قالوا للجمل زمر قال لا شفايف ملمومة ولا صوابع مفسرة

اقرأ في هذا المقال


الأمثال هي مقولات ذات مغزىً وتحمل بين طيّاتها العظة والفائدة، والإيجاز من غير حشو أو إطالة هو أهم مميزات الأمثال، مع عمق في المعنى وكثافة في الفكرة، وقد توارثتها الأمم مشافهةً من جيل إلى آخر، والمثل عبارة محكمة البنية بليغة، شائع استعمالها عند طبقات المجتمع كافة، وإذ يلخّص المثل حكاية عناء سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة، فقد حظي عند الناس بثقة تامّة، فصدّقوه ذلك أنّه يُهتدى به في حلّ مشكلة قائمة بخبرة مكتسبة من معضلة قديمة، وتلك المعضلة القديمة آلت إلى عبرة لا تُنسى، وقد قيلت هذه العبرة في جملة موجزةٍ قد تُغني عن رواية ما جرى هي الأمثال، وفيما يلي بين يدينا مثل عربي مشهور هو: “قالوا للجمل: زمّر، قال: لا شفايف ملمومة، ولا أصابع مفسرة”.

مفردات مثل “قالوا للجمل: زمّر، قال: لا شفايف ملمومة، ولا أصابع مفسرة” ومعناه

أمّا كلمة الشّفايف التي وردت في المثل، فهي: الشّفاه، والصّوابع: الأصابع، والمعنى: طلبوا إلى البعير أن يزمّر، فاعتذر منهم بغلظ شفتيه وخفّه، وهو يُضرب عند تكليف شخص بشيء لا يحسن عمله ولا يليق به.

صيغ مثل: “قالوا للجمل: زمّر، قال: لا شفايف ملمومة، ولا أصابع مفسرة”

مثل: “قالوا للجمل: زمّر، قال: لا شفايف ملمومة، ولا أصابع مفسرة”، من الأمثال العربيّة المشهورة، وهو يُروى على وجوه عدّة، أحدها هذا، والثاني يرويه أهل صعيد مصر، إذ قالوا: “يا جمل، زمّر، قال: لا أصابع ملمومة، ولا حنك مفسّر”، ويرويه آخرون بقولهم: لا صوابع مبرومة، وكذلك ورد عند البعض بقولهم: “قالوا للجمل: زمّر، قال: لا شفايف ملايمه”، ولفظ ملا يستعملونها في معنى ناهيك، كما يُقال: ملا رجلًا، أي: ناهيك به من رجل، وفي رواية: “قالوا للجمل: غنِّ، قال: لا حسّ حسَنّي، ولَاحنَك مساوي”، ويريدون بالحسني الحسن، وبالحسّ الصّوت، وبالحنك الفم.

المثل في التّراث العربي الأصيل:

مثلنا هذا أتى الأبشيهي على ذكره في كتابه: “المستطرف”، برواية: قالوا للجمل: زمر، قال: لا شفف ملمومة، ولا أيادي مفرودة”، ويرد في معناه ما يتداوله العامّة في قولهم: “قالوا للدّبّة: طرّزي، قالت: دي خفة أيادي”.

قصّة مثل: “قالوا للجمل: زمّر، قال: لا شفايف ملمومة، ولا أصابع مفسرة”

أمّا حكاية المثل، فيُروى أنّه في قديم الزّمان، أنّ عجوزًا مرّت على إحدى الدّور في قريتها، وقد اعتادت أن تبيع الأقمشة لنّساء القرية، فرأت طفلة صغيرة تلعب أمام الدّار التي قصدتها، فاستأذنت العجوز في الدّخول، واستقبلتها صاحبة الدّار، وأثناء حديثهما تذكّرت العجوز أنّها نسيت إحدى قطع القماش في دارها، فما كان منها إلّا أن طلبت من صاحبة الدّار أن ترسل ابنتها لتحضر قطعة القماش من دار العجوز، فردت صاحبة الدّار قائلة: “قالوا للجمل: زمّر، قال: لا شفايف مَلمومة، ولا صوابع مفسّرة”، وذلك كناية عن صغر سنّ الطّفلة، وعدم استطاعتها الذهاب لأيّ مكان لأنّها لا تعرف الطّرقات بعد، فصارت مقولتها مثلًا.


شارك المقالة: