من المعروف أن المؤلف والأديب تشارلز ديكينز وهو من مواليد دولة إنجلترا، من الكُتاب الذين اشتهروا باختيار المواضيع في الروايات مما تناسب المجتمع وتطرح قضايا مجتمعية واقعية وحقيقية، ومن رواياته التي اشتهرت بملامستها للشعب البريطاني هي متجر الفضول القديم، تمّ إصدارها في المرة الأولى على شكل كتاب سنة 1841م.
نبذة عن الرواية
تناولت الرواية موضوع أحد المتاحف القديمة والذي يحتوي على قطع نفيسة وثمينة وفريدة، فقد كانت غالبية القطع التي في المتجر لا يوجد منها قطع أخرى مثلها في أي مكان، وقد لاقت الرواية صدى واسع بين أفراد الشعوب في مختلف دول العالم لدرجة أنه حين تم وصول الجزء الأخير من الرواية إلى مدينة نيويورك همّ أفراد الشعب بالهجوم على السفينة التي شُحن على متنها، واقتحموا الرصيف التي حطت به السفينة، ونظراً للرواج العالي التي لاقته الرواية عزمت الملكة فيكتوريا على قراءتها بنفسها حيث أعطت رأيها بها وقالت: إنها مكتوبه بكل ذكاء وحنكة لدرجة تجعل القارئ يهتم لمعرفة نهايتها.
رواية متجر الفضول القديم
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول فتاة في مقتبل العمر حيث تبلغ الرابعة عشر عاماً تميزت بدرجة عالية من الجمال والذكاء والفطنة تدعى نيل ترينت، ولدت نيل يتيمة الأب والأم، وقد تبناها جدها من جهة والدها بأخذها للعيش معه في المكان الذي يعيش فيه وهو متجر لبيع التحف، كان جدها متعلق بها لدرجة كبيرة ويحبها بشدة، بينما هي كانت من الفتيات الهادئات التي لا تثير أي فوضى أو إزعاج وليست متطلبة تسير على خطى عيش جدها، كما كانت لا تتعرف على الكثير من الأطفال من عمرها، فقد كان لديها صديق واحد فقط وهو يدعى كيت، وقد كان من الأطفال اللطيفين والمهذبين وفتى صادق وأمين يعمل في المتجر الذي يمتلكه جدها، كانت نيل كل يوم تعمله جزء من القراءة والكتابة.
وفي أحد الأيام بدأ الجد يفكر في كيفية تأمين مستقبل نيل بعد وفاته، فلم يكن أمامه إلى التوجه نحو لعب الورق وكسب المال من خلاله، إذ كان على الدوام ما يشغل تفكيره أن لا تعيش نيل حياة بائسة كلها فقر وحاجة إلى الغير، وقد كان خوف الجد هذا نابع من الحالة التي توفي بها والداها، فقد كانا يعانيان من الفقر الشديد، كان الجد يذهب إلى لعب الورق بالخفية، فلا يريد أن يعلم أحد أنه يلعب الورق، لكن الجد لم يحالفه الحظ في كل المرات، فحينما تكون النقود التي يلعب بها قليلة يفوز، وعندما يكون النقود التي يلعب بها كثيرة يخسر.
ولهذا لجأ الجد إلى أحد الأشخاص الذي يدعى دانييل كويلب وهو شخص حقود وخبيث لا يعرف حبيباً ولا صديقاً لطلب المال، ومن هنا بدأت الديون تتراكم على الجد يوماً بعد يوم، إلى أن وصل به الأمر أن يستولي دانييل على المتحف الذي يمتلكه الجد، مما أدى إلى حدوث انهيار عصبي أدى إلى تدهور في حالة الجد الصحية، فعزمت نيل على أخذه إلى إحدى المناطق الوسطى والتي تعرف باسم قرية تونغ في إنجلترا؛ وذلك حتى يبدآن حياة جديدة، لكن الظروف التي أحاطت بهما جعلتهما يسيران في طريق التسول لتأمين لقمة العيش.
نيل كان لها أخ يدعى فريدريك وهذا الأخ كان يحب حياة الترف والبذخ والرفاهية، مما دفعه إلى إقناع أحد أصدقائه والذي يدعى ديك سوييلفر وهو من الأشخاص الذين يتصفون بالطيبة الزائدة أن يقوم بتتبع تحركات نيل، حيث كان يشجع صاحبه على القيام بذلك الأمر معتقداً أن جده يمتلك الكثير من الأموال المخفية والثروة الهائلة، وما شجع ديك على ذلك أن فريدريك وعده بأن يتزوج من نيل ومشاركتهم في ذلك الكنز، وهنا اجتمع كل من دانييل وديك وفريدريك لتحقيق ذلك الهدف المبتغى، كان دانييل رجل مخادع فهو يعرف تمام المعرفة أنه لا يمتلك جد نيل أي نقود، لكنه كان يريد أن يستمتع بخيبة أمل الشابين، عزم دانييل في إحدى المحاولات لتتبع نيل، لكن في كثير من الأحيان كان فريدريك وديك يختفيان عن الأنظار.
وهذا ما جعل دانييل يسعى في تعيين ديك كموظف كاتب لدى أحد المحاميين المعنيين له ويدعى السيد براس؛ وذلك حتى يتمكن من جعله تحت أنظاره دائماً، وفي تلك الأثناء تعرف ديك على إحدى العاملات التي كانت قد عانت من معاملة السيد براس السيئة لها، وقد كان نيل يطلق عليها اسم الخادمة النبيلة، بينما نيل كانت ما زالت تحوم في الشوارع من أجل التسول، وهذا ما جعلها تتورط مع شخصيات مختلفة ومتعدة من مختلف الطبقات المجتمعية، لكنها تمكنت من توصيل جدها إلى بر الأمان ونجحت في ذلك، لكن ذلك لم يكن بالمجان فقد دفعت صحتها ثمناً لذلك.
وفي أحد الأيام ترك كيت عمله في المتجر، وبدأ يبحث عن عمل جديد في مكان آخر، وبالفعل سرعان ما حصل على عمل لدى أحد الأشخاص الذي يدعى غالاند وزوجته، وفي هذه الأثناء تواصل أحد الرجال النبلاء الذي كان غامض في ذلك الوقت مع كيت، إذ كان يبحث عن أي أخبار عن نيل وجدها، ومن هنا اتفق كل من الرجل النبيل وأم كيت على ملاحقة وتعقب فريدريك وديك للعثور على المكان الي يقطن به نيل وجدها دون فائدة.
وفي تلك الأثناء التقيا بدانييل، والذي كان بدوره أيضاً يبحث عنهم في ذلك الوقت، ومن هنا بدأت الكراهية والحقد تملأ قلب دانييل تجاه كيت، وسعى بأي طريقة إلى أن يلصق به تهمة السرقة، جراء إدلاء كيت ببعض المعلومات حول أنه ممكن التوصل إلى نيل وجدها من خلال تتبع ديك وفريدريك، وعندما نجح دانييل بذلك تم الحكم على كيت بالرحيل من المنطقة بأكملها، وعندما سمع ديك بذلك، حاول ساعياً بمساعدة الخادمة النبيلة إلى نفي التهمة عن كيت، وبالفعل تمكنوا من إثبات براءته.
وهنا كان الكثير من الأشخاص الذين يكرهون دانييل ويحقدون عليه جراء أفعال سيئة التي قام بفعلها معهم، فقاموا بملاحقته من مكان إلى آخر حتى استطاعوا القضاء عليه وقتله، وفي ذلك الوقت علم السيد غارلاند بالمكان الذي تعيش به كل من نيل وجدها من باب الصدفة، وسرعان ما أخبر الشخص النبيل وكيت، وقد ذهب برفقة كيت والشخص النبيل والذي اتضح أنه الشقيق الأصغر لجد نيل.
وبالفعل عثروا عليهم ولكن من سوء الحظ كانت نيل قد فارقت الحياة جراء رحلتها الشاقة والمتعبة، لم يتقبل الجد حقيقة موتها إذ أخذ بزيارة قبرها والجلوس بجواره بشكل يومي، حيث كان في تلك الفترة يعاني من ضمور في العقل، وبقي على تلك الحال، فقد كان يعتقد أن نيل سوف تعود في يوم من الأيام وكل يوم كان ينتظر رجوعها إلى أن جاء وقت وفاته، وقد كان ذلك بعد بضعة أشهر من وفاة نيل.
