فلسفة الفروقات بين القدرات ونسبها

اقرأ في هذا المقال


في مخطط بحث تم العثور عليه بين أوراق ديفيد لويس ومراسلاته الفلسفية وذلك بعد وفاته المفاجئة في عام 2001 (Nihil Obstat: An Analysis of Ability) حيث تم إعادة إنتاج في هذا المجلد، فقد رسم ديفيد لويس رسمًا توضيحيًا جديدًا للقدرات، فوفقًا لما يكون الشخص قادرًا على (A) إذا وفقط لم يكن هناك عائق أمام (A)، حيث يكون العائق مانعًا قويًا وأقوى من (A).

كما فعل ذلك في مقالته (هل نحن أحرار في خرق القوانين؟) في عام 1981، جادل ديفيد لويس بشكل مشهور بأنّ القدرة على القيام بخلاف ذلك تتوافق مع الحتمية.

فلسفة القدرة العامة والخاصة:

هناك تمييز يجب القيام به داخل فئة القدرات نفسها، وهذا التمييز هو بين القدرات العامة والقدرات الخاصة.

يمكن التمييز بين القدرات العامة والقدرات الخاصة من خلال طرح المثال التالي، فلو تم وضع في الاعتبار لاعب تنس مدرب جيدًا ومجهزًا بالكرة والمضرب يقف عند خط الخدمة، ولا يوجد كما كان الحال أي شيء يقف بينه وبين خدمة، فلقد تم الوفاء بكل شرط مسبق لخدمته، مثل هذا الوكيل في وضع يمكنه من الخدمة أو يعمل كخيار، ولنفترض أنّ هذا الوكيل لديه القدرة المحددة على الخدمة.

في المقابل فكر في لاعبة تنس مشابه بخلاف ذلك يفتقر إلى المضرب والكرة، وعلى بعد أميال من ملعب التنس، فمن الواضح أنّ هناك شعورًا جيدًا بأنّ مثل هذا الوكيل لديها القدرة على ضرب الكرة التنس، ولقد تم تدريبها على القيام بذلك وقد فعلت ذلك مرات عديدة في الماضي.

ومع ذلك فإن هذا الوكيل يفتقر إلى القدرة المحددة على الخدمة كما تم تعريف هذا المصطلح للتو، ولنفترض أنّ هذا الوكيل لديه القدرة العامة على الخدمة، فسيكون اهتمام هنا إذن بالقدرات العامة بهذا المعنى، ويجب قراءة الإشارات غير المؤهلة إلى القدرة بهذه الطريقة، ولكن قدرات معينة ستكون أيضًا موضع خلاف، وهذا لسببين على الأقل وهما:

1- هو التغطية النقدية، حيث العديد من المقترحات ذات الصلة بفهم القدرة، وخاصة مفهوم التحليل الشرطي الكلاسيكي، والذي يُقرأ بشكل طبيعي كمقترحات حول قدرة محددة بالمعنى الحالي، و يتيح لنا المفهوم الواسع المناسب للقدرة الاحتفاظ بهذه المقترحات ضمن مجال مناقشتنا.

2- السبب الثاني هو السبب الأكثر فلسفية، فإذا قبلنا التمييز بين القدرات العامة والقدرات الخاصة، فنحن نريد أن نحسب قدرتنا على استيعاب كل منهما، وفي النهاية نشرح كيفية ارتباطهما ببعضهما البعض، ولأنّ هذا التمييز لم يتم تشخيصه بشكل معقول على أنّه مجرد غموض، وذلك بل يميز شيئًا مثل وضعين لنوع واحد من الطاقة.

فهناك نوعان على الأقل من المقترحات يمكن للمرء أن يقدمها هنا:

1- يمكن القول ضمنيًا في العديد من مناهج (نزعيّة جديدة) للقدرة هو أنّ القدرة العامة هي إلى حد ما قبل قدرة معينة، وامتلاك قدرة معينة هو ببساطة امتلاك قدرة عامة وتلبية بعض القيود الإضافية مثل الحصول على فرصة.

2- اقتراح آخر تم اقتراحه في عام 2015 من قبل ماير (Maier)، وهو أنّ القدرة المحددة تكون بمعنى ما قبل القدرة العامة، وامتلاك قدرة عامة هو ببساطة امتلاك قدرة محددة في ظل مجموعة معينة من الظروف.

فكرة أنّ هناك نوعًا من التمييز الثنائي يجب القيام به بين القدرات كان موضوعًا بارزًا في العمل المعاصر على القدرة، وقد تم اعتماده وتطويره في سياقات مختلفة من قبل جليك (Glick) في عام 2012 وفيفيلين (Vihvelin) في عام 2013 ويتل (Whittle) في عام 2010، حيث إنّه سؤال مفتوح عما إذا كانت الفروق الثنائية في القدرة التي قدمها هؤلاء المؤلفون هي نفسها مثل بعضها البعض أو نفس الفروق المقدمة هنا، فقد يكون هناك العديد من الفروق الثنائية التي يجب إجراؤها في هذا المجال، أو أنّ هناك ببساطة تمييز واحد تحت عدة أسماء.

فلسفة القدرات والنسب المقدرة:

تم إجراء الكثير من المناقشات الفلسفية حول القدرة في الوضع الرسمي على عكس الوضع المادي، وبالتالي يُطلب منا غالبًا التمييز بين حواس (القدرة)، أو التفكير فيما تعنيه كلمة (يمكن أو يستطيع)، والتي غالبًا ما يكون هذا التحول الدقيق بين مناقشة القدرة ومناقشة نسب القدرة غير ضار، ومع ذلك من المهم أن يتم الأخذ في الاعتبار الفرق بين هذه الأسئلة، وأن يتم وضع علامة على هذا التمييز صراحة في البداية.

من ناحية أخرى هناك أسئلة حول القدرة نفسها، والسؤال المركزي هنا لإعطاء وصف لماهية القدرة، بالمعنى الذي تم طرحه على أنّها تمثل القوة، بحيث تتضمن الأسئلة الفرعية هنا على سبيل المثال ما إذا كانت القدرات موجودة عندما لا يتم ممارستها، وما إذا كانت القدرات هي سمات جوهرية أو خارجية لحاملها، وما إذا كان الوكلاء لديهم قدرات في عوالم حتمية، وهذه بشكل عام أسئلة حول ميتافيزيقيا القدرة.

وفي نفس سياق ومن جانب آخر هناك أسئلة حول نسب القدرة، حيث تُنسب القدرات بشكل مميز (باللغة الإنجليزية) مع الجمل التي تتضمن المساعدين الشرعيين (يمكن أو يستطيع) و(قادر على)، وبناءً على ذلك فإنّ السؤال المركزي هنا هو إعطاء دلالات للجمل التي تتضمن تلك التعبيرات، والتي تتضمن المهام الفرعية حل بعض المشكلات المفتوحة في دلالات هذه التعبيرات مثل (الاستنتاج الواقعي) الذي لوحظ في عام 1999  من قبل بهات (Bhatt)، ودمج دلالات الوسائط الوسيطة مع دلالات للتعبيرات النمطية بشكل عام، وهذه بشكل عام أسئلة حول دلالات الطريقة الفعالة.

التمييز المنهجي في فلسفة نظرية القدرة:

في مفاهيم معينة للمشروع الفلسفي فإنّ مشروع إعطاء نظرية للقدرة ومشروع إعطاء دلالات للقدرة والذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا ببعضهما البعض بل وينهاران في بعضهما البعض، ومع ذلك هناك على الأقل تمييز منهجي يجب تمييزه هنا، وبعد وضع علامة على هذا التمييز ستعنى هذه المناقشة في المقام الأول بوصول هذه المشاريع إلى مشروع إعطاء نظرية القدرة.

ومع ذلك فإنّ مشروع إعطاء دلالات لنسب القدرة سيكون أيضًا مناسبًا في كثير من الأحيان، وكما هو الحال مع التمييز بين القدرات العامة والقدرات الخاصة، فيعد هذا لسببين أحدهما يتعلق بالتغطية والآخر فلسفي بشكل صحيح:

1- السبب الأول؛ سبب التغطية النقدية هو أنّ العديد من أبرز نظريات القدرة التي دافع عنها الأدب الفلسفي كانت في الواقع في المقام الأول نظريات القدرة على الإسناد، وفي الواقع كان الفكر المركزي في الكثير من العمل على القدرة في التقليد التحليلي نوعًا من الانكماش الدلالي، والذي قد نعطي فيه دلالات للقدرات، والتي لا تحدد القدرات نفسها.

يمكن القول أنّ هذا هو الموضوع الرئيسي للنظريات الافتراضية التي يجب أخذها في الاعتبار وكذلك الأخذ بعين الاعتبار النظريات النمطية، بالنظر إلى هذا الاتجاه في التفكير في القدرة فإنّ نظرة عامة على العمل الفلسفي حول القدرة التي أهملت دور إسناد المقدرة ستكون غير مكتملة بشكل خطير.

2- هناك أيضًا السبب الثاني وهو الأكثر فلسفية، حيث أي حساب للقدرات مدين لنا من بين أمور أخرى لحساب نسب القدرة، وربما يكون هذا صحيحًا في الموضوعات الفلسفية عمومًا، لكنه ينطبق على القدرة على وجه الخصوص.

فحتى الفلاسفة الصريحون في رفضهم أخذ اللغة كنقطة انطلاق في تحليل الفكر والطريقة، حيث يميلون إلى تقديم نداء صريح للغة عندما يتحول الموضوع إلى القدرة كما يحدث في عام 1976 مع لويس (Lewis) أو تايلور (Taylor) في عام 1960، وهذا لعدد من الأسباب ولكن ربما بشكل خاص لأنّه من الصعب تحديد الموضوع قيد الدراسة دون استخدام أو ذكر عبارات معينة ولا سيما كلمات من مثل (يمكن أو يستطيع) و (قادر على).

ولحسن الحظ موضوع إسناد القدرات هو موضوع أحرز فيه اللغويون والفلاسفة تقدمًا كبيرًا، حيث على الرغم من وجود تعبيرات فلسفية مهمة منذ فترة طويلة من مثل الكلمات (يمكن أو يستطيع) و (قادر على)، فلا يوجد شيء يمكن التعرف عليه كنظرية دلالية صارمة لمثل هذه المصطلحات قبل العمل التأسيسي لأنجيليكا كراتزر (Angelika Kratze) الذي تمت مراجعته وجمعه مؤخرًا في كراتزر 2012 (Kratzer 2012).

كان عمل كراتزر محوريًا في دلالات اللغة الطبيعية ولا تزال أهميتها للعمل الفلسفي موضع تقدير، حيث إنّ مسألة ما إذا كانت صحيحة كحساب لدلالات الأسلوب الفاعل هي مسألة مفتوحة، بحيث تشمل التحديات المهمة هاكل (Hackl) في عام 1998 ومؤخرار ماندلكيرن (Mandelkern) وشولثيس (Schultheis) وبويلان (Boylan) في عام 2017 وشوارز (Schwarz) في عام 2020 وويلر (Willer) يصدر قريباً.

حيث أنّ النقطة الأكثر منهجية التي يتم التطرق إليها هي أنّ أي حساب مناسب للقدرة يجب أن يقدم حسابًا لأساليب القدرة، وعلى هذا النحو قد يرغب في حساب هذا النقاش المستمر في دلالات التعبيرات النمطية.


شارك المقالة: