لا يتفق الجميع أنّ جيمس أوبي أورمسون قد دافع بشكل مشهور عن قاعدة قراءة نفعية لميل (1953)، حيث أحد أسباب أورمسون لهذه القاعدة القراءة النفعية تناشد اعتماد ميل على مختلف القواعد والمبادئ الثانوية في التفكير الأخلاقي، ولكن أورمسون يلجأ أيضًا إلى مبدأ التناسب باعتباره يتطلب تفسيرًا نفعيًا لقاعدة ميل.
ميول السعادة (فيليسيفيك):
(فيليسيفيك (Felicific): هو مصطلح يتعلق بالسعادة المتزايدة أو يعززها)، أنّ مبدأ التناسب يقول جزئيًا أنّ النفعية ترى أنّ الأفعال صحيحة في التناسب لأنّها تميل إلى تعزيز السعادة، وخاطئة لأنّها تميل إلى إنتاج عكس السعادة، ويدّعي أورمسون أنّه يمكننا أن نفهم ميل الفعل إلى إحداث نتائج جيدة أو سيئة فقط كادعاء حول ما هو صحيح لفئة أو نوع من الإجراءات، وتؤدي إجراءات الرمز المميز إلى عواقب محددة، وفقط أنواع الأفعال لها ميول، وفي تفسير أورمسون يقول ميل حقًا أنّ الإجراء صحيح إذا كان رمزًا لنوع من الفعل يكون له عواقب جيدة أو مثالية، وبتفسير ذلك فإنّ مبدأ التناسب سيتبنى شكلاً من أشكال نفعية القاعدة.
ولكن كان من الشائع بين الراديكاليين الفلسفيين صياغة النفعية، كما يفعل مبدأ التناسب من حيث الميول السعيدة للأفعال الفردية، وعلى سبيل المثال قام بنثام بهذا في وقت مبكر من مقدمته لمبادئ الأخلاق والتشريع.
يقصد بمبدأ المنفعة هذا المبدأ الذي يوافق أو لا يوافق على كل فعل على الإطلاق، ووفقًا للميل الذي يبدو أنّه يجب أن يزيد أو يقلل من سعادة الطرف الذي تكون مصلحته موضع تساؤل: أو ما هو الشيء نفسه في بعبارة أخرى، ولتعزيز أو معارضة تلك السعادة، وأقول عن كل عمل على الإطلاق، وبالتالي ليس فقط كل عمل يقوم به فرد خاص ولكن لكل إجراء حكومي، وهنا وفي أي مكان آخر وينسب بنثام بوضوح الميل السعيد إلى رموز الفعل وهو يوازن بين النزعة السعيدة للفعل مع المدى الذي يعزز فيه المنفعة.
الميل العام لفعل ما هو أكثر أو أقل ضررًا وفقًا لمجموع نتائجه، أي وفقًا للاختلافات بين مجموع مثل هذه الأشياء الجيدة ومجموع مثل هؤلاء الشر، وإذا فسرنا مبدأ التناسب لميل على خلفية ادعاءات مماثلة قدمها بنثام، فهذا دليل ضد قراءة أورمسون ولصالح قراءة نفعية لمبدأ التناسب.
المبادئ الأخلاقية الثانوية:
يدافع أورمسون أيضًا عن التفسير النفعي للقاعدة باعتباره قراءة لمزاعم ميل حول أهمية المبادئ الثانوية في تفكيرنا الأخلاقي، ويدافع ميل عن جاذبية النفعية للمبادئ الأخلاقية المألوفة حول أشياء مثل الإخلاص والصدق واللعب النزيه كمبادئ ثانوية يجب أن تنظم الكثير من التفكير الأخلاقي.
شروط المبادئ الأخلاقية الثانوية:
يعتقد أنّ المبادئ الثانوية غالبًا ما تفي بشرطين وهما:
- يؤدي اتباع المبدأ بشكل عام ولكن بشكل غير كامل إلى نتائج مثالية.
- النتائج دون المستوى الأمثل التي ينتج عنها الالتزام بالمبدأ لا يمكن تحديدها بشكل موثوق وفعال مسبقًا.
ويعتقد ميل أنّه عندما يتم استيفاء هذين الشرطين ويجب على الوكلاء في أغلب الأحيان اتباع هذه المبادئ تلقائيًا ودون اللجوء إلى المبدأ النفعي الأول، ومع ذلك يجب عليهم التراجع بشكل دوري ومراجعة قدر الإمكان ما إذا كان المبدأ يستمر في تلبية الشرطين (1) و (2)، وأيضًا يجب عليهم وضع هذه المبادئ الثانوية جانبًا والاستئناف المباشر لمبدأ المنفعة في الحالات غير العادية التي يكون فيها من الواضح بشكل خاص أنّ تأثيرات الالتزام بالمبدأ ستكون دون المستوى الأمثل إلى حد كبير وفي الحالات التي تكون فيها المبادئ الثانوية، وكل منها له تبرير نفعي.
ويعتقد ميل أنّ تنظيم سلوك المرء بهذه الطريقة من خلال مبادئ ثانوية هو أفضل ما يعزز السعادة كما يشرح في نظام المنطق.
“لا أقصد التأكيد على أنّ الترويج للسعادة يجب أن يكون في حد ذاته نهاية كل الأفعال أو حتى كل قواعد العمل، وإنّه التبرير ويجب أن يكون المتحكم لجميع الغايات لكنه ليس هو نفسه الغاية الوحيدة، وهناك العديد من الأفعال الفاضلة وحتى أنماط العمل الفاضلة (على الرغم من أنّ الحالات على ما أعتقد أقل تكرارا مما يُفترض في كثير من الأحيان) يتم فيها التضحية بالسعادة في حالة معينة، وينتج المزيد من الألم عن المتعة ولكن السلوك الذي يمكن تأكيده حقًا، ويعترف بالتبرير فقط لأنّه يمكن إثبات أنّه بشكل عام ستوجد المزيد من السعادة في العالم إذا تم تنمية المشاعر التي ستجعل الناس في حالات معينة بغض النظر عن السعادة”.
قدم ادعاءات مماثلة في مقالته بعنوان (في بنثام)، حيث يهدف تبرير ميل النفعي للمبادئ الثانوية إلى التناقض مع حدس ويليام ويويل وآخرين، كما يوضح في مقالته (Whewell on Moral Philosophy) ويعتقد ميل أنّ الحدسي يتعامل بشكل خاطئ مع المبادئ الأخلاقية المألوفة كعوامل أخلاقية نهائية يفترض أن يكون تبريرها بديهيًا.
وعلى النقيض من ذلك فإنّ تفسير ميل للمبادئ الثانوية يعترف بأهميتها في التفكير الأخلاقي ولكنه يصر على أنّها ليست فطرية ولا معصومة عن الخطأ، وهي مبادئ تم تبنيها واستيعابها بسبب قيمتها المقبولة، ويجب تنظيم استخدامها المستمر بشكل مناسب من خلال قيمة القبول المقارن المستمرة، ويعتقد ميل أنّه بعيدًا عن تقويض المبادئ النفعية الأولى فإنّ الدعوة إلى أهمية هذه المبادئ الأخلاقية توفر في الواقع دعمًا للنفعية.
ما إذا كانت ادعاءات ميل حول أهمية المبادئ الثانوية تشير إلى نفعية القاعدة فهذا يعتمد جزئيًا على ما إذا كان يريد تحديد الإجراء الصحيح من حيث أفضل مجموعة من المبادئ الثانوية، أو ما إذا كانت مجرد طريقة موثوقة للقيام بما هو أفضل في الواقع، وإذا حدد الإجراء الصحيح من حيث التوافق مع المبادئ مع قيمة القبول المثلى فهو قاعدة نفعية.
ولكن إذا كان الإجراء الصحيح هو أفضل إجراء وكانت المبادئ الثانوية مجرد طريقة موثوقة (وإن كانت غير كاملة) لتحديد الأفضل فإنّ ميل هو فعل نفعي، ويبدو أنّ ميل يعالج هذه المشكلة في مكانين، وفي الفصل الثاني من النفعية يبدو أنّ ميل يشير إلى أنّه في حالة الامتناع عن ممارسة الجنس أو المحرمات فإنّ أساس الالتزام في حالات معينة هو السمة المفيدة للمحرمات التي تعتبر فئة.
ولكن في رسالة إلى جون فين (John Venn) ميل يدعي أنّ الوضع الأخلاقي للفعل الفردي يعتمد على فائدة عواقبه، حيث الاعتبارات حول فائدة فئة عامة من الإجراءات هي مجرد دليل قابل للتنفيذ حول ما هو صحيح في حالات معينة، ولسوء الحظ تشير القراءات الطبيعية للمقطعين في اتجاهين متعاكسين حول هذه المسألة ويقبل كل مقطع بقراءات بديلة.
وبدون دعم واضح للقراءة النفعية للقاعدة للمبادئ الثانوية يبدو أنّ ادعاءات ميل الرئيسية حول المبادئ الثانوية لا تتعارض مع نفعية الفعل، وعلاوة على ذلك من الواضح أنّ ميل يعتقد أننا بحاجة إلى الابتعاد عن المبادئ الثانوية المبررة في مجموعة مهمة من الحالات، وعلى الرغم من أنّ ميل لا يتعامل مع المبادئ الثانوية على أنّها مجرد قواعد أساسية في الحساب النفعي إلّا أنّه لا يعتقد أنّه يجب اتباعها دون انتقاد أو بشكل مستقل عن عواقبها، وهو يعتقد أنّه يجب تنحيتها جانباً لصالح الاستئناف المباشر لمبدأ المنفعة عندما يكون اتباعها دون المستوى الأمثل أو عندما يكون هناك تعارض بين المبادئ الثانوية.