اقرأ في هذا المقال
- أصل مثل “خبز خبزتيه يا الرفلة كليه”
- قصة مثل “خبز خبزتيه يا الرفلة كليه”
- رواية أخرى لمثل “خبز خبزتيه يا الرفلة كليه”
ما الأمثال إلّا مقولات ذات مغزىً وتحمل بين طيّاتها العظة والفائدة، والإيجاز من غير حشو أو إطالة هو أهم مميزات الأمثال، مع عمق في المعنى وكثافة في الفكرة، وقد توارثتها الأمم مشافهةً من جيل إلى آخر، والمثل عبارة محكمة البنية بليغة، شائع استعمالها عند طبقات المجتمع كافة، وإذ يلخّص المثل حكاية عناء سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة، فقد حظي عند الناس بثقة تامّة، فصدّقوه ذلك أنّه يُهتدى به في حلّ مشكلة قائمة بخبرة مكتسبة من معضلة قديمة، وتلك المعضلة القديمة آلت إلى عبرة لا تُنسى، وقد قيلت هذه العبرة في جملة موجزةٍ قد تُغني عن رواية ما جرى هي الأمثال، وفيما يلي بين يدينا مثل عربي مشهور هو: “خبز خبزتيه يا الرفلة كليه”.
أصل مثل: “خبز خبزتيه يا الرفلة كليه”
مثل: “خبز خبزتيه يا الرّفلة كليه”، هو واحد من الأمثال الشعبية النابعة من الإرث العربيّ، والتي لا يزال النّاس يتداولونها على قدمها، وأمّا الرّفلة هنا فهي المرأة التي ترفل بمشيتها، أي أنّها لا تحسن المشي، ويطلق العامّة تلك الكلمة كوصف على الزّوجة الكسولة، أو التي لا تجيد الأعمال المنزليّة في بيت زوجها، لقد ارتبط مثل: “خبز خبزتيه يا الرّفلة كليه” بمنطقة الخليج العربيّ، وقد أتى كثمرة لحكاية شعبيّة وقعت أحداثها بين امرأة وزوجها، وهو في الواقع لا يختلف كثيرًا عن المثل العربي القائل: “من يطبخ السّم سيتذوقه أوّلًا”.
قصة مثل: “خبز خبزتيه يا الرفلة كليه”
أمّا حكاية مثل: “خبز خبزتيه يا الرفلة كليه” فيُروى أنّ إحدى النّساء قد تزوّجت من رجل كادح غير أنّها لم تكن تجيد الأعمال المنزليّة منذ أن كانت في بيت أهلها، وكانت كلّما خبزت الخبز لأطفالها لم تفلح، وكان الزّوج حريصًا على أن يُعدّ الخبز بعد عودته من العمل، وكانت تلك المهمة واحدة من مهامه الأساسيّة؛ وذلك بسبب عدم قدرة زوجته على القيام بها.
في يوم من الأيّام قالت الزّوجة لعائلتها: ستكون مهمة إعداد الخبز اليوم لي، فاعتقد الزّوج أنّها ربّما تعلّمت طريقة إعداده، فتركها تُعدّه، إلّا أنّها قدّمته لهم محروقًا، ويا للأسف نام الأطفال جميعهم في ذلك اليوم جوعى دون عشاء، حينها قال لها زوجها: “خبز خبزتيه يا الرّفلة كليه”، أي كلي ما طهته يداكِ.
رواية أخرى لمثل: “خبز خبزتيه يا الرفلة كليه”
لمثل: “خبز خبزتيه يا الرفلة كليه” رواية أخرى، ويُقال إنّها عن أخوين كانا يعيشان معًا مع أسرتيهما في نفس المنزل، أحدهما متزوّج من امرأة لا تعمل، وأمّا الآخر فقد كان متزوّجًا من موظّفة مخمليّة تعمل بإحدى الشّركات المشهورة، وأمّا مهام البيت فقد كانت كلها تقع على عاتق ربّة المنزل حتّى تربية أبناء كلا الأسرتين، بينما الموظفة لم تكن تحرّك ساكنًا طالما زوجة حميها لا تشتكي من ثقل العبء الملقى على كاهلها.
حدث في يوم من ذات الأيّام أن فكّرت المرأة الموظفة أن تعرض على أخ لزوجها أن تزوّجه من صديقتها الموظّفة، والتي قاربت على الثّلاثين، وادّعت أنّها ترى أنّ من هو مثله لا تناسبه امرأة ربّة منزل، تفوح منها رائحة العرق والمرق، وبعد طول كلام وجدال وتكرار، اقتنع بكلامها، وفي اليوم التّالي تهيّأ كي يذهب لخطبة صديقة زوجة أخيه الثّلاثينيّة، وبينما كان يرتدي ملابسه بادرت زوجته الطّيبة الغافلة إلى تطييبه بالعود، وأحضرت له ربطة عنق جميلة، وكما أنّها لمّعت له حذاءه.
نظر الزّوج إلى زوجته المسكينة باستغراب، وقال لها: هل تعرفين إلى أين أنا ذاهب اليوم؟ حينها قالت له: أنّى تكون وجهتك، أنت تعلم أنّي أحبّ أن أظهرك أمام النّاس في قمّة أناقتك، فهكذا تكتمل سعادتي في الحياة، تأثّر الزّوج بكلمات زوجته التيتركت في قلبه أثرًا قويًا، ثمّ إنّ أخاه اتّصل به يوبّخه ويعاتبه على التّأخير، ذلك لأنّه ينتظره في منزل صديقة زوجته التي سيخطبها له، فما كان منه إلّا أن اعتذر منه، وقال له: أنا لن أتزوّج وعندي جوهرة من النّساء احتوتني، وجعلت طعمًا حلوًا للحياة.
أضاف الزّوج: يا أخي، أنا لست زوجها فحسب، بل ابنها وأبوها وأخوها أيضًا، وهكذا أنهى الاتّصال مع أخيه، في ذلك الوقت أُحرج الأخ كثيرًا، ولم يدرِ كيف يتصرّف، فما كان منه إلّا أن قدّم نفسه على أنّه هو الخاطب، وقد أعجبته الفتاة، وتمّ عقد القران في نفس الليلة، اتّصلت الزّوجة المخمليّة بصديقتها تسألها إذا ما تمّت خطوبتها على شقيق زوجها؟ فقالت لها صديقتها: “خبز خبزتيه يا الرّفلة كليه”، أي نلتِ جزاء ما جنت يداكِ.