عندما يقول بوذا أنّ الشخص في حياة ما والشخص في حياة أخرى ليسا متماثلين ولا مختلفين، فقد يكون رد المرء الأول هو أخذ كلمة (مختلفة) لتعني شيئًا آخر غير (ليس الشيء نفسه)، ولكن في حين أنّ هذا ممكن في اللغة الإنجليزية نظرًا لغموض (الشيء نفسه)، فإنّه غير ممكن في مصدر بالي حيث يتم تمثيل بوذا على أنّه ينكر بشكل لا لبس فيه الهوية العددية والتمايز العددي.
منطقية بوذا:
دفع هذا البعض إلى التساؤل عما إذا كان بوذا لا يستخدم منطقًا منحرفًا، ويتم تعزيز هذه الشكوك من خلال تلك الحالات التي لا يكون فيها الخياران اثنان بل أربعة، وهي حالات تسمى رباعي الهلع (catuṣkoṭi)، على سبيل المثال عندما يُسأل بوذا عن حالة ما بعد الوفاة للشخص المستنير أو أرهات -(في البوذية والجاينية) شخص حقق هدف الحياة الدينية- يتم سرد الاحتمالات على النحو التالي:
1- يستمر الأرهات في الوجود بعد الموت.
2- لا يوجد بعد الموت.
3- كلاهما موجود وغير موجود بعد الموت.
4- لا يوجد بعد الموت.
عندما يرفض بوذا كلاً من احتمال 1 و2 نحصل على تكرار (ليس هو نفسه ولا مختلف)، ولكن عندما يستمر في الترفيه ثم يرفض 3 و4 تتفاقم الصعوبات المنطقية، ونظرًا لأنّ كل من 3 و4 يبدو أنّهما متناقضان رسميًا، فإنّ الترفيه عن أي منهما يعني التفكير في احتمال أن يكون التناقض صحيحًا، ويبدو إنكارهم بمثابة تأكيد للوسط المستبعد وهو ما يتعارض للوهلة الأولى مع إنكار كل من 1 و2، وقد يتساءل المرء عما إذا كنا هنا في حضور الصوفي.
كان هناك بعض الفلاسفة البوذيين الذين أخذوا (لا الشيء نفسه ولا مختلفًا) بهذه الطريقة، وهؤلاء هم الأشخاص (Pudgalavādins) الذين تم تسميتهم بذلك لأنهم أكدوا الوجود النهائي للشخص كشيء مسمى ومفهوم بالاعتماد على العناصر النفسية الفيزيائية، وزعموا أنّ الشخص ليس متطابقًا مع العناصر النفسية الفيزيائية ولا يختلف عنها، ونتيجة لذلك كانوا على استعداد لقبول أنّه لا شيء يمكن أن يقال عن العلاقة بين الشخص والعناصر.
لكن وجهة نظرهم رفضها معظم الفلاسفة البوذيين جزئيًا على أساس أنّها تؤدي سريعًا إلى مفارقة لا توصف، حيث لا يمكن للمرء أن يقول لا أنّ علاقة الشخص بالعناصر لا يمكن وصفها ولا أنّه لا يمكن وصفها، وبدلاً من ذلك كان الرأي الإجماعي هو أنّ حقيقة أنّ الشخص يمكن القول بأنّه ليس متطابقًا مع العناصر ولا متميزًا عنها هو أساس لأخذ الشخص على أنّه مجرد خيال مفاهيمي.
هناك دليل على أنّ الادعاءات من النوع 3 تتضمن تحديد المعلمات، على سبيل المثال فإنّ الادعاء حول الأرهات هو أنّ هناك بعض الاحترام الذي يمكن أن يقال إنّهم موجودون فيه بعد الموت، وبعض الجوانب الأخرى التي يمكن أن يقال إنّها لم تعد موجودة بعد الموت، وإنّ الاستمتاع بمثل هذا الاقتراح لا يتطلب أن يعتقد المرء أنّه قد تكون هناك تناقضات حقيقية.
وبينما تبدو الادعاءات من النوع 4 مكافئة منطقيًا لتلك الخاصة بالنوع 3، فإنّ التقليد تعامل مع هذا النوع على أنّه يؤكد أنّ الموضوع يتجاوز كل المفاهيم، ولرفض ادعاء من النوع 4 حول الأرهات هو إغلاق استجابة طبيعية واحدة لرفض الادعاءات الثلاثة الأولى: أنّ حالة الأرهات بعد الموت تتجاوز الفهم العقلاني، وإنّ رفض بوذا لجميع الاحتمالات الأربعة المتعلقة بهذا الموضوع والأسئلة ذات الصلة ليس دليلاً على أنّه استخدم منطقًا منحرفًا.
العقلانية الفلسفية لدى بوذا:
يُستشهد أحيانًا برد بوذا على أسئلة مثل تلك المتعلقة بالأرهات دفاعًا عن ادعاء مختلف حول موقفه من العقلانية، وهذا هو الادعاء بأنّ بوذا كان في الأساس براغماتيًا وشخصًا يرفض التنظير الفلسفي لمصلحته ويستخدم العقلانية الفلسفية فقط إلى الحد الذي يمكن أن يساعد فيه ذلك في حل المشكلة العملية المتمثلة في القضاء على المعاناة.
يبدو أن بوذا يتبنى شيئًا مثل هذا الموقف عندما يدافع عن رفضه الإجابة على أسئلة مثل تلك المتعلقة بالأرهات، أو ما إذا كانت سلسلة الحياة لها بداية أو ما إذا كان المبدأ الحي مطابقًا للجسد، وهو يدعو جميع الآراء الممكنة فيما يتعلق بمثل هذه الأسئلة إلى تشتيت الانتباه بقدر ما لا تؤدي الإجابة عليها إلى وقف التدنيس وبالتالي إلى نهاية المعاناة.
نوع مختلف من التحدي للادعاء بأنّ بوذا قدّر العقلانية الفلسفية لذاتها يأتي من الدور الذي تلعبه السلطة في علم الخلاص البوذي، على سبيل المثال في التقليد البوذي يواجه المرء أحيانًا الادعاء بأنّ الأشخاص المستنيرين فقط مثل بوذا يمكنهم معرفة كل تفاصيل السببية الكارمية، وإلى الحد الذي يُعتقد أنّ القواعد الأخلاقية تحددها تفاصيل السببية الكارمية، وقد يُفهم هذا على أنّه يعني أنّ معرفتنا بالقواعد الأخلاقية تعتمد على سلطة بوذا.
مرة أخرى يبدو أنّ التطور اللاحق للفلسفة البوذية قد تم تقييده بسبب الحاجة إلى جعل النظرية متوافقة مع بعض الادعاءات الرئيسية لبوذا، ويذهب بعض العلماء المعاصرين إلى حد التساؤل عما إذا كانت الوظائف غير الذاتية هي أي شيء أكثر من كونها نوعًا من المحرمات اللغوية ضد استخدام كلمات مثل (أنا) و(الذات) في التقليد البوذي.
الاقتراح هو أنّه تمامًا كما هو الحال في بعض التقاليد الدينية الأخرى فإنّ آراء المؤسس أو تصريحات الكتاب المقدس تتفوق على جميع الاعتبارات الأخرى، بما في ذلك أي آراء يتم التوصل إليها من خلال الممارسة الحرة للبحث العقلاني لذلك في البوذية أيضًا يمكن أن يكون هناك في أحسن الأحوال فقط ساحة مقيدة للغاية لنشر العقلانية الفلسفية.
الآن يمكن أن يكون هذا صحيحًا بالنسبة للتقاليد التي نشأت من تعاليم بوذا، إلّا أنّ بوذا نفسه كان يحظى بتقدير كبير للاستخدام غير المقيد للعقلانية، ويبدو أنّ هذا يتعارض مع ما قاله ردًا على التقرير بأنّه توصل إلى استنتاجاته من خلال التفكير والتحليل فقط أي أنّ مثل هذا التقرير تشهيري لأنّه يمتلك عددًا من القوى المعرفية الخارقة.
هل بوذا كلي العلم؟
في الواقع يجد المرء نقاشًا مفعمًا بالحيوية داخل التقليد فيما يتعلق بمسألة ما إذا كان بوذا كلي العلم، وهو نقاش قد يعكس المنافسة بين البوذية والمدارس البراهمانية التي تفترض وجود خالق كلي العلم، وعلى الأقل بالنسبة للجزء الأكبر من التقليد البوذي حريصًا على ألّا ينسب إلى بوذا نوع العلم المطلق الذي يُنسب عادةً إلى كائن كامل أي الإدراك الفعلي في أي وقت لجميع الحقائق.
بدلاً من ذلك يُقال إنّ بوذا كلي العلم فقط بالمعنى الأضعف بكثير المتمثل في امتلاكه دائمًا القدرة على إدراك أي حقيقة فردية ذات صلة بمشروع الخلاص، بمعنى تفاصيل حياتهم الماضية وطرق عمل قوانين الكارما السببية، وما إذا كان قد تم استئصال إفساد فرد معين، وعلاوة على ذلك يُقال إنّ هذه القدرات هي تلك التي يكتسبها بوذا من خلال دورة تدريبية محددة وبالتالي قد يطمح إليها الآخرون أيضًا.
يبدو أنّ موقف التقليد اللاحق هو أنّه بينما يمكن للمرء أن يكتشف الحقائق ذات الصلة بمفرده، سيكون من المنطقي أكثر الاستفادة من حقيقة أنّ بوذا قد قام بالفعل بكل العمل المعرفي المتضمن، وعندما نصل إلى مدينة جديدة يمكننا دائمًا العثور على وجهتنا النهائية من خلال التجربة والخطأ، ولكن سيكون من المنطقي أن نسأل شخصًا يعرف بالفعل طريقه.
نشأ التقليد الفلسفي البوذي من جهود سابقة لتنظيم تعاليم بوذا، وفي غضون قرن أو قرنين من وفاة بوذا أدت الاختلافات التفسيرية إلى نقاشات حول نية بوذا الحقيقية في بعض الأمور، مثل تلك التي تدور بين الشخصيات الشخصية والآخرين حول حالة الشخص، في حين أنّ أطراف هذه المناقشات يستخدمون العديد من الأدوات والتقنيات القياسية للفلسفة، إلّا أنّهم كانوا لا يزالون مقيدين بافتراض أنّ آراء بوذا بشأن المسألة قيد البحث موثوقة.
مع مرور الوقت اتسعت المناقشة لتشمل محاورين يمثلون أنظمة براهمانية مختلفة، ونظرًا لأنّ الأخير لم يأخذ كلمة بوذا على أنّها موثوقة فقد طُلب من المفكرين البوذيين الدفاع عن مواقفهم بطرق أخرى، وتطرق النقاش الناتج (الذي استمر لمدة تسعة قرون تقريبًا) إلى معظم الموضوعات التي تُعتبر الآن قياسية في الميتافيزيقا ونظرية المعرفة وفلسفة اللغة وتميزت بدرجة كبيرة من التعقيد في المنهجية الفلسفية.
كما أنّه لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين ما كان سيفكر فيه بوذا في هذه التطورات، وما يمكننا قوله هو أنّ العديد من البوذيين يعتقدون أنّ الممارسة غير المقيدة للعقلانية الفلسفية تتفق تمامًا مع تعاليمه.