كان الجدل الفلسفي في اسكتلندا في القرن التاسع عشر نشطًا للغاية، حيث تم تحديد جدول أعمالها إلى حد كبير من خلال تأثير الفيلسوف إيمانويل كانط والمثاليةالألمانية على التقاليد الفلسفية للتنوير الاسكتلندي.
الفلسفة الاسكتلندية:
بعد قرن من الاضطراب النسبي من الإطاحة بستيوارت لصالح آل أورانج وتمردات اليعاقبة، وفشل مخطط دارين والاتحاد (وإن كان على مضض بالنسبة للبعض) في عام 1707 لاسكتلندا وإنجلترا، وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي بعد ذلك، والذي سيكون من المسامحة توقع فترة من التعافي البطيء جدًا للأمة الاسكتلندية.
ومع ذلك كان الانتعاش هناك وأكثر من ذلك، حيث كان هناك ولادة لحركة فكرية وفلسفية كانت مساوية وربما حتى تنافس كل أوروبا في ذلك الوقت، فقد أصبحت هذه الحركة معروفة باسم (التنوير الاسكتلندي)، ولقد كان حقبة جديدة في اسكتلندا، في وقت تنافس فيه أعظم عقول اسكتلندا مع عقول أوروبا، فبالنسبة لروسو وفولتير وبيكاريا وكانط وديدروت وسبينوزا، عرضت اسكتلندا عروض هيوم وفيرغسون وريد وسميث وستيوارت وروبرتسون وكاميس.
غالبًا ما يتم فحص هذه الخصوبة الفكرية غير المسبوقة على ما يبدو بسبب الاحتمالية المطلقة، وحتى التناقض في هذا المستوى من التقدم داخل بلد من المفترض أنّه قد ركع على ركبتيه بحلول منتصف القرن الثامن عشر.
من أهم الشخصيات الرئيسية هم:
1- توماس براون.
2- والسير ويليام هاميلتون.
3- جيمس فريدريك فيرير.
4- ألكسندر باين.
في وقت لاحق من هذا القرن ما يسمى بالمثاليين الاسكتلنديين ولا سيما:
1- جيمس هتشيسون ستيرلنغ.
2- إدوارد كيرد.
3- ديفيد جورج ريتشي.
وتدين الهوية الواعية للتقاليد الفلسفية الاسكتلندية بالكثير لجيمس ماكوش، الفيلسوف الاسكتلندي المولد والمتعلم والذي أصبح رئيسًا لكلية نيو جيرسي ولاحقًا جامعة برينستون، والذي امتد عبر القرنين التاسع عشر والعشرين أندرو سيث برينجل باتيسون.
التأثير على فرنسا وانجلترا:
عند طرح سؤال: من أين هذه المأدبة الفكرية الرائعة والمستمرة في اسكتلندا؟ فلا يوجد سبب واحد أو عامل محدد، فالتأثيرات كثيرة ويمكن إرجاع النقاط المهمة بشكل معقول إلى تأثيرات الفلسفة الكلاسيكية، كما هو الحال في شك هيوم، والتصميم كما في عمارة روبرت آدم والتي تم إعادة صياغتها في أوروبا القرن الثامن عشر، ومما لا شك فيه أيضًا أنّ النزعة الإنسانية في عصر النهضة وإدخال الفيلسوف الهولندي ديسيديريوس إيراسموس (Desiderius Erasmus) الجريء لمعايير البحث الأدبي والإنساني في عوالم المقدس هي جزئيًا الكتل التي بُني عليها عصر التنوير الأوسع.
كانت فرنسا ما قبل الثورة بؤرة التنوير حيث الدافع المبكر لتنظيم المعرفة سواء كان قاموس تاريخي ونقدي في عام 1797 للفيلسوف الفرنسي لبيير بايل (Pierre Bayle) أو الموسوعة للفيلسوف الفرنسي دينيس ديدرو (Denis Diderot) وزملائه، حيث أبلغت بوضوح قرار مطبعة إدنبرة والأثريات وليام سميلي (William Smellie) جنبًا إلى جنب مع زملائه في الطباعة أندرو بيل (Andrew Bell) وكولين ماكفاركوهار (Colin Macfarquhar)، لبدء نشر ما أصبح الموسوعة البرطانية في عام 1768.
كما اعترف استقبال هيوم (le bon Davi) وإحسانه في المجتمع الباريسي بالجذور الفكرية العميقة التي تشترك فيها باريس وإدنبرة.
كان تأثير إسحاق نيوتن أيضًا واسع الانتشار حيث كانت مقالة الصفحة الرئيسية (حول قوانين الحركة) في الواقع نزاعًا لاستنتاجات نيوتن، على الرغم من أنّ تجريبية هيوم تدين بفرانسيس بيكون (Francis Bacon) أكثر من نيوتن.
في إنجلترا في القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر حدد جون لوك (John Locke) مسار تجريبية التنوير في كتاباته الفلسفية، وكان شافتسبري (Earl of Shaftesbury) والفيلسوف الهولندي برنارد دي ماندفيل (Bernard de Mandeville) هما المحفزات المشتركة لاستقصاء هتشسون (Hutcheson)، وهو العنوان الفرعي الذي يشرح تلك المحفزات، حيث تم شرح مبادئ إيرل شافتسبري المتأخر والدفاع عنها ضد مؤلف حكاية النحل التي كتبها ماندفيل.
التأثير على اسكتلندا:
قدمت فرنسا وإنجلترا مصادر بعض الأفكار التي استوعبتها إدنبرة، ولكن القدر الذي طهوا فيه كان له طابع وتاريخ مميزان، ولم يعتمد التنوير في اسكتلندا على الرعاية الأرستقراطية كما فعل نظيره في فرنسا، حيث كانت القوى الدافعة من ناحية هي السكان المتعلمون بشكل ملحوظ (إرث الإصلاح في اسكتلندا)، ومن ناحية أخرى غياب ما أعطى الشكل والاتجاه للمجتمع الإنجليزي، وذلك بتاريخ طويل من السلطة مستمدة من نظام القانون العام القائم على التقاليد والسوابق، ولم يكن هناك مثل هذا التاريخ في اسكتلندا.
كما اكتشف اللاهوتي الاسكتلندي جون نوكس (John Knox) أثناء الإصلاح الاسكتلندي، والتي احتاجت اسكتلندا إلى طريقة بديلة لتسوية النزاعات، طريقة تتجنب اللجوء إلى القوة العارية لأكبر فصيل متحارب أو إلى تقاليد النظام والأسبقية الإنجليزية، ومن هذا كما يمكن رؤيته في الحجج حول الأسقفية في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر في اسكتلندا، تم تطوير القدرة على الجدل من المبادئ الأولى بدلاً من فرضيات سابقة أو تشبيه أو دينية في تسوية النزاعات حول شكل الديني والمجتمع المدني.
يتضح هذا التطور جيدًا في المناقشة التي جرت من عام 1608 إلى عام 1614 بين ديفيد هيوم من العمل الأدبي غودسكروفت (Godscroft) -ولا علاقة له بالفيلسوف الذي يحمل نفس الاسم- والأساقفة جيمس لو (James Law) وويليام كاوبر (William Cowper) بشأن فرض الأساقفة كسلطات دينية على المجتمع المدني الاسكتلندي، واستندت حجج لو على مناشدة التقاليد والعصور القديمة والسلطات الدينية، كما يرفض هيوم ذلك ويطلب من الأسقف بأدب: “السماح لي بالاعتراف بالعقل فقط من أجل لمسة الحقيقة”.
كما يضيف هيوم أيضًا بأنّه وجد أفكار التنوير في إدنبرة وصفة للتنمية تختلف عن باريس أو لندن، حيث جادل الطهاة المتعددين حول تلك الوصفة وصقلها وإضافاتها، لكن المخزون الشائع كان الاستئناف للأسباب والحجج والأدلة، ومن المؤكد أنّه كان هناك كما أشار الكثيرون جانب مظلم لإرث الإصلاح -التعصب والمحاكمات الساحرة في النصف الثاني من القرن السابع عشر- ولكن كان هناك أيضًا إرث إدراك نوكس (Knox) أنّ مناشدة التقاليد التاريخية والممارسة الراسخة لتسوية مسائل الشرعية لم تكن خيارًا تاريخيًا لما بعد الإصلاح في اسكتلندا.
علاوة على ذلك فإنّ الخيارات البديلة للمبادئ الأولى والحجة المستمدة من الأدلة التجريبية تتطلب تثقيفًا من السكان (مدرسة في كل أبرشية هي الاقتباس الملفق المنسوب إلى نوكس)، وكان من دواعي فخر اسكتلندا أنّها كانت في جامعات سانت أندروز وأربع جامعات جلاسكو وأبردين وادنبره، حيث ضعف ما يوجد في إنجلترا.
كما أنّه من المهم للغاية أن نلاحظ أنّ إدنبرة الأخيرة التي لم تكن مؤسسة بابوية من العصور الوسطى، قد تم إنشاؤها من قبل مواطني إدنبرة في عام 1583، وذلك في أعقاب الإصلاح وفي إدراك أنّ مستقبل المدينة يجب أن يتم تعريفها من خلال التعلم والمعرفة بدلاً من التقاليد أو التاريخ أو الرعاية والقيادة الأرستقراطية.