رواية عطر - Perfume Novel

اقرأ في هذا المقال


من الروايات التي لاقت صدى واسع حال صدورها وأثارت جدلاً واسعاً في مجال الأدب هي رواية عطر، فهي من الروايات التي تم تصنيفها تحت مسمى رواية تاريخية وقد كانت تعود كتابتها إلى المؤلف والأديب باتريك زوسكيند، وهو من مواليد دولة ألمانيا، تم نشر الرواية سنة 1985م، أول ما صدرت الرواية كانت باللغة الألمانية ثم بعد ذلك تمت ترجمتها إلى العددي من اللغات العالمية، كما تم تجسيدها في فيلم سينمائي.

رواية عطر

في البداية كانت تدور أحداث الرواية بداية القرن الثامن عشر حول شاب يدعى جرينولي، حيث تعمل والدته بائعة أسماك، وعندما جاءت موعد ولادة والدته به ذهبت خلف المحل الذي تعمل به وقامت بولادته بنفسها هناك، إذ كانت لا تريده أن يأتي إلى الحياة، فعملت على تركه بنفس المكان الذي ولدته به ليموت هناك.

وبينما كان الطفل في حالة بكاء شديد كان يمر بعض الأشخاص من نفس المنطقة حيث عزموا على إنقاذه، لكن ما كان غريباً أن ذلك الطفل لم تكن له أي رائحة، وعلى أثر ذلك تم إلقاء القبض على أمه والحكم عليها بالإعدام جراء فعلتها تلك، كما تبين أن لها العديد من سوابق في مثل تلك الأفعال، وبقي جرينولي طفل لقيط في نظر العالم.

تم إرسال جرينولي إلى دار تشبه دار الأيتام؛ وذلك من أجل تقديم كل الاهتمام والرعاية اللازمة له، وقد كان من يدير ذلك البيت سيدة تسمى جيلارد، لكن تلك السيدة لم تكن من السيدات اللواتي يملأهن الحيوية والنشاط، وإنما من النساء البائسات والمحطمات عاطفياً، وحين وصل جرينزلي إلى الثامنة من عمره بدأ بصقل شخصيته والانخراط في العمل.

حيث عزم على تعليم مصلحة الدباغة لصالح رجل يسمى جريمال حيث تعب جسمه من تلك المهنة، ومع مرور الوقت أصبح جرينزلي يحتل مكانة في المدبغة، وبالأخص حينما تماثل للشفاء من إصابة بمرض الجمرة الخبيثة، بدأ يتعامل معه بطريقة أفضل ويسمح له بمزيد من الحرية، حينها أخذ يتجول في شوارع مدينة باريس يبحث عن روائح جديدة، فقد كان يتميز بأنه له حاسة شم قوية لا يقوى على الشم أحد مثله.

وفي إحدى المرات وأثناء تجوله لشم الروائح حول المدينة شمّ رائحة من ألذ الروائح التي عرفها، حيث كانت تلك الرائحة تفوح من فتاة مراهقة، فقد كان قد تمكن من شم الرائحة من مسافة بعيدة جداً، وبدأ في تتبع الرائحة حتى اقترب منها لكن المكان كان مظلم للغاية، فشعرت الفتاة أن هناك من يقترب منها، وما لبثت أن التفت إليه حتى قام بخنقها على الفور؛ وذلك من أجل أن يشغف قلبه ويستمتع بشم تلك الرائحة، وبقي يخنق فيها حتى ماتت، فغادر المكان دون أن يهتم بما قام بفعله.

وفي إحدى الليالي وقع عليه مهمة توصيل مجموعة من جلود الماعز إلى أحد العطارين ويسمى بالديني، وطلب منه أن يعمل لديه بعد أن رآه أنه يمتلك حاسة شم مميزة كما يمتلك موهبة خارقة في خلط العطور، اندهش بالديني جداً من رائحة العطر الذي عمله جرينولي، وحينها حتى قام بتشغيله عنده، وأثناء عمله لدى بالديني قام بابتكار أفخم أنواع العطور التي شاعت بسرعة في مدينة باريس، وهذا ما جعل بالديني يحصل على الكثير من المال ويصنع الثروة.

وقع جرينولي مرة ثانية في المرض، لكنه ما لبث إلى أن تعافى بسرعة، حينها أخبره بالديني أنه يمكنه تعلم طرق أخرى لدمج العطور وحفظ الروائح بشكل أفضل في مدينة جراس الواقعة جنوب فرنسا، وقد كانت تلك الأخبار بث الروح في جرينولي من جديد، وفي تلك اللحظة عزم على الذهاب فوراً لتعلم تلك الطرق وترك بالديني.

وأثناء سفره إلى مدينة جراس توجه جرينولي إلى كهف جبلي، وقضى هناك مدة سبع سنوات، حينها أخذ يتفكر ويتأمل بجميع الروائح التي تعرف عليها طوال حياته، وأثناء ذلك عرف للمرة الأولى أنه ليس لنفسه رائحة خاصة به، ففزع فزعًا شديدًا وغادر الكهف، وبدأ بصنع رائحة خاصة به، ثم غادر الجبل إذ كان يبدو كأنه رجل بريه.

وحينما وصل إلى قرية تعرف باسم بيروفورت أثار رعب الجميع فقد كان شكله غير متحضر، فأخذ بيده عالم يتصف بالجنون وينتمي إلى طبقة النبلاء، وعمل على إعادة تأهيله من جديد، حيث اعتقد أنه مثال أوّلي على النظرية التي أطلقها فلويدوم ليتيل والتي كانت مبنية على افتراض أنّ الأرض تبث غاز مميت تحاول كل الكائنات على وجهها الهروب منه عن طريق الالتحاق بالتطور، فقد كان يظهر جرينولي على أنه رجل بري تلوث جراء الغاز المبعوث من الأرض، وبعد أن انعقدت جلسة بين مجموعة من الشخاص يطالبون فيها الحصول على إثبات علمي لتلك النظرية، فرّ جرينولي وتوجه إلى مدينة جراس.

بدأ العمل هناك في محل صغير للعطارة وأخذ يتعلم مجموعة من الطرق المتنوعة في تقطير العطور، وعلى وجه الخصوص كيفية تشريب العطور، حينها تطور في عمله ليبدأ في تقطير روائح أخرى عدا الأزهار، فأخذ بتجربة روائح الحيوانات، وفي ذلك الوقت رآى أنه ينبغي عليه أن يقوم بقتل الحيوانات حتى يحصل على الرائحة الحقيقية منهم، وفي أثناء قيامه بعمله اشتم رائحة تشبه كثيراً رائحة الفتاة التي قام بقتلها في باريس، حيث كانت رائحة فتاة أخرى في جراس تسمى لوري ريشيس، فأخذ يفكر في خطة من أجل صنع رائحة منها، لكنه احتاج إلى روائح أخرى مضافة؛ لتحسن من رائحتها وتجعلها من أروع الروائح.

وهذا ما جعل جرينولي يقوم بقتل ما يقارب أربعة وعشرين فتاة مراهقة في مدينة جراس، وقام بتقطير جميع الروائح التي حصل عليها من جثثهن من خلال عملية التشريب البارد، حتى انتهى به الأمر إلى قتل فتاة تدعى لوري، وهي من كانت تمتلك أفضل رائحة، وتمكن من الحصول على رائحتها كذلك، وكانت جائزته الأخيرة بأن تم القبض عليه وإصدار حكم الإعدام بحقه جراء الجرائم التي ارتكبها، ولكن أثناء طريقة لتنفيذ حكم الإعدام به نثر الرائحة التي صنعها من جثث الضحايا، مما عمل على تغيير فكر جميع الحشود التي كانت معه، واقتنعوا تماماً أنه شخص بريء وينبغي إطلاق سراحه.

ثم بعد ذلك توجه إلى باريس حاملًا معه زجاجات العطر، فهو يقوى على جعل جميع الناس يحبونه جراء رائحة العطر التي يمتلكها، لكنه حبه يبقى أجوف؛ لأن جرينولي لا يمتلك رائحة خاصة به، وعند وصوله مدينة باريس رجع إلى المكان الذي ولد فيه، حيث كان بالقرب من مقبرة ذات رائحة كريهة ومنبوذة، وهناك أشعل مجموعة من الأشخاص المشردين النار وبدأوا بالتجمع حولها، بدأ جرينولي بالدخول إلى دائرة المشردين وغرّق نفسه بالعطر، فثار بالمشردين حبه والرغبة العارمة اتجاهه حتى وصل بهم الأمر إلى أنهم قاموا بالهجوم عليه والإقدام على أكله.


شارك المقالة: