تُعتبر رواية الحياة والقدر من الروايات التي تناولت جوانب عديدة، فقد أشارت إلى الحرب الوطنية الكبرى، والتي حدثت بين دولتين متشابهتين في طريقة الاستبداد والطغيان، إضافةً إلى المأساة التي كان يعيشها سكان تلك المناطق بأنه ينبغي عليهم أن يقوموا بمواجهة الأعداء ومحاربتهم والحفاظ على دولهم، فسردت تلك رواية الحياة والقدر لتتناول الحديث حول الحساب الذي ترامت أطرافه على حياة الناس، فقد جرت جميع تلك الأحداث في كافة أرجاء روسيا وأوروبا الشرقية في آنٍ واحد.
فلم يُعتمد في سرد الوقائع في الرواية على ترتيب زمني معين، إذ نرى الكاتب فاسيلي جروسمان، مثلاً يقدم شخصية، ثم يقوم بتجاهل تلك الشخصية فيما بعد في الكثير من الصفحات، بعدها يعود إلى سرد الوقائع التي حدثت لتلك الشخصية في اليوم التالي.
شخصيات الرواية
- فيكتور بافلوفيتش شتروم
- ليودميلا
- يفجينيا
- ديمنتي ترايفونوفيتش غتمانوف
- أباركوك
- بيوتر لافرينتييفيتش سوكولوف
- ميخائيل سيدوروفيتش
- صوفيا أوسيبوفنا ليفينتون
- الكابتن جريفك
- نيكولاي غريغورفيتش كريموف
- العقيد بيوتر بافلوفيتش نوفيكوف
قصة الرواية
في البدايات كانت تدور أحداث الرواية حول حياة فيكتور شتروم، إذ كان يعمل عالم فيزياء مشهور وذو اسم لامع، وفي فترة من الفترات تم إجلاء زوجته ليودميلا وابنته نادية من مدينة موسكو إلى مدينة قازان، فقد كان فيكتور شتروم يعاني من صعوبة في أثناء عمله، وكذلك الحال كان مع عائلته، وذات مرة تلقى رسالة من أمه، والتي تسكن داخل الحي اليهودي، فأخبرته أنّ الألمان سوف يقوموا بقتلها قريبًا، وفي تلك اللحظة ذهبت لودميلا لرؤية ابنها من زوجها الأول طوليًا في أحد المستشفيات العسكرية، وفجأة يتوفى ابنها قبل وصولها وعندما عادت إلى مدينة قازان كانت ما زالت متوقعة عودة طوليًا.
وفي أحد الأيام فيكتور شتروم وجد نفسه متورط في كلام معادي للسوفيات، حيث كان ذلك في منزل زميله سوكولوف؛ من أجل لفت نظر زوجة سوكولوف والتي تدعى ماريا، وهي الصديقة الوحيدة لودميلا، فقد كان على الدوام يعمل مقارنات بين الأوضاع السياسية وعلم الفيزياء، فحسب تحليلاته أنّ الفاشية والستالينية لا يوجد بينهم أي اختلاف.
حينها أدرك معنى كلامه، فقدم اعتذاره عن هذه المناقشات؛ وذلك خوفاً من أن يتم القبض عليه لاحقاً، وفجأة وصل فيكتور لإنجاز رياضي عظيم، قادر على حل القضايا التي عرقلت تجاربه، وهنا لا يصدق زملاءه أنه هو من قام بهذا الإنجاز في الحقيقة، بينما في النهاية صدقوا أنه عبقري ومكتشف، وبعد رجوعه إلى مدينة موسكو، بدأ كبار المسؤولين بانتقاد ابتكاراته، فوصفوها بأنها مناهضة لينينية، وأنها تهاجم الهوية اليهودية.
لكن فيكتور لم يقبل بأن يقدم التوبة بشكل علني، فأجبروه على التنحي عن عمله وتقديم استقالته من العمل؛ وتهديده بأنه سيُلقى القبض عليه، وبعد ذلك بفترة قصيرة تلقى مكالمة هاتفية من ستالين؛ حيث أحس ستالين مدى أهمية العسكرية في البحوث النووية، ثم بعد ذلك، يوقع على مذكرة يدين من خلالها رجلين بريئين، حيث تلقى عقابه على هذا الذنب، تحدث جروسمان في التفاصيل النهائية حول عن فيكتور شتروم، فينظر إلى العلاقة غير المترابطة مع ماريا.
وهنا بدأت بقية أحداث الرواية تدور في مركز ستالينجراد، عن يفغينيا شاوشنيكوفا (أخت ليودميلا)، وكريموف(الزوج السابق)، ونوفيكوف (عشيقها) فبعد معاودة الاتصال بنوفيكوف تم الإجلاء. اجتمع نوفيكوف وهو كان يشغل منصب قائد السلاح للدبابات السوفييتية، مع الجنرال نيودبنوف والمفوض السياسي غتمانوف، وكلا منهما كان قد انشق عن الحزب، حينها يبدؤون معًا بالتخطيط من أجل الهجوم على ستالينجراد، فيقوم نوفيكوف بطريقته تأخير البدء في هذا الهجوم؛ خشيةً من فقدان رجاله.
وفي وقت لاحق استنكر غتمانوف نوفيكوف، وعلى أثر ذلك قام باستدعائه للمحاكمة، على الرغم من أنّ الهجوم على الدبابة كان ناجح، وأثناء ذلك، قام كريموف بإرسال المفوض السياسي، من أجل التحقيق في المنزل 6/1، إذ قامت مجموعة قليلة من العسكريين باعتقال الألمان قبل بضعة أسابيع، بالرغم من أنها محاطة بالكامل، ومقطوعة من كافة الإمدادات.
وهنا رفض غريفوف القائد العسكري، القيام بإرسال التقارير إلى المركز الرئيسي، فقد كان محبط من خطاب كريموف، ثم بعد ذلك أصيب كريموف وهو نائم، مما استدعى إجلائه من البيت، وبعد فترة قصيرة، تم تسوية المنزل بالكامل من خلال القنابل الألمانية، وبعدها اتهم كريموف إذ كان شيوعي متشدد بأنه خائن، فتم إرساله إلى سجن لوبيانكا الواقع في مدينة موسكو، وهناك تعرض للضرب المبرح، كما أجبروه على إدانة نفسه.
وفي تلك الأثناء قررت ييفغينيا رفض الزواج من نوفيكوف، ورحلت إلى موسكو؛ من أجل محاولة مشاهدة كريموف وزيارته، وفعلاً استطاعت رؤيته كما يتلقى باقة ورود من يديها، فأدرك حينها أنه لا يزال مغرم بها، ولكن من الممكن أن لا يطلق سراحه إلى الأبد من السجن.
وخلال الأحداث انتقل جروسمان للانخراط بحياة المخيمات ومعرفة وما يحدث فيها، وهناك تأكد لها أنّ الفاشية والشيوعية، هما وجهان لنفس العملة، فقد كان هذا الأمر الذي يزعجها بدرجة كبيرة، ثم بعد ذلك يتم قتلها من قبل الألمان جراء ما فعلته أثناء الانتفاضة، وقد ركز كذلك جروسمان من خلال الرواية على شخصية صوفيا ليفينتون ، وهي امرأة يهودية في طريقها إلى معسكر إبادة النازيين.
وفي الفصل الثالث من الرواية بدأ جروسمان يدخل في أسلوب تحليلي موسع، إذ استغنى عن مجموعة كبيرة من الشخصيات التي خلقها، ولكن ما كان المشترك بين جميع أبطال الرواية هي النهاية، فقد هلك الغالبية العظمى من أبطالها خلال الحرب، إذ كانت جميع هذه الشخصيات، كما ظهر للقارئ، هي جزء من قصة أكبر وأطول، وهي القصة التي تحدثت عن روسيا والعالم والإنسانية بالمفهوم العام، وفي الفصل النهائي نرى جروسمان يعزز فكرة العالمية.
وفي النهاية تم رفع معنويات القارئ، فعلى الرغم من موت العديد من شخصيات الرواية، ورغم المآسي التي شهدتها، إلا أنه شخص واحد يحصل على نهاية سعيدة على الأقل، بالإضافة إلى أنّ جروسمان وصف في روايته أن من موظفي الحزب الشيوعي، كانوا يتبعون بشكل أعمى توجه الحزب، فهم من شكلوا الأساس لنظام القمع، ومن بين هؤلاء العمال هو الشيوعي، كما أكدت الرواية أنّ هناك العديد من العائلات وكذلك وقرى، قد عانت لفترة طويلة من مجاعات حتى لقيت حتفها، فقد كان ذلك عن قصد عبر التجميع في الاتحاد السوفيتي.
وفي نهاية الرواية، أوضح جروسمان للقارئ، الفكرة الأوسع والشمولية من الرواية والتي أراد توصيلها، ألا وهي أنه بالرغم من الحرب، والإبادات الجماعية التي قد حصلت خلال الحروب، والمعاناة والدمار والكوارث التي عاشها الناس، إلا أنه وبالرغم من ذلك تبقى الحياة مستمرة.