المكتوب ينقرأ من عنوانه

اقرأ في هذا المقال


كلّ الشّعوب تمتلك موروثات ثقافيّة تميّزها عن غيرها، وهي بدورها تعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التّاريخ، ولعلّ من أكثر أنواع التّراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، إذ يقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبّرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجدّ من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “المكتوب ينقرأ من عنوانه”.

مفردات مثل: المكتوب ينقرأ من عنوانه”

يزخر تراثنا العربي بالأمثال الشعبية والحكم، والتي تناقلتها الأجيال عبر التّاريخ، وأمّا مثل: “المكتوب ينقرأ من عنوانه”، فهو واحد من الأمثال العربية المشهورة، والتي يتمّ تداولها من شرائح مختلفة وكبيرة من مجتمعاتنا العربية، وفي صيغة أخرى، نسمع الكثيرين يقولون: “الجواب ينقرأ من عنوانه”، وهذا مثل يطوف جميع بلداننا العربية، لما فيه من معنى عميق، وأمّا معنى المكتوب أو الجواب، فيُراد به الكتاب، أي ما يتراسل به النّاس، والعنوان بكسر الأولة عندهم، والصّواب ضمّه، وهو لغة صحيحة في العنوان.

المقصود من مثل: “المكتوب بنقرأ من عنوانه”

المعنى المقصود من مثل: “الجواب ينقرأ من عنوانه”، أنّه يوجد في عنوان الكتاب ما يشير إلى ما يحتويه من خير وشرّ، وهو يُضرب في الأمور التي تُعرف خوافيها وتُكشف من ظواهرها، وفي ذات المعنى كذلك قولهم: “خذ الكتاب من عنوانه”، غير أنّهم استعملوا فيه الكتاب عوضًا عن الجواب، وقريب من مثلنا أيضًا، قولهم: الخير يبان على الضّبة، وعند أهل فلسطين والأردنّ يقولون: “فالها من أطفالها”.

مثل: “المكتوب ينقرأ من عنوانه” في الأبيات الشعرية

وظّف بعض الشّعراء مثل: “المكتوب ينقرأ من عنوانه” في أشعارهم، فها هو العبّاس بن الأحنف، يتحدّث كيف أنّ الدّمع يكشف الذي يكتمه العاشق، ويقول:

“لا جَزَى الله دَمعَ عيني خيرًا  *  وجَزَى الله كُلّ خيرٍ لِسَاني
نَمّ دمعي فليس يَكتُم شيئا  *  ورأيتُ اللّسانَ ذا كتمانِ
كُنتُ مثلَ الكتابِ أَخفَاهُ طَيٌ  *  فاستدلّوا عَلَيهِ بالعُنوَانِ”

هذه الأبيات من رواية الشّريشي في شرحه للمقامات، وأمّا ابن أبي حجلة فقد اقتصر في ديوان الصّبابة، على البيتين الثّاني والثّالث، مع اختلاف في روايته للبيت الثّاني، إذ قال:

“بَاحَ دَمعِي فَلَيسَ يَكتُمُ سِرًا  *  ووجدتُ اللّسَانَ ذَا كِتمَانِ”.


شارك المقالة: