دمجت فلسفة جين آدامزالبراغماتية التجربة مع النظرية في رقصة مستمرة، وديناميكية تجعل من غير المناسب فصل نظرياتها عن القضايا الاجتماعية التي انخرطت فيها، وهذا جزء من السبب الذي يجعل عمل آدامز يبدو غريبًا عن أولئك المنغمسين في التقليد الغربي للفلسفة، والذي يحاول المطالبة بالحقائق العالمية، وتستفيد آدامز مما وصفه الفلاسفة النسويون (بوجهة نظر نظرية المعرفة)، ومعترفة بأنّ فلسفتها مشتقة من موقف اجتماعي وسياسي وتاريخي معين، وانبثق عملها النظري من حل القضايا الاجتماعية الملموسة في عصرها، ومع ذلك فإنّ العديد من موضوعاتها واستنتاجاتها لا تزال ذات صلة في الوقت الحاضر.
قضية النهوض بالمرأة:
في عام 1889 أسست آدامز وصديقتها ستار هال هاوس في الجانب الغربي الصناعي الفقير من شيكاغو، وهو أول منزل استيطاني في الولايات المتحدة، حيث كان الهدف هو أن تشارك النساء المتعلمات جميع أنواع المعرفة من المهارات الأساسية إلى الفنون والأدب مع الفقراء في الحي، وكما تصوروا النساء اللواتي يعشن في المركز المجتمعي من بين الأشخاص الذين يخدمونهم.
وانضمت إلى آدامز وستار في هذا الجهد نساء سيصبحن مصلحات تقدميات رائدات ومنهن:
1- فلورنس كيلي.
2- جوليا لاثروب.
3- سوفونيسبا بريكنريدج.
4- أليس هاميلتون.
5- غريس.
6- إديث أبوت.
وبتوجيه من آدامز قدّم فريق هال هاوس مجموعة من الخدمات الحيوية لآلاف الأشخاص كل أسبوع، فقد أنشأوا روضة أطفال ورعاية نهارية للأمهات العاملات، وقدمت التدريب الوظيفي ودروس اللغة الإنجليزية والطبخ والتثاقف للمهاجرين، وأنشأت مكتبًا للتوظيف ومركزًا اجتماعيًا وصالة للألعاب الرياضية ومعرضًا فنيًا.
تجنبت آدامز التسميات الأيديولوجية بما في ذلك التسمية النسوية، ومع ذلك كانت من الواضح أنّها كانت متحالفة مع الحركة النسوية، ودافعت عن حق المرأة في التصويت وتولت دورًا قياديًا كنائب رئيس الجمعية الوطنية الأمريكية لحق المرأة في التصويت من 1911 إلى 1914، وتمشيًا مع مفهومها للتقدم الجانبي تم تأطير دعم آدامز للنهوض بالمرأة، من حيث التقدم الاجتماعي بدلاً من مبادئ المساواة أو مجرد الدعوة إلى دائرة انتخابية مضطهدة.
ادعت آدامز أنّ النساء جلبن منظورًا بديلاً للسياسة ونظراً لالتزامها بالتعددية، فإنّ وجهات النظر البديلة لا يمكن إلّا أنّ تقوي المجتمع، على سبيل المثال في إذا كان الرجال يبحثون عن الامتياز الاختياري تسخر آدامز من محنة النساء، وذلك من خلال التعليق على نقاط ضعف الرجال بطريقة تحاكي الطريقة التي تحدث بها الرجال عن أسباب عدم منح النساء حق الامتياز الاختياري.
كما اتهمت الرجال بالتشاجر وكذلك إظهار قيم في غير محلها في تفضيلهم إنفاق الأموال على التسلح على الرفاهية المنزلية، ووفقًا لذلك تُتهم آدامز أحيانًا بكونها جوهرية في اللغة التي وظفتها حول طبيعة الرجال والنساء، وقامت آدامز بالعديد من المشاريع مع تمكين المرأة كهدف، حيث كان هال هاوس نفسه مشروعًا فريدًا يركز على المرأة، كما كان هناك رجال مقيمون ولكن كان من الواضح دائمًا أنّ قيادة وثقافة هال هاوس كانت من النساء بالتأكيد.
دعمت هال هاوس الأمهات المهاجرات في أدوارهن كمقدمات رعاية أولية واتخذن خطوة جذرية لنشر معلومات تحديد النسل، ويمكن رؤية أحد الأمثلة على اهتمام آدامز بالنساء في إنشاء نادي جين الموصوف في عشرين عامًا في هال هاوس، وفي الوقت الذي لم تتمتع فيه المفاوضة الجماعية بالحماية القانونية التي تتمتع بها اليوم، لاحظت آدامز أنّ عضوات النقابات العمالية كن ضعيفات بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بفترات البطالة الناتجة عن الإضرابات أو الإغلاق، وعندما حدثت مثل هذه الإجراءات لم تعد المرأة العازبة قادرة على تحمل الإيجار، وهذا الضعف قلل من قوة وحدة التفاوض.
كما أنّه من خلال العمل مع القيادات العمالية النسائية مثل ماري كيني (Mary Kenney) أنشأت آدامز تعاونية للمرأة العاملة تسمى جين كلوب (Jane Club)، كما ضمنت هذه التعاونية دفع إيجار جميع الأعضاء في حالة انقطاع العمل، وحصلت آدامز في النهاية على تمويل لبناء مساكن لنادي جين لكنها عملت ككيان مستقل.
نظرًا لالتزاماتهم بالتعددية كان الفلاسفة الأمريكيون الكلاسيكيون عمومًا أكثر تعاطفًا مع محنة النساء أكثر من العديد من الأنواع الأخرى من الفلاسفة، ولكن آدامز زاد وعيهم بفكرهم، حيث صاغت الفيلسوفة المعاصرة شارلين هادوك سيغفريد (Charlene Haddock Seigfried) مصطلح (النسوية البراغماتية) لوصف التقاطع المثمر بين الفلسفة الأمريكية والنظرية النسوية، كما كانت جين آدامز مثال سيغفريد المثالي للنسوية البراغماتية.
قضية تعليم:
نظرت آدامز إلى التعليم مدى الحياة كعنصر حاسم في مشاركة المواطنين في ديمقراطية نابضة بالحياة، ولهذه الغاية رعت هال-هاوس عددًا لا يحصى من المشاريع التعليمية، حيث سعت أدامز لتحسين تعليم الطفولة من خلال العمل من أجل تشريع للحد من عمالة الأطفال، ورعت روضة أطفال في هال-هاوس وعملت مع ديوي ورائدة التعليم والمعلمة الأمريكية إيلا فلاج يونغ على التقنيات التربوية التي تركز على جعل التعليم أكثر ملاءمة للطلاب، وتصف الأوصاف الكثيرة لزوار هيل-هاوس أنّه يتخللها أطفال متورطون بشراسة في عدد لا يحصى من الأنشطة.
في أوائل القرن العشرين كانت المراهقة فترة مُغفلة إلى حد كبير من التطور البشري، وفي المناسبات التي تم فيها التعامل مع سن الرشد على الإطلاق كان يُنظر إليها عادةً على أنّها مشكلة، فقد اهتمت آدامز التي وجهت تحليلها الفلسفي في كثير من الأحيان إلى القطاعات المهمشة في المجتمع بشكل خاص بالمراهقة.
في ما وصفته بكتابها المفضل روح الشباب وشوارع المدينة (The Spirit of Youth and the City Streets)، تقدم آدامز دراسة موسعة عن محنة الشباب ومن خلال تجاربها في هال هاوس تشرح لقرائها احتياجات وتحديات هذا العصر، وبناءً على ذلك قامت هال-هاوس برعاية عدد من البرامج المخصصة للمراهقين بما في ذلك اللقاءات الاجتماعية وألعاب القوى والدراما، وشاركت هال-هاوس في برامج رائدة للرياضة والنشاط البدني للشابات، متحدية الأعراف الاجتماعية التي ادعت أنّ التمارين الرياضية غير مناسبة للنساء.
أدى التزام آدامز بالتعليم مدى الحياة إلى عمل رائد في تعليم الكبار، وترعى هال هاوس دورات إرشادية للكلية بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الفرص التعليمية للبالغين في المجتمع بما في ذلك المحاضرات والنوادي، على سبيل المثال قدّم نادي أفلاطون قراءات ومناقشات أسبوعية حول الفلسفة حيث كان ديوي يحاضر في بعض الأحيان، وقدّم نادي العلوم الاجتماعية للناس العاملين فرصة لمناقشة الفلسفة الاجتماعية والسياسية.
زعم بعض المعلقين أنّ هال-هاوس كانت مسقط رأس تعليم الكبار، وفي كتابها العشرين سنة الثانية في هال-هاوس (The Second Twenty Years at Hull-House)، تصف آدامز تطوير تقنيات تربوية معينة تم تكييفها للطلاب البالغين، بما في ذلك الحاجة إلى جو اجتماعي على مستوى الأقران واستخدام الأحداث الإخبارية كفرصة للتعلم.