يُعتبر الأديب والمؤلف تشارلز ديكينز وهو من مواليد دولة إنجلترا من الكُتاب الذين اشتهرت أعمالهم الأدبية على مستوى العالم، حيث كانت تناقش قضايا يومية تحدث في أي مجتمع من المجتمعات، وهذا ما جعل الروايات التي يكتبونها معاصرة في كل وقت وحين، وتُعد روايته أوليفر تويست أو ما كان يُطلق عليها في أحيان أخرى رحلة فتى الأبرشية من الروايات التي تم نشرها في المرة الأولى على شكل مسلسل تلفزيوني سنة 1837م.
نبذة عن الرواية
الموضوع الذي اختاره ديكينز للحديث عنه في مضمون الرواية هو المجرمين وأسلوب الحياة السيء الذي يتعاملون فيه مع الأيتام الذين انتشروا في مدينة لندن في ذلك الوقت، حيث باتت تصرفاتهم وسلوكياتهم بعيدة كل البعد عن الإنسانية، إذ أصبح الأطفال سبيل للتجارة في الأعمال الإجرامية كما تتطرق للحديث هو ظاهرة أطفال الشوارع التي كانت منتشرة بشكل كبير في ذلك الوقت.
رواية أوليفر تويست
في البداية كانت تدور أحداث الرواية حول أحد الأطفال الذي توفيت والدته بعد ولادته بأشهر قليلة، حيث أنّ الطبيب الذي أشرف على الولادة لم يلاحظ حينها وجود خاتم الزواج في يد والدته، مما جعله يشك حينها أنّ الطفل غير شرعي، لكن كان ذلك مجرد احتمال وأمر غامض، فقد كان ذلك أسلوب الغموض هو الأسلوب الذي اعتمد عليه ديكينز في معظم رواياته.
وفي ذلك الوقت بقي الطفل وحيداً دون وجود أم أو أب، حيث تم تركه في أحد دور الأيتام التي من المفترض أن تكون قائمة على أساس تقديم الرعاية والاهتمام لمن فُقد والديهم، إلا أنّ العاملين في تلك الدار التي تم أخذ الطفل عليها كانوا من الأشخاص ذات القلوب القاسية، إذ لا رأفة ولا عطف لديهم، وفي أحد الأيام عزمت السلطات على القيام بنقل دار الأيتام تلك من المكان الذي توجد فيه إلى مكان فرعي آخر، وهذا المكان الجديد كان هناك أكثر من ثلاثين طفل يقطنون فيه، إذ تلقوا أسوأ أنواع المعاملة فيه، إضافة أنّ المكان بحد ذاته كان وضعه مزري للغاية.
كان وجه الطفل أصفر شاحب وجسمه ضعيف جداً، حيث أنّ الطعام كان من الأمور التي يدور حولها الكثير من الصراعات؛ ويعود السبب في ذلك إلى كمية الطعام التي يتم تقديمها، وفي أحد الأيام كان الموظفون في الملجأ قد حبسوا أوليفر وطفلين معه، إذ كانوا يروا أنهم تجرأوا في طلب المزيد من الغذاء، وفي تلك الأثناء جاء أحد الأشخاص للملجأ يدعى السيد بامبل، حيث طلب حينها أخذ أوليفر إلى الملجأ الرئيسي، فقام الموظفون بتنظيف الأطفال وتجهيزهم على الفور؛ حتى لا يطلع بامبل على الأساليب التي يتم التعامل بها مع الأطفال.
في ذلك الوقت كان أوليفر يبلغ من العمر التسعة أعوام، إذ كان قصير القامة وجسده نحيل، لكنه يتميز بالحيوية والنشاط، وفي ذات مرة عزم أوليفر على الذهاب إلى الطاهي الذي يعمل في الملجأ الرئيسي وطلب منه أن يمده بمزيد من الطعام، حينها غضب الطاهي وأطاح بضربة باستخدام أدوات الطبخ، قدم الطاهي شكوى عن أوليفر إلى الإدارة، والتي كانت في تلك الأثناء قد نشرت إعلان باحثة فيه عن عمل لأوليفر.
لم يكن أوليفر في ذلك العمر مؤهل للخوض في الحياة الخارجية، ووقتها طلبه صاحب مدخنة من أجل أن يقوم بتنظيف مدخنته يومياً، لكنه حينما رأى أوليفر رفض ذلك، إذ رآه لا يصلح للعمل جراء جسده الضعيف والنحيل، وفي أحد الأيام قرأ الإعلان شخص يدعى سوربري وهو يعمل كحانوتي في إحدى المدافن.
وعلى الفور سرعان ما تقدم سوربري بطلب لأخذ أوليفر حتى يساعده في عمله، وبالفعل ذهب أوليفر معه، إذ تقوم زوجة الحانوتي بتقديم بقايا غذاء الكلب إلى أوليفر، وقد كانت عبارة عن قطع لحم، فلم يكن أوليفر قد تذوق اللحم من قبل، وهذا ما جعله يُقبل على أكله بشراهه، ولكن لم يدم هذا الوضع طويلاً، إذ كان أوليفر يتعرض إلى مضايقات من قِبل العمال، وفي أحد المرات حدثت مشاجرة كبيرة بين أوليفر وأحد العاملين يدعى نوح؛ وذلك لأنه سبّ والدته.
وفي ذلك الوقت قرر أوليفر الهروب إلى مدينة لندن، وعند وصوله تعرف على أحد الأطفال المشردين في الشوارع، وقد كان يعمل في ذلك الوقت لصالح شخص يدعى فاجن، إذ أن فاجن كان رئيس عصابة يقوم باستغلال الظروف التي يعيش بها الأطفال المشردين ويستخدمهم لتحقيق مطامعه في النصب والاحتيال على الناس وكل ذلك يكون مقابل تقديم المأوى والطعام لهم.
كما أنه تعرف أوليفر على فتاة تعمل لدى فاجن أيضاً لم تكن في نفس المرحلة العمرية، بل كانت أكبر منهم سناً فهي من الأطفال القدماء الذين يعملون لصالح فاجن، كانت تعمل لدى شريك فاجن وهو ما يعرف باسم بيل سايكس، وهو صاحب أكبر عصابة قتل، ويوماً عن يوم كانوا يخرجون أوليفر معهم من أجل تعليمه أصول المهنة.
وفي إحدى المرات وأثناء قيام الأطفال بمهمتهم تأتي الشرطة، فيهربوا الأطفال بما تمكنوا من سرقته ويبقى أوليفر لوحده، إذ لم يقم في أي تصرف أثناء العملية، وهنا تم أخذه إلى قسم الشرطة، وعندما جاء القاضي لينطق بالحكم على أوليفر وصل صاحب محل الكتب الذي أقر أن أوليفر لم يقم بفعل أي شيء، وكان متواجد هناك شخص لشراء الكتب يدعى براون أغشي على أوليفر وسقط على الأرض، مما جعل براون يتبرع بأخذه إلى بيته والاهتمام به، ومن هنا بدأت حياة جديدة إلى أوليفر حيث يقطن مع الخادمة التي تدعى بدوين وفتاة تدعى روز مايل والسيد براون، وحينها أعطاه براون نقود وطلب منه استرجاع بعض الكتب.
وفي ذلك الوقت تراه نانسي وتزعم أنه شقيقها الهارب من المنزل وأنّ والده السيد بيل يبحث عنه، حيث حبكوا كل تلك الحكاية من أجل استغلاله في عمليات سرقة المنازل، لكنه فشل وتعرض لإصابة في الرصاص، هنا أخذته بدوين وروز للاهتمام به في إحدى البيوت الصيفية التابعة لهم، وهناك يلتقي من شخص يدعى مونكس وهو من أصحاب ذات العصابة.
ومع مرور الوقت طلب مونكس من فاجن تدمير أوليفر، شعرت نانسي بالخجل جراء ما ارتكبه جهة أوليفر، فعزمت بالذهاب إلى براون وإخباره عن خطة فاجن مونكس، شك فاجن بأمرها وأثنا تتبعها اضطر للدخول إلى أحد المقاهي، وهنا سوغت له نفسه بسرقة الأموال والذهب، علم مونكس بخيانة نانسي وسرعان ما قتلها وهرب.
وعندما سمع براون بخبر قتلها ذهب إلى قسم الشرطة وأخبرهم بكل شيء، فحدثت كثير من التخبطات داخل العصابة، وقد تبين أن مونكس أراد أن يشوه سمعته أوليفر؛ لأنه اكتشف أن أوليفر شقيقه من والده وخاف أن يشاركه في الثروة، وقد وصى والده أنه لا يتم إعطاء الثروة للابن العاطل، عثر براون على مونكس وأجبره بالتنازل عن جزء من الثروة لأوليفر ويذهب مونكس بالجزء الباقي إلى الولايات المتحدة الأمريكية.