رواية أمريكا للكاتب فرانز كافكا

اقرأ في هذا المقال


تعتبر الرواية من أهم الروايات التي صدرت عن الكاتب والروائي العالمي الشهير فرانز كافكا، وهو من مواليد دولة التشكيك، وقد أدرجت الرواية تحت تصنيف الروايات الواقعية، وهي الرواية الأولى التي صدرت عنه، كما مضى في كتابتها ما يقارب الثلاثة سنوات، وقد صدرت الطبعة الأولى منها بعد وفاة الكاتب في سنة 1927، وقد لاقت الرواية استحساناً كبيراً حال صدورها، ولهذا تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، كما تم تجسيدها في العديد من الأفلام السينمائية العالمية.

نبذة عن الرواية

تناولت الرواية في مضمونها الحديث حول مجموعة من المغامرات والتجارب التي عاشها العديد من أقارب الكاتب في الولايات المتحدة الأمريكية، وأول ما صدرت الرواية كانت تحمل عنوان الوقاد، إلى أنه في الطبعات اللاحقة تم تحويل العنوان إلى أمريكا، وقد كان ذلك بسبب اللقاءات والحوارات التي أجريت مع الكاتب، إذ كان يطلق عليها روايتي الأمريكية، وفي أحيان أخرى كان يطلق عليها عنوان الرجل الذي اختفى، وبعد وفاته قام رفيق حياته الذي يدعى ماكس برود بتجميع المخطوطة غير المكتملة وبعد ذلك نشرها تحت عنوان أمريكا ومنح المخطوطة لجامعة أوكسفورد، انقطع المؤلف عن كتابة الرواية غير المكتملة في فصل المسرح، وأخبر صديقه المقرب برود أن ذلك الفصل كان من المفترض أن يكون الأخير.

رواية أمريكا

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول وصف تم تقديمه إلى مجموعة من المغامرات والجولات التي أقيمت في الدول الغربية، حيث قام بها أحد الشباب المهاجرين الأوروبيين، وقد كان يبلغ من العمر ستة عشر عاماً ويدعى كارل روسمان، إذ أنه في أحد الأيام قد أُجبر واضطر على السفر على متن إحدى السفن إلى مدينة نيويورك؛ وقد كان ذلك هروباً من فضيحة حدثت معه، وتلك الفضيحة تمثلت في إقامته علاقة مع إحدى الخادمات، وبعد وصول السفينة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أصبح صديقاً لأحد الشباب الذي يدعى وقاد، والذي كان على وشك أن يتم طرده من وظيفته، وفي تلك الأثناء بدأ يتعاطف كارل مع الوقاد وقرر مساعدته.

ومن هنا يذهبان سوياً من أجل رؤية قبطان السفينة، ومنذ تلك اللحظة بدأت الأحداث تأخذ انعطافًا سرياليًا، إذ يجتمع عم كارل الذي يدعى السيناتور جيكوب مع القبطان، لم يكن كارل في البداية على دراية وعلم بأن السيناتور جيكوب هو عمه، ولكن السيد جيكوب يعرفه أنه ابن شقيقه ويأخذه بعيدًا عن الوقاد، إذ كان يشعر عمه أن وقاد من الأشخاص الذين يتصفون بالاستمتاع بالنصب والاحتيال واستعطاف الآخرين.

وفي ذلك الوقت بقى كارل مع عمه لبعض الوقت، لكنه في وقت لاحق تخلى عنه عمه بعد أن أجرى زيارة إلى أحد أصدقاء عمه من دون موافقة عمه، ومن هنا بدأ يتجول كارل في شوارع المدينة دون هدف يُذكر، وفي تلك الأثناء ويقيم علاقة مع اثنين من الشباب المشردين وهما يدعيان الأول روبنسون والثاني ديلامارش، واللذان يعدانه في تلك اللحظة بإيجاد عمل له، لكنهما في أحد الأيام يبيعان سترته دون الحصول على إذن منه كما كانا يأكلان طعامه أمام عينه دون أن يعرضا عليه قطعة منه، وعلاوة على ذلك كانا باستمرار ينهبان ممتلكاته، في النهاية يتركهما كارل دون سابق إنذار وفي ظروف سيئة، وقد كان ذلك بعد أن عرض عليه أحد مدراء الفنادق وعلى وجه التحديد مدير ما يعرف باسم فندق أوكسيدنتال عليه العمل.

وقد كان عمل كارل هناك يتمثل في العتالة أي حمل أغراض المسافرين والوافدين، وفي أحد الأيام قدم روبنسون وهو في حالة مزرية جراء تناوله كمية كبيرة من الشراب إلى مكان عمل كارل، وعند مقابلته طلب منه مبلغ من المال، وهنا جراء الحالة التي كان بها روبنسون خشي كارل أن يفقد عمله إن شاهده أحد العاملين يتحدث مع روبنسون، حيث أن ذلك الأمر ممنوع نهائياً بين العاملين، ولكن كارول اقترف خطأ أسوأ بكثير من ذلك وهو السماح لروبنسون النوم في سكن العتالين، وبعد أن علم المسؤول بذلك الأمر أقال كارول من العمل، ثم بعد ذلك ركب كارل تاكسي بمرافقة روبنسون ويسافران وينضمان إلى ديلامارش.

وفي هذا الوقت، كان ديلامارش يقيم مع إحدى السيدات وقد كانت سيدة ثرية وسمينة وتدعى برونيلدا، وحين شاهدت برونيلدا كارول رغبت في أخذه كخادم لها، وحين سمع كارول بذلك رفض الأمر على الاطلاق، لكن ديلامارش أجبره على البقاء باستخدام القوة، وعلى إثر ذلك بقي كارول حبيس في شقة السيدة، حاول كارول الهروب عدة مرات، لكن كل من روبنسون وديلامارش يقومان بضربه في كل مرة، وفي أحد الأيام ومن على شرفة المنزل يتحدث كارول إلى أحد الأشخاص، والذي ينصحه بالبقاء؛ لأنه يصعب عليه إيجاد عمل في مكان آخر، ولهذا قرر البقاء، وعلى مدار جزئين كاملين متتالين من الرواية كان الكاتب يصف الخدمة التي يقوم بها كارل إلى السيدة برونيلدا ولكنه في العديد من الطبعات قام تم حذفهن، إذ رأى أن هذين الجزئيين لا يملأن الفجوات في الرواية.

وفي أحد الأيام، يرى كارل إعلان في إحدى المجلات يطلب موظفين فيما يعرف باسم مسرح الطبيعة في مدينة أوكلاهوما، كما تعهد المسرح بإيجاد وظائف للجميع، تقدم كارل إلى العمل، ويتم قبوله في شاغر عامل تقني، ثم بعد ذلك يتم إرساله إلى مدينة أوكلاهوما على متن قطار، وهناك ترحب به الوديان الواسعة، وعند وصوله إلى هناك أول ما قام به هو تغيير اسمه ليصبح نيغرو.

وفي النهاية توقف الكاتب عن العمل على هذه الرواية بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، إذ بقي العمل غير مكتمل، وفي تلك الأثناء أخبره مجموعة كبيرة من أصدقائه وكاتب سيرته الذي يدعى ماكس برود أن الرواية ناقصة، وقد كان الفصل الأخير هو من أهم الفصول لدى الكاتب، حيث أنه كان سعيد جداً به في البداية، إذ كان باستمرار يقرأه بصوت عالي وبتأثير عظيم، فقد كان من المفترض أن يكون فصل الختام للعمل وأن ينتهي بمذكرة مصالحة، ولكن اعتاد المؤلف على استخدام لغة مبهمة وهو بكامل ابتسامته؛ وذلك من أجل التلميح إلى أنه ضمن هذا المسرح غير المحدود تقريبًا، سوف يجد بطله الشاب عمل من جديد وتأهبه وكامل حريته، وحتى منزله القديم ووالديه كما لو أن الأمر لا بد وأن يكون ضرب من السحر الملائكي، ولكن على الرغم من أن الرواية بقيت غير مكتملة إلا أنها أثارت عنصر التشويق لدى المتلقي.


شارك المقالة: