أهم نظريات ومبادئ الفلسفة السفسطائية

اقرأ في هذا المقال


“إنا لنعتقد يا أنتيفون أن في وسعنا أن نتصرف في الجمال أو في الحكمة تصرفاً شريفاً أو غير شريف، فالشخص إذا باع جماله بالمال إلى كل راغب في شرائه، سماه الناس “عاهراً” ذكراً، أما إذا صادق إنسان شخصاً يعرف أنه إنسان شريف جليل القدر يعجب به حسبناه رجلاً فطناً حصيفاً. والذين يبيعون الحكمة بالمال لكل من يتقدم لشرائها يسميهم الناس سوفسطائيين أو عاهري الحكمة إذا صح هذا التعبير. أما من يصاحب شخصاً يعرف أنه جدير بصحبته، ويعلمه كل ما يعرف من الخير فإنا نصفه بأنه يضطلع بالعمل الذي يليق بالمواطن الشريف.”

ما قاله سقراط في مهاجمة المذهب السفسطائي

أهم النظريات والأفكار الفلسفية السفسطائية:

على الرغم من أن السفسطائية اختبار فلسفي، لأنها زورت المفاهيم الفلسفية واستخدمت التربية الفلسفية لكسب المال، إلا أنها أفادت المجتمع لأنها أثارت الرغبة في المعرفة في نفوس الشباب، ولا بد من الذكر أنّ الفلسفة السفسطائية هي فلسفة نسبية أي أنها تتغير بحسب المكان والزمان وهذا سوف نراه جلياً في فلسفتهم ونظرياتهم.

فلسفة نظرية الأخلاق لدى السفسطائيون:

يعتقد السفسطائيون أن القيم الأخلاقية ليست مستمدة من الطبيعة، بل تعتمد على الإجماع، لذا فإن فعاليتها تختلف باختلاف الزمان والمكان، لذلك فهي تعتبر تقدير ذاتي، فما يمكن أن يكون خيراً بالنسبة لنا يمكن أن يكون شراً لغيرنا، وما قد يكون ممنوعًا في ثقافة ما أو دين ما، ففي ثقافة أخرى قد يكون قانونيًا، وبحسب وجهة نظرهم فإنه ليس العقل هو مصدر الأخلاق، بل الحواس كطريقة لإشباع الرغبات والحاجات الحسية من مثل الطعام والشراب، وليس طريقة لإشباع الروح والرغبات العقلية.

فلسفة نظرية المعرفة لدى السفسطائيون:

” إن الإنسان يستطيع أن يقول شيئين متعارضين بالنسبة إلى شيء واحد”

بروتاغوراس زعيم الفلسفة السفسطائية

وهنا نرى استمراراً لمفهوم النسبية التي تتغير للمكان والزمان والأشخاص، وهذا يوصلنا في النهاية دلالة على عدم وجود حالة موضوعية، فهذا ما جعل بروتاغورس يضع الإنسان كمقياس فهو من يقدّم قيمة للمعرفة والحقيقة، وليس المعرفة والحقيقة هي من تقّدم القيمة للإنسان، وهذا هو ما تمحورت عليه أسس الفكر السفسطائي، وتعد الحواس هي الطريقة التي يتم فيها الوصول للمعرفة بالعالم الخارجي، ولا ننسى أنها حقيقة ذاتية، أي ما تره أنت حقيقة يراه آخر عكس ذلك.

القانون وفلسفة السفسطائيون:

“إنّ القانون يسحق البشر ويلزمهم على القبول بأمور كثيرة تخالف طبيعتهم.”

من أقوال هيبياس في حوارات أفلاطون

نتيجة القوانين التي سادت في اليونان في ذلك الوقت، أجبر السفسطائيون على التفكير بقوانين ذات طابع طبيعي أي لا تخالف القانون الإلهي، فالقانون يوضع ليكون متوافقاً ومصالح المشرّع فيلقى قبولاً لدى أغلب الأفراد، وليس بقوانين تجبر الأفراد على تقبّل ما هو خارج وبعيد عن طبيعتهم الإنسانية.

واختلفت آراء الفلاسفة السفسطائين اتجاه نظرتهم للقانون فمنهم من رآه كأداة ووسيلة يستخدمها الأقوياء للسيطرة على الضعفاء، وهذا ما رآه الفيلسوف تراسيماخوس، بينما رأى الفيلسوف والمفكر والشاعر السفسطائي كاليكلاس، بأن القانون ما هو إلا وسيلة يقام بها العدل بين الأفراد لا فرق بين قوي وضعيف فهو سد منيع وملجأ لجميع الأفراد باختلاف طبقاتهم الاجتماعية.

الدين وفلسفة السفسطائيون:

كما القانون فإنّ الدين يتشابهون من حيث أنه من صنع الإنسان، كما وضّح الفيلسوف كريتياس، فهو يرى أنّ الآلهة هو اختراع بشري للتخلص من العنف البشري والخوف والجهل، لذلك من الضروري اختراع ما هو إلهي، لتوحيد آراء الناس حول القانون، بمعنى أنّ الدين في وجهة نظر السفسطائيين تقوم على أساس الإمساك بزمام المشاعر للأفراد سراً وعلانية بالإضافة للإستعانة بالقانون، وهذا ما عبّر عنه الفيلسوف كريتياس بقوله:

“كما أن القوانين تمنع الناس من العنف بشكل مكشوف، من هنا قد يكون اقتراف الإثم سريا، ولذا يخيل لي أن ثمة إنسانا ماكرا قد أوجد خوف الإنسان من الآلهة بحيث إذا أقترف أحدهم إثما أو ارتكب خطأ بالقول أو بالفعل يخاف حتى وإن كان فعله سريا.”


فلسفة الجمال والفن لدى السفسطائيون:


ينطبق على مفهوم الجمال ما ينطبق على مفاهيم الأخلاق والمعرفة، فهو مفهوم ذو طابع نسبي وذاتي، فمصدره الذات البشرية ويختلف بنسبيته باختلاف المكان والزمان، بينما الفن فيعد ظاهرة من صنع الإنسان، ومرجعية القيمة الجمالية والفنية هي إجماع الناس في الزمان والمكان.

وبخلاف الديانات الشرقية التي تؤمن بوجود إله للجمال، فإن الفلاسفة السفسطائيون يرون أنّ الجمال والفن لا يمكن أن يكونو من عمل مقدّس أو إله، فالفن ليس هدية من إله مقدسة أو موهبة ربانية، بل هو عبارة عن سلوك بشري أي إنساني يأتي عن طريق مهارات يتعلمها ويكتسبها الفرد من خلال التجربة والتعلم والخبرة.


شارك المقالة: