الترجمة بين النظرية والتطبيق

اقرأ في هذا المقال


إنّ الترجمة الأدبية هي فن جدلي وأثار الكثير والعديد من القضايا الجدلية حوله، فمنذ العصور القديمة وهو محط اهتمام الكثيرين، ومع تقدّم الزمن أصبحت الترجمة من الفنون المهمّة في عالمنا، وتم تأليف العديد من الكتب التي تتحدّث عن الترجمة وجوانبها، سنحكي عزيزي القارئ في هذا المقال عن بعض الدراسات التي تحدّثت عن بعض من جوانب الترجمة.

الترجمة والنظرية والتطبيق

كانت الترجمة منذ الزمن القديم مرتبطة أشد الارتباط بعلم اللغة أو اللسانيات، وهي اكتسبت أهميّتها من خلال هذا العلم، دخلت الترجمة العديد من المراحل والتغييرات، وكان اليابانيّون يتوعّدون أن يصبح للترجمة شأن كبير من خلال اختراع الأجهزة الإلكترونية، وتطبيق الترجمة من خلالها.

خاصّةً أن أجهزة الكمبيوتر استطاعت استيعاب العديد من اللغات المحلية والعالمية، وعلى الرغم من ذلك إلّا أن أوّل تجربة من التجارب التي أجريت على الترجمة من خلال جهاز الكمبيوتر لم تكن تجربة ناجحة، ولكن مع إجراء العديد من التجارب وابتكار برامج قامت بتحدّي كل الصعوبات والعوائق التي واجهت الترجمة عبر الكمبيوتر، نجحت التجارب من بعدها؛ وبناءً على هذا تم اكتشاف أن الترجمة هي عبارة عن فن تطبيقي.

ومعنى أن الترجمة فن تطبيقي أي أنّها لا تأتي بالموهبة، بل تأتي من خلال التدريب والتمرين، بالإضافة إلى أن الترجمة فن له جوانب إبداعية وجمالية، ولا يمكن إخراج هذه الجوانب دون اللجوء لممارسات طويلة الأمد للترجمة، ومن أهم الطرق لإخراج تلك الجوانب هي أن يقوم المترجمين حديثي العهد بالاستفادة من تجارب المترجمين ذو الخبرة الطويلة، والاستفادة من الحلول التي قاموا بتقديمها كذلك.

ولكن لا ينسى المترجمون الجدد بأن الترجمة فن تطبيقي؛ وبالتالي تنطبق عليه جميع التحديثات والتطويرات التي تنشأ في الحضارات المختلفة، وهذه التغييرات تشمل تغيّر في الأسماء والعناوين والتراكيب وأسلوب الصياغة وغيرها، ولكل جيل لغته الخاصّة به.

وعلى سبيل المثال اللغة التي قام بإخراجها (رفاعة الطهطاوي) أو لغة (فارس الشدياق) لم يتبقّ منها في زمننا الحديث إلّا القليل، وأحدث هذا الأمر الكثير من المشكلات في مجال الترجمة لعدّة لغات، إلّا أنّ هنالك جهوداً كثيرة من قبل المترجمين ومختلف أقسام الترجمة لا يمكن تجاهلها، قامت بتقديم الحلول المنطقية لتلك المشكلة.

وهذه المشكلات كان لا بد من تقديم حلول بشأنها؛ وذلك من أجل مواكبة الركب الحضاري، ومن بين هذه المشكلات هي: مشكلات في التراكيب والألفاظ، بالإضافة إلى مشكلات في الصياغة بين اللغتين العربية والإنجليزية وغيرها، وبشكل عام وعلى الرغم من الحلول التي تم تقديمها، إلّا أن فن الترجمة هو ليس بفن قاطع، أي بمعنى أن المترجم قد يقع في الكثير من الأخطاء مهما حاول جاهداً بتجنّبها.

الترجمة والألفاظ

من أهم الأمور المتعلّقة بفن الترجمة هي عقبة الألفاظ المختلفة، وهي تختلف استناداً إلى اختلاف الحضارات، وبالتالي اختلاف المدلولات التي تشير لها التراكيب والألفاظ المختلفة، وهنالك بعض المشكلات التي تتعلّق بالألفاظ التي يطلق عليها (المجرّدات)، وهنا يواجه المترجم في هذا المجال مشكلتين أساسيتين وهما (العادة) و (الاتفاق)، وتعني أن هنالك الكثير من الكلمات التي يعرفها القارئ من خلال ما تعلّمه أو اعتاد عليه، مثل الكثير من الكلمات في اللغة الإنجليزية أو الفرنسية والتي تم تدريسها في المناهج المدرسية مثلاً.

وقد يواجه المترجم كلمة من هذه الكلمات التي لها معنى معيّن، ولكنّها قد تحمل مدلول يختلف عن معناها الذي تم الاتفاق عليه، أو الذي قد تعلّمه القارئ في المدرسة أو الجامعة، فيختلف المعنى بحسب السياق، فيصعب عليه تقبّل معنى آخر لها.

ومن ضمن المشاكل التي تواجه المترجم في الألفاظ هي الجمود التاريخي، ويعني المفاهيم والتعريفات التي تم ترسيخها في التاريخ القديم بمعاني محدّدة، ولكن هذه المفاهيم تختلف باختلاف الزمن، فيصعب على المترجم إيجاد مرادف مناسب لها، بالإضافة إلى أن عصرنا الحديث يستخدم الكثير من الكلمات المعرّبة أو الدخيلة، والتي لم تكن موجودة في العصور القديمة.

ويكون الحل الأمثل لترجمة الكلمات ذات الجذور التاريخية الأصيلة هي محاولة التقريب لها، بالإضافة لوجود مشكلات في الكلمات والألفاظ الحديثة، ولكنّها تعتبر مشكلة بسيطة مقارنةً مع الألفاظ القديمة؛ والسبب في ذلك هو أن الألفاظ الحديثة ليس لها جذور تاريخية ممّا يجعل إيجاد مقابلات لها في اللغات العالمية أمراً سهلاً.


شارك المقالة: