تُعتبر المؤلفة والأديبة أجاثا كريستي وهي من مواليد مملكة بريطانيا العظمى من أهم وأبرز الكاتبات اللواتي ظهرن في القرن التاسع عشر، حيث أنّ لها باع طويل في كتابة وتأليف الروايات والقصص القصيرة، كما أنها تميزت أعمالها ومؤلفاتها الأدبية بأنها روايات بوليسية، ومن أهم الروايات التي اشتهرت بها هي رواية جريمة في قطار الشرق السريع، حيث أنها اعتبرت من الروايات التي تم تجسيدها في العديد من الأفلام السينمائية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية.
نبذة عن الرواية
تم العمل على إصدار الرواية ونشرها لأول مرة في المملكة المتحدة سنة 1934م، ونظراً للإقبال الذي لاقته الرواية تم بعد ذلك تم نشرها في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1935م من قِبل نادي كولنز للجرائم، وقد تم تصنيف الرواية على أنها من روايات التحقيق، وقد دار حول الرواية العديد من الآراء الإيجابية، فهناك من أشار إلى أن الكاتبة أجاثا كريستي قد جعلت النهاية مفتوحة أمام القارئ وذلك من أجل السماح للقارئ بالمشاركة في أحداثها وتقديم اقتراحات لنهاية الرواية.
وهناك من أشار إلى أن المؤلفة قد أبدعت في استخدام أسلوب بليغ لحبكة الرواية وسرد أحداثها بهذا الشكل المحكم، وقد أوضح الأدباء بالرواية وقالوا عنها إنها جريمة مثالية، وعلى أثر ذلك تم إدراج الرواية ضمن قائمة المجلة التي تعرف باسم إنترتينمنت ويكلي، حيث تم تصنيفها من أعظم تسع روايات للأديبة أجاثا كريستي.
وقد كتب آيزاك آندرسون عن الرواية عند إجراءه مراجعة لكتب صحيفة ذا نيويورك تايمز، لقد كانت تخمينات المحقق متبصرة إلى حد كبير، حيث أنه كانت إعجازية بشكل إيجابي، فعلى الرغم من أن حبكة الجريمة وحلها يكادان يكونان من الأمور المستحيل حدوثها، إلى أن أجاثا كريستي تمكنت بفضل إبداعها المميز من جعلهما يبدون مقنعين جدًا لجميع من يقرأ الرواية في الزمن الذي حدثت به، وما الذي قد يريده الأشخاص الذين يستمتعون في قراءة الروايات الغامضة أكثر من ذلك إبداع وإتقان؟.
رواية جريمة في قطار الشرق السريع
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في تلك اللحظة التي وصل بها شخص يدعى هيركيول بوارو إلى أحد الفنادق والذي يعرف باسم فندق التوكاتيلان والذي يقع في مدينة إسطنبول عاصمة دولة تركيا، حيث أنه في أحد الأيام يصل إلى هيركيول بوارو رسالة مكتوب فيها على أنه ينبغي عليه على الفور أن يقوم بإلغاء جميع مخططاته وأعماله، والتوجه فوراً صوب مدينة لندن، وهنا يقوم بوارو بالطلب من أحد العمال الذين يقيمون في الفندق ذاته أن يقوم بحجز له حجرة من الدرجة الأولى في أحد القطارات الذي يطلق عليه اسم قطار الشرق السريع.
وفي ذلك الوقت من العام تكون الرحلات على السكك الحديدة والقطارات مزدحمة إلى حد كبير على غير العادة، حيث أن ركابه كانوا من مختلف الجنسيات والبلدان، كان موعد سير الرحلة على ذلك القطار في المساء، وفي أثناء تلك الرحلة التقى بوارو مع أحد الأشخاص الذي يدعى السيد راتشل، وهو رجل ثري وتعود أصوله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ذلك الوقت ذلك الرجل يواجه خطر يهدد حياته، وعلى أثر ذلك طلب من السيد بوارو أن يقدم له المساعدة والحماية، ولكن بوارو يرفض طلبه نهائياً ويقول له: إن ملامح وجهك لا توحي إلي بالرضا، بل تشعر بالقلق.
وفي الليلة الثانية من الرحلة، اضطر القطار على التوقف في أحد الأماكن؛ وذلك جراء تراكم الثلوج الكثيفة، وقد كان ذلك المكان بالقرب من مدينة فينكوفتشي الواقعة في دولة يوغوسلافيا، وفي تلك الليلة حدثت الكثير من المجريات والأحداث التي تسببت في إزعاج بوارو، وعلى أثرها لم يقوى على النوم في تلك الليلة، ومن ضمن تلك الأحداث كان هناك صراخ يصدر من الحجرة التي يستقلها السيد راتشل، وفي صباح اليوم التالي يقوم شخص يدعى السيد بوك وقد كان من أحد معارف السيد بوارو، كما أنه مدير الشركة التي تعود لها ملكية القطار بإعلان أن السيد راتشل قد تعرض للقتل، وفي تلك الأثناء يعزم على السيد بوارو أن يقوم بالتحقيق في القضية؛ وقد كان ذلك من أجل تجنب معرفة الشرطة اليوغوسلافية والتعامل معهم، وهنا يلبي بوارو طلبه.
وفي ذلك الوقت قام بوارو بإجراء العديد من التحقيقات والتحريات، كما قام بمعاينته الجثة والحجرة التي يقيم بها السيد راتشل، وقد أشارت التقارير الأولية إلى أنه قد توصل إلى الدوافع التي قادت إلى ارتكاب مثل تلك الجريمة، حيث أنه قبل العديد من السنوات كانت قد حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية عملية اختطاف طفلة تدعى دايزي آرمسترونغ، وقد كانت في ذلك الوقت ما زالت تبلغ من العمر ثلاثة سنوات، وقد تم التوصل إلى أن الرجل الذي قام بعملية الخطف يدعى كاسيتي.
والذي على الرغم من أنه تم تقديم الفدية له من عائلة الطفلة، لكنه عزم على قتل الطفلة، وعلى أثر ذلك كانت عائلة الفتاة قد تعرضت إلى صدمة كبيرة حطمت كل فرد من أفراد عائلة الطفلة، حيث تتسبب ذلك المجرم في انتحار عدد من أفراد عائلتها، وفي ذلك الوقت يتم القبض على المجرم والذي كان يدعى كاسيتي، لكنه ينجح في الفرار من وجه العدالة في الولايات المتحدة، وقد كانت تلك الجريمة قد هزت في جميع أرجاء أمريكيا، وعند إجراء التحريات من قِبل بوارو في حجرة راتشل، يتوصل إلى أنه هو ذاته كاسيتي.
وفي ذلك الوقت بعد مواصلة إجراء العديد من التحريات والتحقيقات حول جريمة القتل، تم التوصل إلى أن جميع الركاب تربطهم علاقات وثيقة مع عائلة الطفلة، وبناءً على ذلك فالجميع يمتلكون الدوافع الذي يجعلهم يقدمون على قتل ذلك الشخص، وهنا يقدم بوارو مجموعة من الاقتراحات؛ وذلك من أجل حلّ القضية وإنهائها بالكامل، وهنا يترك السيد بوك الأمر بأكمله إلى بوارو؛ وذلك من أجل اختيار الحل المناسب وتقديمه للسلطات المعنية بذلك في دولة يوغوسلافيا.
وقد كان الاقتراح الأول هو في أن هناك شخص غريب لم تعرف هويته على الاطلاق قد اقتحم الرحلة وقام بقتل السيد راتشل، والاقتراح الثاني كان يتضمن بالقول أن كل الركاب والذي يبلغ عددهم ما بين اثني إلى ثلاثة عشر قد اشتركوا في ارتكاب الجريمة، وقد كان الهدف من هذا الاقتراح أن يتم تحقيق العدالة والمساواة والتي من وجهة نظر بوارو لم يتم تحقيقها على الاطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية، وهنا تقدم إحدى السيدات من اللواتي يعتلن الرحلة والتي تدعى السيدة هوبارد لتقول أنها في الحقيقة تدعى ليندا أردين، وهي جدة الطفلة ديزي آرمسترونغ التي تم خطفها وقتلها بكل وحشية، وهنا تقر بأن الاقتراح الثاني هو الحل الصحيح والذي ينبغي على الجميع الموافقة والاجماع عليه.