تُعتبر الرواية من أهم الأعمال الأدبية التي اشتهر بها الكاتب والأديب ميخائيل بولغاكوف، وهو من مواليد دولة روسيا، حيث لاقت الرواية انتشاراً واسعاً حال صدورها، وقد تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، كما تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، وقد تم العمل على نشرها بعد وفاة مؤلفها بسبعة وعشرين عام سنة 1967م، وقد اعتبرها النقاد إحدى أهم الروايات في القرن العشرين، وواحدة من أهم المقطوعات الهجائية التي تم توجيهها للنظام السوفييتي. وأثرت في العديد من الأعمال الفنية في وقت لاحق.
نبذة عن الرواية
أول ما تطرق الكاتب إلى كتابة الرواية كان في سنة 1930م، حيث أنه كتبها على مخطوطة أو ما تعرف بالمسودة، ثم بعد ذلك عزم على حرقها؛ وذلك بسبب دخوله في حالة من اليأس من إمكانية العمل على نشر الرواية من قِبل دور النشر؛ وذلك جراء الموضوع الذي تطرق له في مضمون الرواية، كما أن وضعه ككاتب كان من المغضوب عليهم في ذلك الوقت، ثم بعد مرور فترة وجيزة أعاد كتابتها واستعاد أحداثها من ذاكرته، ولكن عاد وحرقها مرة أخرى وبقي على هذا الحال إلى أن وصل إلى كتابة المسودة الرابعة، وأبقاها على حالها إلى أن تم العمل على إصدارها سنة 1967م.
في بداية الأمر تم العمل على نشر الرواية من قِبل السيدة إيلينا، وهي أرملة الكاتب للمرة الأولى في إحدى المجلات التي تعرف باسم مجلة موسكو الأدبية، وقد كان ذلك من خلال مجموعة من الحلقات المتسلسلة منذ شهر نوفمبر وحتى شهر يناير، إلا أنه تم حذف منها ما يقارب على ربع الأحداث من مجملها؛ وذلك بداعي توفير مساحة.
لكن الغالبية كانت تشير إلى أن الحذف كان بسبب التحفظات السوفيتية على مضمون الرواية والموضوع التي تناولته، فحذف منها ما يتعلق بممارسات الشرطة السرية، كما تم حذف اللغة التي استخدمتها البطلة والتي وصفت باللغة الفظة والبذيئة، بعد ذلك انتشرت الأجزاء المحذوفة في كتيبات صغيرة تمت طباعتها ونشر النص فيها بشكل كامل في مدينة باريس سنة 1967م، وبعدها نشر في دولة ألمانيا سنة 1969م، وفي تلك الطبعة تم إبراز الأجزاء المحذوفة من الأحداث بالخط المائل.
وفي سنة 1973م تم العمل على نشر الرواية كاملة للمرة الأولى على شكل كتاب صادر، وقد كان ضمن مجموعة من الأعمال الأخرى للكاتب لم يتم نشرها من قبل، وقد أعدت المخطوطة على أنها الطبعة النظامية للدارسين والباحثين وفي الفصول الأخيرة من الرواية نسخ الكاتب كل الأحداث الحقيقية التي وردت إلى آخر مسودة، إلا أنه توفي قبل أن يلائم بينها وبين الرواية حسب نسختها الأخيرة، وهنا تولت زوجته ضم الفصول الأخيرة من المسودات السابقة إلى المسودة الأخيرة للراوية قبل إعداد النسخة الأخيرة منها.
رواية المعلم ومارغريتا
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول إحدى الزيارات المفترضة التي يقوم بها شيطان يدعى فلوند إلى مدينة موسكو وقد كانت العاصمة السوفييتية آنذاك، وقد كانت وقائع الزيارة تدور في أوائل الثلاثينيات وأول ما تبدأ به هو مشهد يتم به مجادلة بين أحد الشعراء الذي يدعى بزومين وأحد الأدباء يدعى بلويز وهو رئيس لإحدى الرابطات التابعة إلى الماسونية الأدبية التي تتضمن الحديث حول وجود المسيح والشيطان، ليظهر في ذلك الوقت لهما فلوند وقد أثبتت أن هناك وجود أكيد للمسيح والشيطان من خلال حكاية يظهر بها أحد المشاهد للقاء بين كل من بيلاطس ويسوع وهذا ما كان اسم مصحف للمسيح، وعلى إثر ذلك اللقاء تنبأ بوفاة بلويز، وإصابة بزومين بأحد الأمراض النادرة والذي يعرف بمرض الشيزوفرانيا.
وفي وقت لاحق ظهر فلوند في المنزل الذي يقيم به بلويز، والذي كان يتقاسمه مع أحد مدراء المسارح الخاصة بالفنون المتنوعة والذي يعرف باسم ليخيف، وفي تلك الأثناء يُرسل ليخيف إلى إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة يالطا؛ وذلك من أجل الاستيلاء على ذلك المنزل، وقد كان ذلك بمساعدة مجموعة من أفراد عصابته الخاصة والتي بدورها كانت قد روعت بكل من بزومين وشخص يدعى كرفيف وآخر يدعى بيه موث.
ثم بعد ذلك انضمت إليهم فتاة تدعى هيلا، وهي من الفتيات اللواتي كانت مصنفات ضمن مصاصات الدماء، بالإضافة إلى شخص يدعى عزاز يلو، وقد كان ذلك الشخص مأجور ومتخصص في القتل، وفي ذلك الوقت تولى كرفيف تنظيم إحدى الحفلات من أجل القيام بكشف السحر الأسود وفضحه أمام الجميع؛ وقد كان ذلك الأمر تلبية لرغبة فلوند في رؤية أهل مدينة موسكو، وبالفعل امتلئ المسرح من جميع الجوانب، وفي غضون ذلك أحيا كل من كرفيف وبيه موث الحفلة، والتي كانت مزدحمة بالأمور والأحداث المرعبة والغريبة.
وفي ذلك الوقت ظهر شخص يدعى بيلاطس مرة أخرى من جديد، والذي كان بدوره يتدبر أمور العفو عن المسيح، لكن ما عرقل طريقه هو أن الكهنة اليهود يرفضون السعي خلف ذلك العفو، ثم بعد ذلك ظهر شخص يدعى ليفي وقد كان يحاول مراراً وتكراراً إنقاذ المسيح من العذاب، ولكن كل ما قام به كان دون فائدة على الاطلاق.
وفي تلك اللحظة قابل بزومين المعلم، وقد أخبره المعلم أنه قام بتأليف رواية وثق من خلالها الأحداث والمغامرات التي قام بها بيلاطس، والذي كان في ذلك الوقت والي الحاشية اليهودية الخامسة، كما تحدث عن حبه إلى إحدى الفتيات التي تعرف باسم مارغريت.
وفي تلك الأثناء حاول بيلاطس أن يخطط ويدبر أمر مقتل فتاة تدعى يهوذا، وهنا قبلت مارغريت إحدى الدعوات التي قدمت لها من قِبل عزاز يلو؛ وذلك من أجل القيام بزيارة فلوند، وهنا تصبح مارغريت ساحرة، وهذا ما جعلها تنضم إلى الشيطان وتجلب معها خادمتها إلى إحدى الحفلات والتي يتم خلالها قتل البارون الذي يدعى مايكل، وهو من أحد الشخصيات البارزة والمكلفة في التعامل مع السياح؛ وذلك بسبب مشكلة بينهما، ثم بعد ذلك يعود الجميع إلى إحدى الشقق التي تحمل الرقم خمسين، حيث يواصل كل من كرفيف وبيه موث الاستمرار بالحيل والمكر والخداع والألاعيب.
وفي النهاية تطلب مارغريت من فلوند أن يستدعي لها المعلم، وبالفعل لبى طلبها واستدعاه لها، وهنا يعيد له روايته المحترقة ويقول له: إن الكتب لا تحترق، ثم بعد ذلك عاد كل من المعلم والساحرة إلى منزل الأخيرة، في حين يقوم كرفيف وبيه موث بعدة مغامرات أخيرة، وقد كان ذلك بعد أن تتم محاصرة الشرطة إلى الشقة رقم خمسين، والتي تكررت العديد من الإخباريات الغريبة حولها، لكن بيه موث يهزأ ويسخر من رجال الشرطة، ويعزم على حرق الشقة وسرعان ما غادر برفقة كل من فلوند وكرفيف في وضح النهار مودعين في تلك اللحظة مدينة موسكو بأكملها.