اقرأ في هذا المقال
في فلسفة ميل يميز ميل بين مجرد السلوك العدواني والسلوك الضار حقًا، ففي حين أنّ السلوك الضار حقًا يمكن تنظيمه، فإنّ مجرد السلوك العدواني لا يمكن تنظيمه، ومع ذلك في مناقشته للسُكر (الخمر) يسمح ميل في وقت ما بحظر الجرائم ضد الآخرين على الأقل عندما تنطوي على أفعال مخلة بالآداب العامة.
معيار انتهاك الأخلاق الحميدة في فلسفة ميل:
ومرة أخرى هناك العديد من الأفعال التي تلحق ضرراً مباشراً بالعاملين أنفسهم فقط ويجب ألّا يتم منعها قانونًا ولكنها إذا تم القيام بها علنًا تعد انتهاكًا للأخلاق الحميدة وبالتالي فهي تدخل في فئة الجرائم ضد الآخرين وتكون محظورة بحق، وهذا النوع من الجرائم ضد الآداب العامة، بحيث ليس من الضروري الخوض فيها بل لأنّها مرتبطة بشكل غير مباشر فقط بموضوعنا فإنّ الاعتراض على الدعاية يكون قويًا بنفس القدر في حالة العديد من الأفعال التي لا يمكن إدانتها في حد ذاتها ولا يُفترض أن تكون كذلك.
وفي السياق المباشر هو القيود الأبوية مع الشراب، ولكن عندما يتم تناول هذا الشرب في الأماكن العامة فإنّه يصبح مهينًا، ويدّعي ميل هنا أنّه خاضع للتنظيم، ويبدو من المستحيل التوفيق بين هذا وبين الحظر الشامل لميل على تنظيم الجرائم، ولماذا هذا الاستثناء للجرائم العامة؟ فكانت إجابة ميل هي أنّه عندما يتم التصرف في الأماكن العامة فإنّ السلوك يأتي بالتالي ضمن فئة الإساءة إلى الآخرين، ولكن إذا كانت الدعاية ذات صلة لأنّها تجعل السلوك مسيئًا فإنّ جاذبية ميل الحقيقية هي الإساءة، ولكن هذا الاستثناء يهدد بابتلاع القاعدة.
رأي المفكر جويل فاينبرغ في فلسفة ميل حول الجريمة:
قد لا يكون لدى ميل وجهة نظر ثابتة حول الجريمة، ومن المفيد في هذا السياق النظر بإيجاز في آراء جويل فاينبرغ (Joel Feinberg) الذي يرى نفسه يعبر عن موقف ميل في عمله الهام المؤلف من أربعة مجلدات في الحدود الأخلاقية للقانون الجنائي (1984-1988)، ويفهم من جويل فاينبرغ دفاعه عن مبادئ ميليان (Millian) على أنّه ينطوي على نهج ميليان القاطع المعدل، حيث تعديله الرئيسي لمبادئ ميليان (Millian) هو السماح ببعض أشكال تنظيم الجرائم.
في فيلم الإساءة للآخرين (Offense to Others) في عام 1985، بدأ جويل فاينبرغ (Feinberg) بالتركيز على الإزعاج، والعديد من الأشياء المهينة هي مصدر إزعاج وتسبب حالات أو أحاسيس عقلية بغيضة، ولكن حتى لو كانت العديد من المضايقات هي الثمن الذي يتعين على المرء دفعه للعيش في مجتمع حر فمن الشائع أن ينظم القانون الإزعاج.
ويعتقد جويل فاينبرغ (Feinberg) أنّ بعض المضايقات خاصة المضايقات العامة يمكن أن تبرر التنظيم، ولتحديد متى يكون تنظيم المخالفة (الإزعاج) مسموحًا به وعندما لا يكون كذلك، ويستخدم جويل فاينبرغ (Feinberg) اختبار موازنة يجب أن نزن فيه خطورة الجريمة، على سبيل المثال حجمها وإمكانية تجنبها مقابل أهمية تنظيم مصالح الوكيل، على سبيل المثال وأهميتها ووجود طرق بديلة للتعبير.
وتفاصيل اختبار التوازن الخاص بجويل فاينبرغ (Feinberg) معقدة ومثيرة للجدل، ولكن معظم المجتمعات الليبرالية تسمح في الواقع ببعض التنظيمات المزعجة، وإذا كان المرء سينظر في تعديل نهج ميل القاطع للسماح بمنع الإزعاج العميق فيجب على المرء أن يستخدم بعض اختبار التوازن هذا ويسمح بالقيود فقط عندما يكون من الصعب تجنب المخالفة، وتكون المصالح التعبيرية للجناة متواضعة وللجناة طرق بديلة للتعبير، ونظرًا لأنّ موقف ميل من تنظيم الجرائم ليس متسقًا تمامًا فمن الصعب تحديد حجم التعديل الذي سيحدثه هذا في مبادئه الليبرالية.