اقرأ في هذا المقال
- مفهوم برادلي للمنطق
- فلسفة برادلي في الأفكار منطقية
- فلسفة برادلي في مبادئ منطقية
- فلسفة برادلي في المنطق الرسمي
المصدر الرئيسي لأفكار الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس هربرت برادلي حول المنطق هو عمل جوهري من مجلدين بعنوان مبادئ المنطق والذي نُشر في أكسفورد عام 1883، كما ظهرت طبعة ثانية في عام 1922، حيث تم استكمال النص الأصلي بعدد كبير من الملاحظات الإضافية والمحطات النهائية، والمقالات التي عبر من خلالها برادلي عن موقفه الناضج.
مفهوم برادلي للمنطق:
كان لدى برادلي وجهة نظر مختلفة تمامًا عن المنطق عن تلك السائدة اليوم في الوقت الحاضر، حيث يقتصر المنطق إلى حد كبير على دراسة القواعد التي يمكننا من خلالها إعادة ترتيب أفكارنا بشكل شرعي، والسماح بإزالة العناصر التي لم تعد مطلوبة، ولكن لا نسمح بإضافة أي شيء جديد حقًا.
كان لدى برادلي تصور أوسع بكثير واتخذ المنطق ليكون النظام الذي نعطي من خلاله وصفًا وشرحًا للوظيفة الخاصة للفكر التي نتجاوز من خلالها التجربة الفورية، ولذلك يغطي المنطق بالنسبة لبرادلي الموضوعات التي تندرج اليوم تحت عنوان نظرية المعرفة.
وتم أخذ عمليات التفكير تقليديًا لتشمل الأفكار والأحكام والاستنتاجات، ومع ذلك فإنّ هذه الموضوعات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا، ويمكن للمرء أن يبدأ في أي وقت، ولكن برادلي يقترح أن يبدأ في المنتصف بكلية الحكم.
فلسفة برادلي في الأفكار منطقية:
يقدم تعريف فرانسيس هربرت برادلي للحكم (المحتوى المثالي)، فما هو المحتوى المثالي وكيف يتم الحصول عليه؟ فقد كان برادلي متأكدًا تمامًا من أنّ التفاصيل النفسية التي قدمها التجريبيون للعقل لا يمكن أن تبدأ في تفسير الحكم والمعرفة والإدراك، وإذا وجدت مثل هذه الأشياء فمن المؤكد أنّها لا يمكن أن تعمل كمسند في الحكم حيث لا يمكن نقلها من مكانها في العقل.
ما كان على برادلي أن يشرحه هو كيف ننتقل من الأفكار النفسية التي هي تفاصيل عقلية إلى الأفكار المنطقية حيث هي محتويات مثالية عالمية مع الحفاظ على المعلومات التي لا شك في أنّ الانطباعات اكتسبتها من مكان آخر.
ثم يبدأ بالتمييز بين الجانبين اللذين ينتميان إلى كل فكرة نفسية، ووجودها كخاصية عقلية ومضمونها: “نحن ندرك ما هو عليه وما هو”، وعلى عكس الوجود يمكن فك المحتوى من موطنه في الفكرة النفسية ونقله إلى مكان آخر، وهو تخفيف للمحتوى يحدث في إطار فعل الحكم.
ومع ذلك فإنّه ليس المحتوى الكامل للفكرة النفسية المستخدمة في الحكم، ويقول أنّ المحتوى الأصلي (مشوه)، وأنّ اكتساب المحتوى المثالي ينطوي على التجريد بشكل أكثر وضوحًا، وإذا انتقلنا من الصورة الهيومية لسرب من الانطباعات المتميزة التي تتجمع معًا في العقل إلى فكرة التجربة العضوية الفورية التي يكون برادلي أكثر راحة معها، فمن الواضح أنّ الأفكار المنطقية المستخدمة في الحكم تتطلب فصل العناصر داخل (الكتلة المحسوسة) المقدمة في التجربة المباشرة. وحتى لو بدأ المرء مع ذلك بانطباع منفصل أو معطيات حسية فإنّه يجب أن ندرك أنّ المسلمات مرتبطة على مستويات مختلفة.
قام برادلي بمحاولة فاشلة لشرح ما يدور في ذهنه باستخدام مفهوم الرمز، ويكون الرمز مثل نقش معين له جانبان مثل أي شيء آخر: وجوده ومحتواه، ولكن لها أيضًا جانب ثالث الا وهو معناها أو دلالة، ويمكن تحديد هذا المعنى مع الفكرة المنطقية المستخدمة في الحكم، الرمز الأحمر له معناه بالضبط بما نخصصه لمجموعة متنوعة من الأشياء في فعل الحكم.
ويوفر هذا فرصة لجوتلب فريج وأولئك الذين يفضلون التحول اللغوي للانزلاق في عنصر مختلف عن أي صورة أو فكرة نفسية قد تكون مرتبطة بالكلمة (الفكرة المنطقية هي بالطبع أنّ تتطابق مع ما يسميه فريج معنى الإشارة وليس الإحساس بالمرجع)، ولكن ارتباط الفكرة بالرمز من خلال القرار أو الاتفاقية لا يفعل شيئًا لشرح العلاقة بين الكون المجرد، والتجربة المباشرة التي يجب أن تكون موطنها فقط لأنّه يمكننا تجريد جزء من المحتوى المعطى نحصل على الإحساس الذي نعلقه على الإشارة في اللغة.
فلسفة برادلي في مبادئ منطقية:
يفحص الفصل الخامس المبادئ المنطقية، بحيث يرفض برادلي قانون الهوية باعتباره حشوًا فارغًا، ويتطلب الحكم هوية الاختلافات وغير المنصوص عليها في (A هو A) وهذا يعني أنّ الاتهام (من قبل برتراند راسل) بالخلط بين “هو” للتنبؤ و”هو” للهوية لا يمكن أن يكون عادلاً، حيث أنّ تحديد برادلي هو جوهر الحكم بينما من خلال “هو” الهوية الصارمة لا تصدر حكما على الإطلاق.
الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في قسم مبدأ التناقض هو مناقشة الديالكتيك (الهيغلي)، والحل البسيط لبرادلي هو أنّه إذا كانت الأفكار المجمعة في التوليف مختلفة فقط فلا توجد مشكلة، وإن أفكار الذات والأخرى هي أفكار مختلفة، لكن لا أحد سيقول إنّه من التناقض تأكيد وجود الذات والأشياء الأخرى أيضًا.
ويأتي التحدي لمبدأ التناقض فقط إذا تم اعتبار الأفكار المختلفة مجتمعة متناقضة أو متعارضه لأنّ عكس اقتراح معين يستلزم تناقضه، ويقدم برادلي حلاً وسطًا يتم بموجبه التوفيق بين الأفكار التي تبدو متعارضة عند تنسيقها ضمن واقع أوسع، فعلى سبيل المثال يمكن تخصيص خصائص معاكسة لنفس الشيء في أوقات مختلفة.
يأخذ قانون الوسط المستبعد شكل الحكم المنفصل ويمكن التعبير عنه اليوم كـ (إما P أو لا P) ومع ذلك لدى برادلي شكل مختلف للانفصال بحيث تكون نسخته من المبدأ: (A إما B أو لا B)، ولا يكون (A) دائمًا شيئًا معينًا حقيقيًا ولكنه في بعض الأحيان حقيقة على هذا النحو، وفي الواقع إذا حصل برادلي على ما يريد فسيظل الموضوع النهائي هو الواقع دائمًا، ويستخدم الوسط المستبعد مجموعة متنوعة من الانفصال حيث يكون عدد المفصلات اثنين بالضبط، وعندما يتم إنشاء الفصل الثاني باعتباره نفيًا للأول فلا يمكن أن يكون هناك خيار آخر.
فلسفة برادلي في المنطق الرسمي:
المنطق الرسمي: وهو المنطق القائم على الحجة التي تنطوي على العلاقات الضرورية استنتاجيًا بما في ذلك استخدام القياس المنطقي والرموز الرياضية.
برادلي معاد لفكرة المنطق الرسمي البحت الذي يهدف إلى بناء نظام من أنماط صالحة للاستدلال، بحيث تغطي جميع الحالات من خلال استخدام الفراغات والمتغيرات، وجزئيًا لا يعتقد أنّه يمكن تحقيق الهدف، وبشكل أكثر جوهرية فإنّ قلقه هو أنّ محاولة إعادة بناء الاستدلال من حيث التلاعب بالعدادات وفقًا للقواعد يقطع الصلة بين الاستدلال وتلك الإشارة المستمرة إلى الواقع الكامن في صميمه.
في الواقع تتقدم الاستنتاجات وفقًا للمبادئ، ويمكننا رفض مبدأ مستخدم من خلال إيجاد استنتاج مشابه آخر يكون فيه الافتراض صحيحًا والاستنتاج خاطئ، وفي استنتاج معين يمكننا تمييز المبدأ عن المسألة المعنية لكن لا ينبغي لنا فصله وتحويله إلى مقدمة رئيسية لعرض الحجة كقياس منطقي.
المبدأ ليس افتراضًا لأنّه ليس مسندًا بل وظيفة، وقد تكون هناك في بعض الأحيان نقطة في استبدال الحجة الأصلية بمثل هذا القياس لكن هذا الخيار لن يكون متاحًا دائمًا، ويعتمد كل استنتاج على مبدأ ليس افتراضًا، كما أوضح لويس كارول في: “ما قالته السلحفاة لأخيل (Achilles)”، حتى مبادئ الرياضيات (Principia Mathematica) لديها قانون الاستبدال وقانون الانفصال اللذان ليسا بديهيات في النظام.