بالرغم من قدمها كفلسفة إلّا أنها تتمتع بشعبية كبيرة بين الأوساط للمفكرين في الوقت الحاضر، فقد تم إعادة إكتشافها والبحث في نظرياتهاكفلسفةلتطوير الذات، فهي تقوم على أساس التحكم بالذات، وعدم الالتفات والانشغال بالعواطف، فيقال فلان شخص رواقي أي أنه شخص يتمتع بالهدوء ومسيطر على انفعالاته ، فلا يكشف للآخرين ما يكنه من مشاعر بكاء أو ضحك أو غيرها من المشاعر التي تخالجه، فهو قليل التأثر بما يدور حوله بالحياة من مواقف، ويتوافق مع كل شيء.
تاريخ الفلسفة الرواقية:
هو تيار فلسفي متفرع من الهلّينية، ظهرت في القرن الثالث ما قبل الميلاد في أثنيا على يد الفيلسوفزينون القبرصي، وقد أطلق عليهم بالرواقيون لأنهم كانوا يقيمون اجتماعاتهم في الأروقة في أثينا، ويمكن القول بأنه بشكل عام ينقسم التاريخ الفلسفي للرواقيين لثلاثة أقسام:
- الرواقية القديمة: وظهرت في القرن الثالث لما قبل الميلاد، ومؤسسها زينون القبرصي 336 قبل الميلاد – 264 ما قبل الميلاد، وقد تتلمذ زينون على يد كلينتوس والذي توفي في عام 232 ما قبل الميلاد، وكريسبوس الذي ولد عام 282 ما قبل الميلاد وتوفي في عام 208 ما قبل الميلاد، فقد أعطى النظام الكلاسيكي إحكامه الشديد، فذكر في بيت شعري قديم: ” بدون كريسبوس لا وجود للرواقية.”
- الرواقية الوسيطة: وفي هذه الفترة التي كانت في القرنين الثاني والأول لما قبل الميلاد، نقل التراث الرواقي إلى روما على يد روادها باناسيوس – 180 ق.م – 110 ق.م – وبوسيدونيوس – 135 ق.م – 51 ق.م -، حيث كان لهما دوراً كبيراً في الحد والتخفيف من حدة وقساوة الرواقية في الجانب الأخلاقي.
- الرواقية المتأخرة: أهم موضوعات هذه الفترة هي في التحكم والسيطرة على الحياة والقضايا الأخلاقية، والتي لاقت الرواقية شعبية في المجتمع، ومن أبرز روادها سينيكا – 4 ق.م – 65 ق.م -، وإبكتيت المعتوق – 50 ق.م – 138 ق.م -، والقيصر مارك أوريلوس -121 ق.م – 180 ق.م -.
فكر المدرسة الرواقية:
الرواقية هي فلسفة أخلاقية شخصية، مشتقة من نظامها المنطقي وانعكاسها على الطبيعة، فهي فلسفة طبيعية قهرية تؤمن بوحدة الوجود، وتؤمن بأن هدف الفكر ليس السعادة، وأن السعادة مجرد شعور عرضي يتحقق مع إدراك الفكر الحقيقة، فالطريق إلى السعادة وتحقيقيها كما يعتقدون هو احتضان الحاضر، وكبح جماح العقل من الاستسلام للألم، وإقناع العقل بفهم العالم وتلبية احتياجات الطبيعة.
يدعو الرواقيون إلى الانسجام مع الطبيعة وتحمل المعاناة واعتماد الفضيلة بكونها مشيئة الله، وتوجهت الفلسفة الرواقية إلى هذا الانسجام كأساس لفهم جوهر الأمور وكوسيلة للتخلص من المشاكل التي تسببها المشاعر.