النصيحة بجمل؛ فهي أثمن ما قد يحصل عليه المرء، سنحكي في قصة اليوم عن ناصح صغير قدّم ملاحظة صغيرة لأحد زملائه الأكبر منه سنّاً، ممّا جعل زميله الآخر يغضب منه، ولكنّه عندما علم أن هذا الولد الصغير هو شخص يعلم بالأمر أدرك أنّه كان مخطئاً بحكمه، وأن النصيحة لا تتأثّر لها بعمر الإنسان، بل يمكن أن تأتي من الأصغر بحسب علمهم بالأمر الذي يريدون النصح به.
قصة أحمد والنصيحة
أحمد ومازن صديقين في المدرسة، وبينما كانا يجلسان في باحة المدرسة في إحدى الأيام ويتحدّثان مع بعضهما البعض في وقت الراحة، إذ جاء ولد صغير في الصف الأول واسمه آدم، قام آدم يإلقاء التحية ثم طلب من أحمد أن يأتي ليتكلّم معه قليلاً، ذهب أحمد وبدأ يستمع لكلام آدم بعد ما استأذن صديقه مازن، وعندما عاد أحمد كان مازن مندهشاً وقال له: كيف تنصت هكذا لولد في الصف الأوّل؟
قال أحمد لمازن: لقد كنت أسمع لنصيحة آدم، فقد أخبرني بخطأ بسيط قمت به أثناء ما كنت أؤدّي صلاة الظهر، تفاجأ مازن من صديقه أحمد وقال له: ولكن كيف تصدّق كلام هذا الولد الصغير وتستمع لنصيحته؟ قال له أحمد: لا بأس يا مازن؛ فوالد آدم يعمل كإمام للمسجد، وهو يعلم جيّداً كيفية الصلاة الصحيحة، والعمر لا يؤثّر بالنصيحة يا صديقي.
أكمل أحمد كلامه قائلاً: لقد اجتمعت في آدم كل شروط النصيحة؛ فهو عالم بالأمر الذي يريد النصح به، كما أنّه لم ينصحني بالعلن بل طلب أن يتكلّم معي بالسر، لذلك يجب عليك أنت لا تحكم عليه بعمره يا صديقي، ولا تنسى أن عمر بن الخطاب أخذ بنصيحة غلام صغير لم يبلغ من العمر عشرة أعوام.
بعد ذلك أدرك مازن أنّه كان مخطئاً بظنّه السيّء بآدم؛ فقد ظنّ أنّه ينوي شرّا بأحمد لأنّه طلب أن يتحدّث معه بالسر بالرغم من أنّه صديق لكليهما، ولكنّه لم يكن يعلم بأن هذه هي شروط النصيحة، قرّر مازن بعد ذلك أن لا يحكم على أحد من خلال عمره أو مظهره قبل التأكّد من الحقيقة.