رواية البيانو الآلي - Player Piano Novel

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر الكاتب والأديب كورت فونيجت من أهم وأبرز الكُتاب الذين انخرطوا في مجال الأدب، إذ صدرت عنه العدد من المؤلفات الأدبية التي لاقت استحساناً واسعاً حول العالم، ومن أبرز الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية هي رواية البيانو الآلي، والتي تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، وقد تم العمل على إصدار الرواية سنة 1952م، وتناولت في مضمونها الحديث حول كيفية الاعتماد على الآلات والتخلي عن الأيدي العاملة.

رواية البيانو الآلي

في البداية كان يشار بالوقائع في الرواية إلى تلك الأحداث التي سوف تدور في المستقبل القريب، وعلى وجه التحديد أوضح الكاتب أن تلك الأحداث دارت بعد قيام الحرب العالمية الثالثة، بينما كانت الغالبية العظمى من القوات الأميركية تقاتل في الخارج، كان المسؤولون والمهندسون في البلاد يواجهون إحدى المشاكل الكبيرة والمؤثرة في البلاد، ألا وهي مشكلة القوة العاملة المستنزفة.

وبعد الاطلاع على الكثير من الحلول المقترحة لهذه المشكلة تمت الاستجابة إلى حل المشكلة من خلال تطوير الأنظمة الآلية المبتكرة والتي بدورها ساهمت في السماح للمصانع بالاكتفاء والعمل مع مجموعة قليلة جداً من العمال، ومن هنا بدأت الرواية بعد مرور ما يقارب عشر سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثالثة، وقد تم في ذلك الوقت الاستغناء عن خدمات الغالبية العظمى من العمال واستبدالهم بالآلات، كما تطرق الكاتب من خلال الأحداث التطرق إلى موضوع تصوير التشعب السكاني، وقد كان ذلك من خلال تقسيم البلدة التي تعرف باسم إليوم الواقعة في مدينة نيويورك إلى مسكن، حيث يقيم كل الناس هناك ليسوا مهندسين ولا مسؤولين، وعلى الجانب الآخر من النهر الموجود في تلك القرية يقيم جميع المهندسين والمسؤولين.

ومع تطور الأحداث تسير الحبكة في خطين متوازيين، إذ يقتربان من بعضهم البعض لفترة قصيرة فقط ثم بعد ذلك يبدأ الاقتراب يقل يوماً بعد يوم، وفي ذلك إشارة من الكاتب إلى البداية والنهاية في الرواية، ومن أكثر الشخصيات التي تتبع خط سير الأحداث والأكثر بروزًا هو بطل الرواية وهو طبيب يدعى بروتيوس، وفي أغلب الأحيان تتم مناداته باسم بول، حيث كان الطبيب مديراً لأحد المصانع الذكية، ويبلغ من العمر ما يقارب على الخمسة والثلاثين عاماً، كان مسؤولاً عن إحدى الشركات التي تعرف باسم شركة إليوم ووركس، ومن كان في الجهة المقابلة ويتبع خط سير الأحداث الثانوي هم مجموعة من الأشخاص الأمريكيين بقيادة شخص يدعى شاه براتبور، وقد كان الزعيم الروحي لما يقرب الستة ملايين نسمة مجتمعين من إحدى الدول غير النامية.

كان الهدف والغاية من صنع هذين الخطين هو تتبع سير الأحداث بشكل منتظم وتقديم منظورين للنظام المتبع، حيث أن أحدهما يرمز إلى النظام من الداخل، والآخر من يرمز إلى النظام من الخارج، حيث كان يتم تقدير الأمور بين الحين والآخر، وقد كان الطبيب بول يقوم بتحليل كافة النوايا التي يسعون إليها بالإضافة إلى الأهداف التي يطمحون إلى تحقيقها، كما كان يعتبر الطبيب تجسيد حي لما ينبغي لأي رجل من داخل النظام أن يسعى إلى تكوينه، بينما الشاه كان زائر قادم من ثقافة مختلفة تماماً، وبالتالي فإنه كان باستمرار يسعى إلى تطبق سياق مختلف تمامًا على ما يتصوره في جولته.

وفي تلك الأثناء بدأ تتبع خط سير الأحداث الرئيسي من خلال التطور الذي يحدث على شخصية بول، حيث ينتقل من شخصية ثانوية غير ناقدة إلى النظام إلى شخصية منتقدة وصريحة، وفي غضون ذلك كان والد بول وهو ما يدعى جورج هو أول مدير وطني ومدير للصناعة والتجارة والاتصالات التجارية والمواد الغذائية والموارد، كما كان جورج يتمتع بالسيطرة الكاملة على اقتصاد البلاد وكان نفوذه وسلطاته أقوى من رئيس الولايات المتحدة بذاته.

لقد ورث بول عن والده السمعة الطيبة وبالإضافة إلى المكانة الاجتماعية، لكنه مع كل ذلك كان قد أضمر استياءً غامضاً من النظام الصناعي ومدى مساهمته في المجتمع، ومن هنا ازداد صراعه مع هذه الضيقة التي يشعر بها، والذي بدوره لم يتمكن من التغلب عليه، وحينما أبلغه أحد الأشخاص والذي يدعى إد فينيرتي، وهو ما كان الصديق القديم الذي كان يحظى على الدوام باحترام وتقدير كبيرين لدى بول أنه قدم استقالته من عمله كموظف في الهندسية الهامة في مدينة واشنطن العاصمة.

وفي أحد الأيام زار بول وفينيرتي أحد المقاهي الموجودة في قطاع المسكن من المدينة، حيث يقيم العمال الذين تم استبدالهم بالآلات، إذ كانت حياتهم خالية من المغزى في منازل منتجة بالجملة، وهناك التقوا مع وزير الأساقفة وهو ما يدعى لاشر، والذي كان يملك شهادة ماجستير في الآداب في علم الإنسان، حيث استخدم الكلمات الحكيمة من أجل التعبير عن ظلم النظام، وقد كان ذلك الأمر لم يلمسه المهندسان إلا بإبهام، كما عرفوا بعد فترة وجيزة أن لاشر هو من يكون زعيم الجماعة المتمردة والتي تعرف باسم مجتمع قميص الشبح، وهنا انضم فينيرتي على الفور إلى تلك الجماعة، لم يكن بول يتمتع بالجرأة إلى الحد الذي يكفيه لكي يترك كل شيء خلفه ويقطع بشكل واضح صلاته مع الجميع من حوله، كما فعل فينيرتي، إلا أن طلب منه المسؤولين أن يقوم بخيانة فينيرتي ولاشر والانفصال عنهم.

وعلى الرغم من ذلك اشترى الطبيب بول بشكل سري للغاية مزرعة متهدمة، وقد ادعى أنها ورثة من رجل مسن غير معروف، كان هدف بول من ذلك هو أن يبدأ بها حياة جديدة مع زوجته والتي تدعى أنيتا ويحصل على قوته من غلة هذه الأرض، لكن أنيتا شعرت بالاشمئزاز من رغبة بول في تغيير نمط حياتهم بشكل جذري، فقد كانت علاقة بول وأنيتا هي عبارة عن علاقة ذات حواجز عاطفية وخلافات شخصية كثيرة، كما كانت قد تزوجت من بول بشكل سريع، ولكن اتضح في وقت لاحق أن أنيتا كانت امرأة عقيمة، وهي قد جاءت بالأصل من بين جميع الناس على الجانب الشمالي من النهر.

كانت أنيتا هي الوحيدة التي تبدي ازدرائها من الموجودين في المسكن والذي كان ممزوجاً بالحقد والكراهية النشطة، وهذا ما دفع بول أن يكون قاسي للغاية معها، وإن أقسى شيء كان بإمكانه أن يفعله هو أن يشير إليها متسائلًا عن سبب كرهها للمسكن إلى هذا الحد، وأخبرها أنه في حال لم يتزوجها، فالمسكن هو المكان الذي كانت سوف تكون فيه، وسوف تكون بالصورة التي هي عليها.


شارك المقالة: