ما الغاية من الأمثال
ما الأمثال إلّا مقولات ذات مغزىً وتحمل بين طيّاتها العظة والفائدة، والإيجاز من غير حشو أو إطالة هو أهم مميزات الأمثال، مع عمق في المعنى وكثافة في الفكرة، وقد توارثتها الأمم مشافهةً من جيل إلى آخر، والمثل عبارة محكمة البنية بليغة، شائع استعمالها عند طبقات المجتمع كافة، وإذ يلخّص المثل حكاية عناء سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة، فقد حظي عند الناس بثقة تامّة، فصدّقوه ذلك أنّه يُهتدى به في حلّ مشكلة قائمة بخبرة مكتسبة من معضلة قديمة، وتلك المعضلة القديمة آلت إلى عبرة لا تُنسى، وقد قيلت هذه العبرة في جملة موجزةٍ قد تُغني عن رواية ما جرى هي الأمثال، وفيما يلي بين يدينا مثل عربي مشهور هو: “طير ابن برمان”.
أصل مثل: “طير ابن برمان”
يُعتبر مثل: “طير ابن برمان” أحد الأمثال الشعبية العربية التي تشيع في المملكة العربية السّعودية، وابن برمان هذا رجل دوسريّ، وقال آخرون: إنّه شمريّ كان لديه صقر يملكه، والمثل يُضرب فيمن يحمل السّوء لصاحبه أو يسبب له الضّرر والأذى، وللمثل حكاية شهيرة وقعت مع ابن برمان وطيره.
قصة مثل: “طير ابن برمان”
ترجع حكاية مثلنا هذا إلى ابن برمان، وقد كان لابن برمان طير مخلص يساعده في الصّيد، إذ إنّه اعتاد الخروج إلى البرّ، ويصطاد فيرسل طيره؛ ليبحث عن الفريسة ويهجم عليها ثمّ يمسكها، ويعود بها إلى صاحبه فيلقيها بين يديه، وفي أحد الأيّام خرج ابن برمان كالعادة إلى البرّ، ثم قام بإطلاق طيره، وجلس يراقبه حتى اختفى من مجال رؤيته، وغاب طويلًا دون أن يجد صيدًا، ثم عاد إلى صاحبه، وأثناء عودته وجد حيّة رقطاء ملتفّة حول نفسها، فظنها صيدًا مناسبًا، فانقضّ عليها ناشبًا مخالبه في جسدها.
طار الصّقر بالحيّة إلى أن وصل إلى ابن برمان، والذي كان ينتظره بالذي يحمله من صيد على أحرّ من الجمر، حين رأى ابن برمان طيره يحمل شيئًا استبشر خيرًا، واعتقد أن الصّيد ثمين، وما كان يعلم ماهيّته الحقيقية حتى ألقى بها على رأسه، فإذا به حيّة قاتلة تلدغه، فيموت على الفور، وتموت معه الحيّة.
وقف الصّقر حزينًا على رفيقه، ونادمًا على الذي بدر منه دون قصد، ثمّ إنّ النّاس تجمّعوا حول ابن برمان، وشاهدوا أثر مخالب الطّير في الحيّة، فأدركوا حقيقة ما حدث لابن برمان، وسرعان ما انتشرت الحكاية بين النّاس، ثم انطلق مثل: “طير ابن برمان”، وصار يُضرب فيمن حمل السوء أو تسبّب فيه لغيره.
العبرة من مثل طير ابن برمان
- التدخل الإلهي: قد تأتي النِعم من حيث لا نتوقع، وقد تأتي المصائب من حيث لا نتوقع أيضًا.
- القدر: لا يمكننا الهروب من قدرنا، مهما حاولنا.
- الاعتبار: يجب أن نتعظ من قصص الآخرين، ونحذر من مخاطر الحياة.
أصل قصة مثل طير ابن برمان
لا يُعرف أصل قصة “طير بن برمان” بشكلٍ دقيق، ولكنها تنتشر في العديد من الثقافات العربية بأشكالٍ مختلفة.
تأثير مثل طير ابن برمان
تُعدّ قصة “طير بن برمان” من أشهر القصص العربية، وقد تمّ تحويلها إلى العديد من الأعمال الفنية مثل: المسرحيات والأفلام والمسلسلات.
قصة “طير بن برمان” قصة مثلية تُحذّر من مخاطر التدخل الإلهي وتُؤكّد على أهمية الحذر من مخاطر الحياة. تُعدّ هذه القصة من القصص التي تُعلّمنا أنّ القدر لا يمكن الهروب منه، وأنّ النِعم والمصائب تأتي من حيث لا نتوقع.