكتلندا سطّر ألكسندر بوب: “الدراسة الصحيحة للبشرية هو الإنسان” في مقال عن الإنسان للأعوام 1733-1734، ليبلور الطريقة التي ظهر بها الكثير من الاستفسارات الفكرية والتعبير الفني، ومع ذلك قد يؤدي هذا إلى التركيز الذي يعتمد أكثر من اللازم على الفرد البشري.

وكإجراء تصحيحي فإنّ قوة دراسة تاريخ وطبيعة المجتمع البشري (هيوم وسميث وويليام روبرتسون وآدم فيرغسون)، والدراسة التفصيلية للعالم الطبيعي وقدرة البشر على التلاعب به (بلاك وكولين ووات وهوتون).

الأصول والنشاط في إدنبرة:

هناك من يحدد أنّ عصر التنوير الاسكتلندي بدأ في عام 1740، على الرغم من أنّ هذا لم يأخذ في الاعتبار تاريخ نشر أحد أهم كتابين من تلك الفترة وهما أطروحة هيوم حول الطبيعة البشرية، والتي جاءت نتاج العمالة المؤلمة في فرنسا في ثلاثينيات القرن الثامن عشر، ونُشر أول مجلدين في عام 1739، قبل 37 عامًا من العمل العظيم الآخر لعصر التنوير سميث ثروة الأمم ( The Wealth of Nations).

كان أيضًا أول عمل رئيسي لفرانسيس هتشسون مؤثرًا للغاية، وهو تحقيق في أصل أفكارنا عن الجمال والفضيلة عام 1725، حيث كان هتشسون الأستاذ في جامعة غلاسكو مصدرًا رئيسيًا للإلهام لتلميذه سميث وكذلك لخلفه الأستاذ توماس ريد.

كان التركيز الأساسي لنشاط التنوير الاسكتلندي مع ذلك هو مدينة إدنبرة ثم أُغلقت في البداية، حيث تتشبث الأجنحة وسلالم المساكن بصخور البلدة القديمة وبعد ذلك بالنسب الكلاسيكية للمدينة الجديدة، والتي تظل أوضح تعبير معماري وإرث مادي للتخمير الفكري لتلك الفترة، وقد كانت طاقة العقل التي تم العثور عليها هناك مذهلة، ولكنها كانت بالفعل جزءًا من ظاهرة اسكتلندية أوسع ليس أقلها في غلاسكو وأبردين.

صقل رجال إدنبرة المثيرين للجدل الذين أشار إليهم فرانكلين مهاراتهم بعدة طرق، حيث فوق طاولات الطعام وفي الحانات التي تجمعوا فيها، وفي العديد من الأوراق والكتب المطبوعة، وفي المجتمعات العلمية التي تضاءلت ونقصت في ذلك الوقت.

كانت المجتمعات متنوعة فضوليًا وفي تحسن فكريًا، فقد تضمنت على سبيل المثال الجمعية المحترمة لتحسين معرفة الزراعة في اسكتلندا التي نشطت عام 1723، وجمعية تحسين المعرفة الطبية التي تأسست عام 1731 مع جمعية طلابية موازية تأسست في عام 1734.

كما ظهر المجلد الأول من الأوراق المنشورة من جمعية تحسين المعرفة الطبية في عام 1733 كمقالات وملاحظات طبية، وأكثر تحديدًا للتنوير الاسكتلندي كانت أنشطة جمعية إدنبرة الفلسفية لتحسين الفنون والعلوم والمعرفة الطبيعية على وجه الخصوص، وقد تم توضيح مجموعة الموضوعات والمسؤولين والمساهمين بشكل جيد في المجلدات الثلاثة من المقالات والملاحظات المادية والأدبية والمنشورة بشكل متقطع من عام 1754.

هنري هوم الذي ساعد لاحقًا اللورد كاميس والذي ساعد في تنشيط المجتمع، بدأ أولى هذه الأوراق المنشورة (عن قوانين الحركة) بطريقة تقدم بيانًا شبيهًا ببيان لأنشطة المجتمع وأوضح: “لا شيء أكثر حيرة من الفلسفة من نزعة غير محظوظة، مما يجعلنا ندرك المبادئ دون إيلاء الاعتبار الواجب للحقائق والتجارب”، ومع ذلك بعد صفحة واحدة يضيف فكرة تكميلية: “الحقائق والتجارب أخشاب غير مجدية إذا لم نرغب في التفكير فيها أو استخلاص أي عواقب منها”.

تشمل الأوراق الأخرى التي تم جمعها للجمعية العديد من المقالات التي تستند إلى التشريح الجسدي لجسم الإنسان، وهي تتضمن أيضًا تقريرًا آخر بتاريخ 22 ديسمبر 1755 حيث يعطي وصفًا لاضطراب مياه بحيرة لوخ نيس في الأول من نوفمبر 1755، وذلك عندما دمر زلزال مدينة لشبونة، وأرسلت قطعة من فرانكلين برسالة إلى هيوم حول طريقة تأمين المنازل من آثار الصواعق، بالإضافة إلى الارتباط مع فرانكلين أظهر المجتمع تطلعاته إلى مكان في السماكة الدولية من خلال انتخاب فولتير عضوًا أجنبيًا في منتصف أربعينيات القرن الثامن عشر.

إنّ تنوع النشاط الفكري واضح وكذلك التركيز على الأساليب التجريبية وتطبيق مثل هذا التعلم مثل (المعرفة المفيدة)، وكان لهذا التعبير رواج في كل من الجمعية الفلسفية الأمريكية، التي تأسست عام 1743 بحماسة فرانكلين، والجمعية الملكية في إدنبرة التي تأسست عام 1783 عندما تم حل جمعية إدنبرة الفلسفية لإفساح المجال لذلك.

لم يكن هذا الطموح والمشاركة في تقدم التعلم مقصورًا بأي حال من الأحوال على إدنبرة، وحتى في اسكتلندا كانت المجتمعات المماثلة موجودة في غلاسكو وأبردين، ولكن شدة الاشتباك في إدنبرة بالإضافة إلى عبقرية كانت النتيجة مميزة تمامًا.


شارك المقالة: