الفينومينولوجيا - علم الظواهر

اقرأ في هذا المقال


يشكل تخصص علم الظواهر مجالًا أساسيًا واحدًا في الفلسفة من بين مجالات أخرى، فكيف يتم تمييز الفينومينولوجيا (علم الظواهر)عن المجالات الأخرى في الفلسفة؟ تقليديا تشمل الفلسفة ما لا يقل عن أربعة مجالات أو تخصصات أساسية: الأنطولوجيا (علم الوجود) ونظرية المعرفة والأخلاق والمنطق.

الفينومينولوجيا والفلسفة:

يجادل الفلاسفة أحيانًا بأنّ أحد هذه المجالات هو (الفلسفة الأولى)، وهو النظام الأساسي الذي تقوم عليه كل الفلسفة أو كل المعرفة أو الحكمة، ويمكن القول تاريخيًا وضع سقراط وأفلاطون الأخلاق أولاً، ثم وضع أرسطوالميتافيزيقا أو الأنطولوجيا (علم الوجود) أولاً، ثم وضع رينيه ديكارت نظرية المعرفة أولاً، ثم وضع راسل المنطق أولاً، ثم وضع هوسرل في مرحلته المتعالية اللاحقة الظواهر أولاً.

إذن مجالات الفلسفة الأربعة وتعريفاتها بالإضافة إلى الفينومينولوجيا (علم الظواهر) الذي أضيف فيما بعد هي:

  1. علم الوجود (الأنطولوجيا): هو دراسة الكائنات أو كيانها – ما هو.
  2. نظرية المعرفة: هي دراسة المعرفة – كيف نعرف.
  3. المنطق: هو دراسة المنطق الصحيح – كيفية التفكير.
  4. الأخلاق: هي دراسة الصواب والخطأ – كيف يجب أن نتصرف.
  5. علم الظواهر (الفينومينولوجيا): هو دراسة تجربتنا – كيف نختبر.

من الواضح أنّ مجالات الدراسة في هذه المجالات الخمسة مختلفة وكما ويبدو أنّها تتطلب طرقًا مختلفة للدراسة.

الفينومينولوجيا ونظرية المعرفة:

في نظرية المعرفة تساعد الظواهر على تحديد الظواهر التي تستند إليها ادعاءات المعرفة، ومن ناحية أخرى وفقًا لنظرية المعرفة الحديثة تدعي الفينومينولوجيا (علم الظواهر) نفسها تحقيق معرفة حول طبيعة الوعي، وهو نوع مميز من معرفة الشخص الأول من خلال شكل من أشكال الحدس.

الفينومينولوجيا والمنطق:

أما بالنسبة للمنطق فكما نرى قادت النظرية المنطقية للمعنى هوسرل إلى نظرية القصدية والتي تعد قلب الفينومينولوجيا (علم الظواهر)، ومن ناحية توضح الظواهر القوة المقصودة أو الدلالية للمعاني المثالية، وتعد المعاني الافتراضية مركزية للنظرية المنطقية.

لكن الهيكل المنطقي يتم التعبير عنه بلغة، إما لغة عادية أو لغات رمزية مثل تلك الخاصة بالمنطق الأصلي أو الرياضيات أو أنظمة الكمبيوتر، لكن تظل مسألة مهمة للنقاش حول ما إذا كانت اللغة تشكل أشكالًا معينة من الخبرة (الفكر والإدراك والعاطفة) ومحتواها أو معناها، لذلك هناك علاقة مهمة (في حالة الخلاف) بين الظواهر والنظرية اللغوية المنطقية، وخاصة المنطق الفلسفي وفلسفة اللغة (على عكس المنطق الرياضي في حد ذاته).

الفينومينولوجيا والأنطولوجيا (علم الوجود):

نضع في الإعتبار عند التطرق للأنطولوجيا (علم الوجود) أنّها تدرس الظواهر (من بين أمور أخرى) طبيعة الوعي، وهي قضية مركزية في الميتافيزيقا أو علم الوجود، وهي أيضاً قضية تؤدي إلى مشكلة العقل والجسد التقليدية، وستضع منهجية هوسرليان مسألة وجود العالم المحيط بين قوسين، وبذلك تفصل الفينومينولوجيا عن أنطولوجيا العالم، ومع ذلك تفترض فينومينولوجيا هوسرل نظرية حول الأنواع والأفراد (المسلمات والتفاصيل) والعلاقات بين الجزء والكل والمعاني المثالية – جميع أجزاء علم الوجود.

الفينومينولوجيا والأخلاق:

الآن الأخلاق قد تلعب الظواهر دورًا في الأخلاق من خلال تقديم تحليلات لبنية الإرادة والتقدير والسعادة والإهتمام بالآخرين أي العطف والتعاطف، ومن الناحية التاريخية رغم ذلك كانت الأخلاق في أفق الظواهر، ولربما قد تجنب هوسرل الأخلاق إلى حد كبير في أعماله الرئيسية على الرغم من أنّه أظهر دور الاهتمامات العملية في بنية عالم الحياة أو ما تدعى الجيست (الروح أو الثقافة كما في روح العصر)، وقد ألقى ذات مرة دورة من المحاضرات أعطى الأخلاق (مثل المنطق) مكانًا أساسيًا في الفلسفة، مما يشير إلى أهمية فينومينولوجيا التعاطف في تأصيل الأخلاق.

في كتابه (الوجود والوقت) ادعى هايدجر عدم اتباع الأخلاق أثناء مناقشة الظواهر التي تتراوح من الإهتمام والضمير والذنب إلى (الوقوع) و (الأصالة) أي كل الظواهر ذات أصداء لاهوتية، بينما في كتابه (الوجود والعدم) حلل سارتر Sartre بدقة المشكلة المنطقية (لسوء النية)، ومع ذلك فقد طور أنطولوجيا( علم الوجود) للقيمة كما أنتجها الإرادة بحسن نية (والتي تبدو وكأنها أساس كانط منقح للأخلاق).

قد رسمت بوفوار Beauvoir أخلاقًا وجودية، وترك سارتر دفاتر ملاحظات غير منشورة عن الأخلاق، ومع ذلك ظهر نهج ظاهري واضح للأخلاق في أعمال إيمانويل ليفيناس Emannuel Levinas وهو عالم الظواهر الليتواني الذي سمع هوسرل وهايدجر في فرايبورغ قبل الإنتقال إلى باريس.

في عام (Totality and Infinity (1961 – الكلية واللانهاية، تم تعديل الموضوعات المستمدة من هوسرل وهايدجر Husserl and Heidegger، حيث ركز ليفيناس على أهمية (وجه) الآخر، وقام بتطوير بوضوح أسس الأخلاق في هذا النطاق من الفينومينولوجيا، وكتابة أسلوب انطباعي للنثر مع التلميحات إلى تجربة دينية.


شارك المقالة: