اقرأ في هذا المقال
تم إدخال مصطلح الجمالية في المعجم الفلسفي خلال القرن الثامن عشر، لتعيين من بين أشياء أخرى وهي نوعًا من الأشياء ونوعًا من الحكم ونوعًا من المواقف ونوعًا من الخبرة ونوعًا ذات قيمة، فبالنسبة للجزء الأكبر انقسمت النظريات الجمالية حول أسئلة خاصة بواحد أو آخر من هذه التعيينات وهي:
1- ما إذا كانت الأعمال الفنية هي بالضرورة أشياء جمالية.
2- كيفية مواءمة الأساس الإدراكي المزعوم للأحكام الجمالية مع حقيقة أننا نقدم أسبابًا لدعمها.
3- كذلك أفضل طريقة لالتقاط التناقض المراوغ بين الموقف الجمالي والموقف العملي.
4- ما إذا كان سيتم تحديد التجربة الجمالية وفقًا لمحتواها الظاهري أو التمثيلي.
5- أفضل السبل لفهم العلاقة بين القيمة الجمالية والتجربة الجمالية.
ولكن ظهرت مؤخرًا أسئلة ذات طبيعة أكثر عمومية والتي تميل إلى أن يكون لها طاقم متشكك وهي:
1- ما إذا كان أي استخدام لمصطلح الجمال يمكن تفسيره دون جذب إلى البعض الآخر.
2- ما إذا كان الاتفاق على أي استخدام كافٍ لإثبات اتفاق أو خلاف نظري ذي معنى.
3- ما إذا كان المصطلح يستجيب في النهاية لأي غرض فلسفي مشروع يبرر إدراجه في المعجم.
ولكن لم تبدأ الشكوك التي عبرت عنها مثل هذه الأسئلة العامة في الترسخ حتى الجزء الأخير من القرن العشرين، وهذه الحقيقة تثير التساؤل عما إذا كان:
أ- مفهوم الجمالية يمثل مشكلة بطبيعتها، ولم يتمكن العلم والمفكرين من تحقيق ذلك إلّا مؤخرًا.
ب- يمكن النظر إليه على أنّه المفهوم الجيد، ولم نشعر إلّا مؤخرًا بالارتباك بما يكفي لنتخيل غير ذلك، والذي يتطلب الفصل بين هذه الاحتمالات أفضلية يمكن الاستفادة منها في التنظير المبكر والمتأخر في الأمور الجمالية.
فلسفة أطروحة عدم الاهتمام واللامبالاة:
إنّ وجهة النظر القائلة في مفهوم الأنانية حول الفضيلة بأنّ الحكم على فعل أو سمة فاضلة يعني الاستمتاع بها لأنّ المرء يعتقد أنّها تخدم بعضًا من اهتماماته، ومثالها المركزي هو وجهة نظر الفيلسوف توماس هوبز التي لا تزال موجودة في عقول أوائل القرن الثامن عشر، وهي: “أنّ الحكم على فعل أو سمة فاضلة يعني الاستمتاع به لأنك تعتقد أنّه يعزز سلامتك”.
ضد أنانية هوبز جادل عدد من الأخلاقيين البريطانيين وأبرزهم شافتسبري وهتشسون وديفيد هيوم، أنّه في حين أنّ الحكم على الفضيلة هو مسألة الاستمتاع بالاستجابة لفعل أو سمة فإنّ المتعة غير مبالية، مما يعني أنّها ليست ذات مصلحة ذاتية.
ذهاب حجة واحدة تقريبًا على النحو التالي، هي إنّ حكمنا على الفضيلة عن طريق الإحساس الفوري باللذة يعني أنّ أحكام الفضيلة هي أحكام على الذوق لا تقل عن أحكام الجمال، ولكن المتعة في الجمال لا تهمنا، فنحن نحكم على الأشياء على أنّها جميلة سواء كنا نعتقد أنّها تخدم مصالحنا أم لا، ولكن إذا كانت المتعة في الجمال غير مبالية، فلا يوجد سبب للاعتقاد بأنّ المتعة في الفضيلة لا يمكن أن تكون كذلك.
إنّ وجهة نظر القرن الثامن عشر القائلة بأنّ أحكام الفضيلة هي أحكام الذوق تسلط الضوء على الاختلاف بين مفهوم الذوق في القرن الثامن عشر ومفهوم المرء للجمال، ولأن المفاهيم الجمالية والأخلاقية بالنسبة للمرء تتعارض مع بعضها البعض بحيث أنّ الحكم الذي يقع تحت أحدهما عادة ما يمنع وقوعه تحت الآخر.
ويعد الفيلسوف إيمانويل كانط هو المسؤول الرئيسي عن إدخال هذا الاختلاف، فلقد جلب الأخلاق والجمال إلى المعارضة من خلال إعادة تفسير ما يمكن أن نسميه أطروحة عدم الاهتمام، وهي الأطروحة القائلة بأنّ المتعة في الجمال غير مبالية.
فوفقًا لكانط فإنّ القول بأنّ المتعة مهمة لا يعني أنّها ذات مصلحة ذاتية بالمعنى الهوبزي (نسبة إلى الفيلسوف توماس هوبز)، بل تعني أنّها تقف في علاقة معينة بملكة الرغبة، حيث إنّ المتعة التي ينطوي عليها الحكم على عمل ما على أنّه جيد أخلاقياً مهتمة لأنّ مثل هذا الحكم يتعلق بالرغبة في إحداث الفعل أي القيام به.
إنّ الحكم على فعل ما على أنّه حسن أو جيد أخلاقيًا هو إدراك أنّ على المرء واجب أداء الفعل، وأن يصبح مدركًا لذلك هو اكتساب الرغبة في القيام به، وعلى النقيض من ذلك فإنّ المتعة التي ينطوي عليها الحكم على شيء ما على أنّه جميل، هي غير مبالية لأنّ مثل هذا الحكم لا يسبب أي رغبة في فعل أي شيء على وجه الخصوص.
إذا كان من الممكن القول بأنّ لدينا واجبًا فيما يتعلق بالأشياء الجميلة، فإنّه يبدو أنّه مرهق في حكمنا على الجمال من الناحية الجمالية، وهذا ما كان يقصده كانط عندما قال: “إنّ حكم الذوق ليس عمليًا بل تأملي فقط”.
الفلسفة اللغوية بين المصطلحان الجمالية والذوق:
من خلال إعادة توجيه فكرة عدم الاهتمام جعل كانط مفهوم الذوق يتعارض مع مفهوم الأخلاق، وهكذا يتماشى إلى حد ما مع المفهوم الحالي للجمالية، ولكن إذا كان المفهوم الكانطي عن الذوق مستمرًا إلى حدٍ ما مع المفهوم الحالي للجمالية فلماذا عدم استمرارية المصطلحات؟ ولماذا نفضل مصطلح الجمالية على مصطلح الذوق؟
يبدو أنّ الإجابة غير المثيرة للاهتمام هي أننا فضلنا الصفة على الاسم، فمصطلح الجمالية مشتق من المصطلح اليوناني للإدراك الحسي، وبالتالي يحافظ على مضمون الآنية والفورية التي يحملها مصطلح الذوق.
استخدم كانط كلا المصطلحين ولكن ليس بشكل متكافئ، فوفقًا لاستخدامه فإنّ مصطلح الجمالية أوسع نطاقًا، حيث تنتقي فئة من الأحكام التي تشمل كلًا من الحكم المعياري للذوق والحكم غير المعياري، على الرغم من الحكم الفوري بنفس القدر من الحكم بالموافقة.
وعلى الرغم من أنّ كانط لم يكن أول من استخدم كلمة الجمالية، والتي استخدمها بومغارتن في وقت مبكر من عام 1735، إلّا أنّ المصطلح أصبح واسع الانتشار فقط وإن كان سريعًا بعد استخدامه في النقد الثالث، ومع ذلك فإنّ التوظيف الذي انتشر على نطاق واسع لم يكن بالضبط من كانط، ولكنه أضيق من ذلك حيث تعمل الجمالية ببساطة كصفة متوافقة مع الاسم الذوق.
على سبيل المثال فقد تم إيجاد تعبير للشاعر الإنجليزي صموئيل تايلور كوليردج في عام 1821، والذي فيه يعبر عن رغبته في العثور على كلمة مألوفة أكثر من الجمالية لأعمال الذوق والنقد، قبل المضي في المجادلة كما يلي:
“بما أنّ لغتنا لا تحتوي على أي صفة أخرى قابلة للاستخدام للتعبير عن تطابق الشكل والشعور والفكر، فإنّ هذا الشيء الذي يؤكد الحواس الداخلية والخارجية يصبح معنى جديدًا في حد ذاته، وهناك سبب للأمل أنّ المصطلح الجمالية في الاستخدام الشائع”.
أتاح توفر الصفة المقابلة لمصطلح الذوق إنهاء سلسلة من التعبيرات المحرجة من العبارات لـ:
1- حكم الذوق.
2- عاطفة الذوق.
3- جودة الذوق.
فقد أفسح المجال أمام الحكم الجمالي الأقل هجومًا والعاطفة الجمالية والصفة الجمالية، ومع ذلك مع التخلص التدريجي من الذوق للاسم، حيث أصبحنا مثقلين بتعبيرات أخرى ربما تكون محرجة بنفس القدر بما في ذلك تلك التي تسميها هذا الدخول من عدم الاهتمام.