يُعد الروائي والكاتب إرنست همنغواي من أهم وأبرز الكُتاب الذين أبدعوا في مجال الأدب، ويعود ذلك لأسلوبه البسيط البليغ والذي أطلق عليه نظرية الجبل الجليدي، وهذا الأمر ما دفع بالأدباء إلى أن يطلقوا عليه لقب البابا، حيث أنه كان من أهم المؤثرين في الأدب في القرن العشرين، ومن أكثر الروايات التي حققت شهرة واسعة حول العالم ونسبة مبيعات عالية حال صدورها هي رواية أن تملك وألا تملك، والتي تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية.
نبذة عن الرواية
اختار الكاتب الحديث في الرواية حول الحياة التي كان يعيشها الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان ذلك أثناء فترة الكساد الكبير، وقد تمت كتابة الرواية بشكل متقطع على فترات بين عامي 1935 و1937، حيث صورت الرواية مدينتي كي ويست وكوبا في الثلاثينيات من القرن العشرين، كما قدم همنغواي تعليق اجتماعي على ذلك الزمان والمكان، وقد وصف الكاتب الشهير جيفري مايرز والذي قام بكتابة السيرة الذاتية لهيمنغوي، أن الرواية متأثرة بشدة بالأيديولوجيا الماركسية التي تعرض لها هيمنغوي حين كان يدعم الفصيل الجمهوري في الحرب الأهلية الإسبانية في أثناء كتابته لها.
في البداية كانت منقسمة الرواية إلى قصتين تم نشرهن من قِبل هيمنغوي في وقت سابق عبر صحف دورية، القصة الأولى كانت تحمل عنوان (رحلة اجتياز واحدة) والقصة الأخرى كانت تحمل عنوان (عودة التاجر)، وقد كانتا تشكلان الفصول الافتتاحية، ثم بعد ذلك تم تأليف أقصوصة، والتي كانت تشكل نحو ثلثي الكتاب، وتم سرد الرواية من وجهات نظر متعددة وفي أوقات مختلفة وبواسطة شخصيات مختلفة، وفي الغالب ما كان يتم وضع أسماء الشخصيات تحت عناوين الفصول؛ وذلك من أجل الإشارة إلى من يقوم برواية هذا الفصل، أول ما تم نشر الرواية كان عام 1934م من قِبل مجلة تعرف باسم مجلة كوزموبوليتان.
رواية أن تملك وأن لا تملك
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية حول الشخصية الرئيسية وهو شخص يدعى هاري مورغان، وهذا الرجل كان يعمل كقبطان على أحد القوارب التي تعنى بالصيد في مدينة كي ويست الواقعة في ولاية فلوريدا، حيث صور الكاتب حياة هاري على أنه رجل عامل عادي في عصر الكساد العظيم، حيث أنه أجبرته القوى والظروف الاقتصادية القاسية على الانخراط في النشاطات التي تمثلها السوق السوداء، وقد كانت تلك النشاطات تتضمن تهريب البضائع بين دولة كوبا وولاية فلوريدا.
وفي أحد الأيام قدم رجل ثري رغب في استئجار القارب تحت قيادة هاري، وقد كان ذلك الرجل قد احتال على هاري، إذ أنه قد تملص من الدفع له الإيجار بعد أن قضى رحلة صيد لما يقارب ثلاثة أسابيع، وقد كان ذلك الأمر الذي ترك هاري معدمًا عالق في مدينة هافانا، وأكثر ما كان يبث القلق والتوتر بداخله هو أنه كان بحاجة إلى إعالة عائلته، ومن هنا بدأ يفكر هاري في أن يتجه بنفسه إلى طريق الجريمة، إذ اتخذ قرار مصيري بأن يقوم بعمليات احتيال ونصب على فئة المهاجرين الصينيين والذين بدورهم كانوا في ذلك الوقت يحاولون التسلل والدخول إلى ولاية فلوريدا قادمين من كوبا، حيث أنه بدلًا من نقلهم كما هو متفق عليه، عزم هاري على قتل الرجل الوسيط الصيني وترك الرجال الآخرين على الشاطئ في كوبا.
ثم بعد ذلك بدأ بنقل أنواع مختلفة من البضائع غير القانونية بين البلدين بواسطة قاربه، إلى أن وصل به الأمر إلى نقل الممنوعات والثوار الكوبين، وقد تناوبت تلك الأحداث بين فصول تصف الحياة التي يعيشها أصحاب اليخوت الأثرياء، وفي النهاية كان قد فقد هاري حياته أثناء تبادل لإطلاق النار مع الثوار الكوبين، والذين كانوا في ذلك الوقت قاموا بسرقة أحد المصارف الأمريكية.
كما أن الكاتب كان قد أشار إلى حالة الكساد الكبير بشكل بارز ضمن الأحداث، وهو السبب الذي فرض الفساد والجوع على سكان ومجتمع كي ويست، إذ كانوا يتصفون بالفقر الشديد وكان يتم وصفهم في بعض الأحيان بأنهم (لا يملكون)، وفي أحيان أخرى يُشار إليهم محليًا باسم (القواقع)، كما ظهرت من خلال الرواية عنصرية ذلك العصر عبر اللغة التي تم استخدامها من قِبل هاري وغيره من الأميركيين البيض عند التحدث مع الأعراق الأخرى.