كلّ الأمم التي تتنفس هواء الأرض لديها الإرث الثقافيّ الخاص بها، والذي جعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، وفيما يلي سيتم ذكر قصة المثل العربي الشهير، هو: “فرخ البطّ عوّام”.
فيم يضرب مثل: “فرح البط عوام”؟
مثل: “فرخ البط عوام” ويقال أيضًا هذا المثل بصيغة أخرى، وهي: “ابن البط عوّام”، وكذلك “فرخ البط سبّاح”، وهذا المثل يُضرب في الإشارة إلى توريث الصفات والمهن بين الأجيال، وترتبط قصة المثل بالبخلاء، وفيما يلي من سطور قصتها.
قصة مثل: “فرخ البط عوام”:
فيما يُروى أن أحد التجار قد نزل ضيفًا على شخص ما في المدينة، ولم يكن يعرف أنه بخيل، وكان الضيف شديد الجوع، فقال البخيل لابنه: “يا بنيّ، اذهب إلى الجزار، وأحضر نصف رطل من اللحم لتطبخه والدتك طعامًا للضيف”، فذهب الولد إلى الجزار وطلب منه اللحم، فقال له الجزار: “سأعطيك لحمًا لذيذًا مثل الزبد”، وهنا قال الولد في نفسه: “سأذهب إلى البقال وأشتري الزبد بدلًا من اللحم”، فذهب الولد إلى البقال، فقال له البقال: “سأعطيك زبدًا كأنه الدبس”، فقال الولد في نفسه: “لماذا لا أشتري الدبس بدلًا من الزبدة”، فذهب إلى التاجر الذي يبيع الدبس، فقال له التاجر : “لدينا دبس كأنه الماء في صفائه”، وعندها عاد الولد، وقال: إذن لماذا أشتري الماء وفي بئرنا ماء عذب؟
رجع الصّبيّ إلى أبيه، وليس معه أيّ شيء من الذي طلبه منه، فسأله: “أين اللحم؟”، فحكى الغلام القصة لوالده، فأعجب الأب من فطنة ولده، غير أنه قال له:”لقد استهلكت الشيء الكثير من حذائك وأنت في السوق”، فقال الولد: “لا، يا أبي، لقد لبست حذاء الضيف”، وسمع الضيف الحوار الذي دار بين الوالد وابنه، فقال: “فرخ البط عوام”، فصارت مقولته مثلًا يُضرب في الدلالة على توريث الصفات والمهنة بين الأجيال.