اقرأ في هذا المقال
- فلسفة الشك لدى أفلاطون في كتابه الاعتذار
- فلسفة الشك لدى أفلاطون في كتابه Meno
- فلسفة الشك لدى أفلاطون الميتافيزيقية
يتعامل المتشككون من بينهم بيرو وتيمون وأركسيلوس وكارنيديس وأنيسيديموس وسكستوس إمبيريكوس مع فلسفة ما قبل سقراط وسقراط والنسبية البروتاجورية وأفلاطون وربما أرسطو، ولكن محاوريهم المعاصرين والرئيسيين هم الأبيقوريون والرواقيون والمتشائمون والمنطقيون الميجاريون.
فلسفة الشك لدى أفلاطون في كتابه الاعتذار:
يحاول أفلاطون حل اللغز سقراط بروايته التي حملت عنوان اعتذار، فيقول دلفيك أوراكل أنّه لا يوجد أحد أكثر حكمة من سقراط ولكن سقراط لا يعتقد أنّه حكيم، ووفقًا لذلك يجب أن يكتشف كيف يتوافق كلاهما مع بعضهما البعض.
ومن أجل القيام بذلك يتحدث سقراط إلى مجموعات مختلفة من الخبراء في أثينا من السياسيين والشعراء والحرفيين، وكما اتضح جميعهم يعتقدون أنّهم يعرفون شيئًا عن الأشياء العظيمة والمهمة، ولكن في الواقع يبدو واضحًا لسقراط أنّهم لا يعرفون، وعندما يُسألون لا يمكنهم تقديم أسباب للاعتقاد بأنّ الأشياء التي يزعمون أنّهم يعرفون أنّها مرضية من الناحية المنطقية.
يعرف سقراط أنّه لا يعرف عن هذه الأمور الأكثر أهمية، ويبدو أنّ محاوريه لا يعرفون أنّهم يفتقرون إلى هذه المعرفة، وفي هذا الصدد يعتبر سقراط أكثر حكمة من أي شخص آخر لديه أي سمعة عامة في الحكمة، وأثناء سرد محادثاته مع الآخرين قال سقراط شيئًا غامضًا: “عن نفسي كنت أعرف أنني لا أعرف شيئًا” فيسمح لنا سياق الحوار بقراءة هذا التصريح على أنّه غير إشكالي، ويعرف سقراط أنّه لا يعرف أشياء مهمة، وبتفسيره بهذه الطريقة لا يبدو أنّ سقراط متشكك بمعنى أنّه سيعلن أنّه لا يعرف شيئًا.
على الرغم من أنّ بعض القراء (القدامى والحديثين) وجدوا مثل هذا التصريح المتطرف في الاعتذار، فإنّ القراءة الأكثر منطقية تشير إلى أنّ سقراط يدافع عن أهمية الفحص النقدي لآراء المرء وآراء الآخرين في الأمور المهمة على وجه التحديد لأنّ المرء لا يعرف عنها، وهذا الفحص هو الطريقة الوحيدة لمعرفة ذلك.
يلهم التزام سقراط بالعقل -الفحص باعتباره وسيلة لمعرفة- شكوك الأكاديمية الهلنستية، ويفترض أنّه لا بد أن يعيش المرء حياته بناءً على معتقداته، ولذلك يجب على المرء أن يفحص معتقدات المرء ويتخلى عن تلك التي يعتبرها خاطئة، ويجب على المرء أن يفعل ذلك لأنّه بخلاف ذلك قد يعيش حياة سيئة، فاستجواب سقراط متجذر في الاهتمام بالحياة الجيدة وبقدر ما هو، وقد يعتقد المرء أنّ الجذور السقراطية للشك القديم يقود المرء نحو نوع من الشك الأخلاقي المحدود بالكامل.
ومع ذلك لا تقتصر اختبارات سقراط على أسئلة القيمة، في حين أنّ الأسئلة الأخلاقية قد تكون نقطة البداية فإنّها تؤدي على الفور إلى أسئلة حول الروح والآلهة والمعرفة وما إلى ذلك، وبالنسبة لسقراط وأتباعه الهلنستيين لا يمكن عزل أسئلة القيمة عن أسئلة علم النفس والفيزياء ونظرية المعرفة.
فلسفة الشك لدى أفلاطون في كتابه Meno:
يبدأ مسار آخر من الفكر المتشكك بأسئلة حول طبيعة البحث الفلسفي، وفي كتابه (Meno) يصوغ أفلاطون لغزًا مشهورًا، وكيف يكون التحقيق ممكنا؟ فلا يمكننا التحقيق في ما نعرفه أو ما لا نعرفه، ففي الحالة الأولى ليست هناك حاجة للتحقيق، وإلى جانب ذلك إذا كنا نعلم حقًا أننا بالفعل نضع في اعتبارنا كل ما يمكن أن يكشفه لنا التحقيق بشأن هذه المسألة، وفي الحالة الأخيرة لن نعرف ما الذي نبحث عنه ولن نتعرف عليه إذا وجدناه، لذلك ليس هناك مجال للتحقيق في أي شيء، ويسمي سقراط هذه الحجة الإيرستية وبالتالي لفت الانتباه إلى حقيقة أنّ هذا لغز طرحه السفسطائيون.
يصعب تقييم حلول أفلاطون لهذا اللغز ويقول أحد المقترحات (هذا هو الاقتراح الذي قدمه سقراط نفسه على الفور) التعلم هو التذكر، فنحن نعلم بالفعل ولكن بطريقة ضمنية فقط ما يتطلبه التحقيق حتى نعرفه بشكل صريح، وهذه هي نظرية أناميسيس الشهيرة وتقول حجة أخرى إذا تخلينا عن التحقيق سنكون كسالى.
يمكن القول إنّ الحل الثالث للأحجية هو أنّ أحد مقدماته خاطئ، فليس الأمر أننا بالنسبة لكل شيء إما نعرفه أو نجهله تمامًا، وبدلاً من ذلك هناك حالة ثالثة وهي الإيمان، ويمكن أن يبدأ التحقيق من المعتقدات، ويستكشف في (Meno) مزيجًا من هذه الحلول، ويطور أفلاطون ما يسميه طريقة افتراضية بمعنى أنّ المحاورين يبدأون من معتقداتهم ولكنهم لا يؤيدونها، فلقد وضعوها كفرضيات واستخدموا هذه الفرضيات في التحقيق
فلسفة الشك لدى أفلاطون الميتافيزيقية:
يناقش أفلاطون ويعيد صياغة العديد من الاعتبارات الميتافيزيقية التي تدعم الحدس الأولي المتشكك والشك المبكر، وتنتشر المقاطع ذات الصلة على عدد من الحوارات من بينها المقاطع في فيدو والجمهورية وتيتيتوس وتيماوس، وفي هذه الحوارات يطور أفلاطون بعضًا من أفكاره الميتافيزيقية، كما أنّه يتعامل بشكل نقدي مع النظريات الميتافيزيقية التي لم يتبناها في النهاية.
ومع ذلك من أجل استكشاف هذه النظريات قام بصياغتها بالتفصيل وغالبًا ما يستدعي سلفًا ما قبل سقراط كمؤيد لفكرة معينة، وتعد هذه المناقشات مصدر إلهام كبير للمشككين البيرونيين الذين يهتمون بما يمكن تسميته ميتافيزيقيا عدم التحديد.
في مقارنة النماذج مع العالم الملموس يناقش أفلاطون الخصائص، وتقود حجج أفلاطون إلى التساؤل عما:
1- إذا كان من الممكن تصور أنّ جميع تنبؤاتنا بهذا المعنى الخاص نسبية.
2- إذا كان هذا هو الحال فقد يزعج بشكل أساسي مفهومنا للعالم على أنّه مزود بأشياء لها خصائص، ومثل هذه الاعتبارات تؤدي إلى فكرة أخرى عن الخصائص في عالم الإدراك الحسي
3- إذا كان السياج منخفضًا وعاليًا وكانت السحابة ساطعة ومظلمة والمزهرية جميلة وقبيحة وما إلى ذلك، فيبدو أنّ الأشياء الإدراكية ربما بشكل عام هي (F) وليس (F)، وفقط شكل (F) هو (F) (على سبيل المثال الجميل فقط هو الجميل).
في حين أنّه من الصعب تفسير المقاطع ذات الصلة فمن الواضح بشكل كافٍ أي خط فكري سيؤثر على المتشككين اللاحقين، وينخرط المشككون في فكرة أنّه إذا ظهر شيء ما على أنّه (F) وليس (F)، فهو ليس حقًا (أو بطبيعته) إما (F) أو ليس (F).
في كتاب تيماوس يجادل أفلاطون بأنّ سردًا للعالم الطبيعي لا يمكن إلا أنّ يكون (مرجحًا) بـ: إنّه شعارات (eikôs)، وبشكل عام الفكرة هنا هي أنّ بعض التفسيرات تجعل التنظير عنها لا يفعل أكثر من عكس طبيعتها والناقصة نسبيًا، وهذه الفكرة لها أسلاف في كزينوفانيس وبارمينيدس وتلعب دورًا حاسمًا في تيماوس، ويستخدم المتشككون الأكاديميون مفاهيم مختلفة عن المعقول والمقنع وبالتالي تطوير هذا التقليد، وإن لم يعد مع افتراض أنّ المجالات المختلفة تتطلب أنواعًا مختلفة من التنظير.
في كتابه ثياتيتوس يستكشف أفلاطون نوع النسبية الثقافية التي ترتبط ببعض السفسطائيين، وفي فحصه تمتد النسبية على الفور إلى نظرية عامة لا تقتصر على مجال القيم، وينسب سقراط (بصفته المتحدث الرئيسي في الحوار) النسبية إلى بروتاغوراس المشهور بقوله أنّ: “الإنسان هو المقياس”، وأعاد سقراط صياغة هذا الادعاء على النحو التالي: “ما يبدو أنّ (A) صحيح بالنسبة لـ(A)، وما يبدو لـ(B) صحيح بالنسبة لـ (B)”.
وفقًا لهذه الفرضية يجادل سقراط بأنّه لا توجد طريقة عقلانية لتفضيل تصوراتنا عندما نكون مستيقظين على تصوراتنا أثناء النوم أو بشكل مشابه لتفضيل الإدراك الرصين على التصورات المشوشة أو المخمورة، ففي كل دولة تصوراتنا صحيحة بالنسبة لنا، ويحلل سقراط النسبية في عدة خطوات مشيرًا إلى مضامين راديكالية أكثر من أي وقت مضى، وعلى طول الطريق يتصور ميتافيزيقا معتدلة من التدفق حيث لا تمتلك الأشياء خصائص ثابتة.
لكنه يشير في النهاية إلى أنّ النسبية ملتزمة بميتافيزيقيا تنقيحية أكثر حدة أي تدفق جذري، ولكي يكون من الممكن أن يكون ما يبدو لـ(A) صحيحًا بالنسبة لـ(A)، وما يبدو لـ(B) صحيحًا لـ(B)، لا يمكن أن يكون هناك عالم مستقر يشير إليه كل من (A) و(B)، وبدلا من ذلك: “كل شيء هو حركة”، ويستخدم المشككون نسخًا من بعض الحجج في ثياتيتوس دون الوصول إلى استنتاجات نسبية.
من الناحية التخطيطية يقول النسبي إنّه إذا كانت (X) هي (F) لـ(A)، و(F) * لـ(B) فإنّ (X) هي (F) مقابل (A) و(F) * مقابل (B)، وتتفاعل الشكوك البيرونية للمتغير الموجود في سكستوس من خلال التحقيق المستمر فيما إذا كانت (X) هي (F) أو (F) * (أو كلاهما أو لا أحدهما).