الميزات والاختلافات في فلسفة علم الظواهر

اقرأ في هذا المقال


مفهوم علم الظواهر:

علم الظواهر Phenomenology: هي حركة فلسفية نشأت في القرن العشرين والهدف الأساسي منها هو التحقيق المباشر ووصف الظواهر كما تم تجربتها بوعي دون نظريات حول تفسيرها السببي وخالية قدر الإمكان من التصورات والافتراضات المسبقة غير المفحوصة.

خصائص علم الظواهر:

في ضوء طيف الظواهر التي صدرت بشكل مباشر أو غير مباشر من العمل الأصلي للفيلسوف الألمانيإدموند هوسرل، فليس من السهل العثور على قاسم مشترك لمثل هذه الحركة خارج مصدرها المشترك، ولكن مواقف مماثلة تحدث في حركات فلسفية أخرى وغير فلسفية.

الميزات والاختلافات الأساسية في علم الظواهر:

على الرغم من أنّه كما رأينا من منظور هوسرل الأخير، فإنّ كل الانحرافات عن آرائه الخاصة يمكن أن تظهر فقط على أنّها هرطقات، إلّا أنّ التقييم الأكثر سخاء سيظهر أنّ كل أولئك الذين يعتبرون أنفسهم ظاهريين يشتركون على سبيل المثال في شعاره (zu den Sachen selbst – إلى الأشياء نفسها)، والتي قصدوا بها اتباع نهج جديد للظواهر الملموسة – نهج خال قدر الإمكان من الافتراضات المفاهيمية – ومحاولة وصفها بأمانة قدر الإمكان.

علاوة على ذلك يعتقد معظم أتباع الفينومينولوجيا أنّه من الممكن الحصول على رؤى حول الهياكل الأساسية والعلاقات الأساسية لهذه الظواهر على أساس دراسة متأنية للأمثلة الملموسة التي توفرها التجربة أو الخيال ومن خلال الإختلاف المنهجي لهذه الأمثلة في خيال، ويؤكد بعض علماء الظواهر أيضًا على الحاجة إلى دراسة الطرق التي تظهر بها الظواهر في الوعي الموجه بالكائنات أو الوعي المتعمد.

بالإضافة إلى هذا الجانب الثابت للمظهر يريد البعض أيضًا التحقيق في جانبه الجيني والاستكشاف، فعلى سبيل المثال كيف قصدت الظاهرة على سبيل المثال كتاب – الأشكال (تشكل) نفسها في الانكشاف النموذجي للتجربة، فيعتقد هوسرل نفسه أنّ مثل هذه الدراسات تتطلب تعليقًا سابقًا للاعتقاد (الحقبة) في حقيقة هذه الظواهر، في حين يرى آخرون أنّها ليست ضرورية ولكنها مفيدة، وأخيرًا في الفينومينولوجيا الوجودية يتم استكشاف معاني بعض الظواهر (مثل القلق) بواسطة ظواهر تفسيرية خاصة (hermeneutic – هرمينوطيق)، ومنهجيتها تحتاج إلى مزيد من التوضيح.

تناقض فلسفة علم الظواهر مع الحركات ذات الصلة:

النظرية الوضعية والتجريبية وعلم الظواهر:

قد يكون من المفيد أيضًا إبراز الجوهر المميز للظواهر من خلال مقارنتها ببعض جيرانها الفلسفيين، فعلى النقيض من الوضعية والتجريبية التقليدية التي بدأ منها مدرس هوسرل في فيينا فقد قام فرانز برينتانو والذي تشترك فيه الفينومينولوجيا في الإحترام غير المشروط للبيانات الإيجابية للتجربة (“نحن الوضعيون الحقيقيون”، ادعى هوسرل في كتابه Ideen zu einer renen Phänomenologie und phänomenologischen Philosophie 1913 – أفكار لظواهر بحتة وفلسفة ظاهرية).

لا تقصر الظواهر هذه البيانات على نطاق الخبرة الحسية ولكنها تقبل على قدم المساواة مثل هذه البيانات غير الحسية (الفئوية) مثل العلاقات و القيم، لطالما أنّها تقدم نفسها بشكل حدسي، وبالتالي فإنّ الفينومينولوجيا لا ترفض المسلمات بالإضافة إلى العبارات التحليلية المسبقة والتي يتم تضمين مسنداتها منطقيًا في الموضوعات والحقيقة التي تكون مستقلة عن التجربة (على سبيل المثال، كل الأجسام المادية لها امتداد) والتركيبات.

العبارات اللاحقة التي لا تشير موضوعاتها منطقيًا إلى المسند والحقيقة التي تعتمد على الخبرة (على سبيل المثال قميصي أحمر)، فهي تعترف بمعرفة المسبق التركيبي وهو اقتراح لا يعني موضوعه منطقيًا مسند ولكنه واحد تكون فيه الحقيقة مستقلة عن التجربة (على سبيل المثال يتم تمديد كل لون)، وبناءً على نظرة ثاقبة للعلاقات الأساسية داخل المعطى تجريبيًا.

نظرية المعرفة وعلم الظواهر:

على النقيض من الظاهراتية فإنّ الموقف في نظرية المعرفة الذي غالبًا ما يتم الخلط معه، فإنّ الفينومينولوجيا – التي ليست في الأساس نظرية معرفية، لا تقبل التقسيم الصارم بين المظهر والواقع ولا الرأي الأضيق القائل بأنّ الظواهر هي كل ذلك هناك (أحاسيس أو احتمالات دائمة للأحاسيس)، فهذه أسئلة حول أي من الظواهر في حد ذاتها تبقي ذهنًا متفتحًا، مع الإشارة إلى أنّ الظاهراتية تتغاضى عن تعقيدات البنية المتعمدة لوعي الظواهر.

الفلسفة العقلانية وعلم الظواهر:

على النقيض من الفلسفة العقلانية التي تؤكد على التفكير المفاهيمي على حساب الخبرة، تصر فلسفة علم الظواهر على الأساس الحدسي والتحقق من المفاهيم وخاصةً جميع الادعاءات المسبقة، وبهذا المعنى فهي فلسفة من (أسفل) وليس من (فوق).

الفلسفة التحليلية وعلم الظواهر:

على النقيض من بعض سلالات الفلسفة التحليلية التي تحل محل التركيبات المبسطة للمعطى الفوري بكل تعقيداته وتطبق (شفرة أوكام)، فإنّ الفينومينولوجيا تقاوم جميع إعادة تفسير المعطى وتحليله لما هو في ذاته وبشروطه الخاصة .

الفلسفة اللغة العادية وعلم الظواهر:

تشترك الظواهر مع فلسفة اللغة العادية في احترام الفروق بين الظواهر التي تنعكس في ظلال معنى اللغة العادية كنقطة انطلاق محتملة للتحليلات الفينومينولوجية، ومع ذلك لا يعتقد علماء الظواهر أنّ دراسة اللغة العادية هي أساس كاف لدراسة الظواهر، لأنّ اللغة العادية لا تستطيع ولا تحتاج إلى الكشف عن مدى تعقيد الظواهر.

الفلسفة الوجودية وعلم الظواهر:

على النقيض من الفلسفة الوجودية التي تؤمن بأنّ الوجود البشري غير صالح للتحليل والوصف الفينومينولوجي، لأنّها تحاول تشويه غير القابل للتصديق، فإنّ الفينومينولوجيا ترى أنّه يمكنها ويجب عليها التعامل مع هذه الظواهر مهما كان الحذر، بالإضافة إلى غيرها من الظواهر المعقدة خارج الوجود البشري.


شارك المقالة: