قصة أصحاب الأرض

اقرأ في هذا المقال


الصدقة تطفئ غضب الرب؛ فهي تدفع الضرر والأذى، سنحكي في قصة اليوم عن شيخ كريم كان قد رزقه الله بأرض كبيرة، وكان يعطي منها لكل محتاج، وعندما مات الشيخ توقّف أولاده عن ذلك زعماً منهم أن هذا هو حقّهم، ولكن حدث ما لا يرضيهم عندما فرطّوا بحق الله، وندموا على ذلك ندماً كثيراً.

قصة أصحاب الأرض

كان هنالك شيخ كريم وطيب القلب، يمتلك هذا الشيخ أرض كبيرة وواسعة وخصبة جدّاً؛ حيث كان قد زرع بها هذا الشيخ العديد من أنواع الفواكه والخضروات المختلفة، وعلى الرغم من هذه الأرض كانت مصدر رزقه الوحيد فيأكل ويشرب من حصادها، إلّا أنّه كان لا يبخل على أي أحد أن يعطيه منها؛ حيث كان يقف دائماً مع الفقراء والمساكين ويعطيهم ما يحتاجون من فاكهة وخضروات يقتاتون بها.

كان هذا الشيخ أحياناً يقوم بعمل آخر؛ فمن شدّة كرم نفسه كان يقوم يقطف أجود أنواع الفاكهة والخضروات، ثم يضعها في سلّة لوحدها، ويترك باب حديقته مفتوحاً كي يأخذ منها كل محتاج، وكان يكتب لافتة يخبر بها أن هذه السلّة لكل محتاج، وكان قد أخبر الشيخ أولاده الثلاثة أن لا يقتربوا من تلك السلّة؛ لأنّها ليست لهم بل هي للمحتاجين فقط.

كان هذا الشيخ يسمّي هذا الباب (باب ضيوف الله)، كان أولاده الثلاثة في أغلب الأحيان يشعرون بالضيق والانزعاج بسبب تصرّفاته تلك؛ وخاصّةً ابنه الصغير الذي كان في مرّة من المرّات يحدّق له بطريقة غريبة، وعندما سأله أبوه الشيخ عن سبب تحديقه به هكذا رد عليه: يا أبي أنت تقوم بإعطاء الحصة الأكبر من الحصاد الذي نتعب به لأولئك المحتاجين، ونحن لا ينالنا إلّا القلة منه.

نظر الشيخ لأولاده فوجدهم جميعهم يتفقّون مع رأي أخيهم الصغير، فرد عليهم قائلاً: يا أولادي لقد رزقنا الله بهذه الأرض الواسعة، وحق الله علينا أن نتصدّق بما جاد الله علينا من الخير للناس الفقراء والمحتاجين، ولا تنسوا يا أولادي أن هؤلاء الفقراء والمحتاجين دائماً يدعون الله لنا بالخير وسعة الرزق.

لم يفهم الأولاد ما قاله أبوهم، ولكن كانوا دائماً  مضطرين لإطاعة أوامره وكلامه، مرّ الوقت وكبر هذا  الشيخ حتّى رقد على فراش المرض، ولكن المرض اشتدّ عليه كثيراً وشعر أنّه قد اقترب من الموت؛ لذلك قام باستدعاء أولاده الثلاثة وطلب منهم أن يستمعوا لوصيّته وقال لهم: يا أولادي أوصيكم بعد مماتي أن لا تتوقفوا عن فعل الخير كما كنتم تفعلونه في حياتي، يجب عليكم دائماً أن لا تنسوا حصة الفقراء والمحتاجين من الحصاد، لا تردّوا سائلاً أو تقطعوا محتاجاً.

مات هذا الشيخ وظلّ أولاده الثلاثة يعملون في الأرض، وعندما جاء وقت الحصاد كبرت الثمار ونضجت، وصار منظرها رائعاً ومبهراً؛ لأن هؤلاء الأولاد الثلاثة كانوا قد عملوا واجتهدا بعملهم في تلك الأرض، جاء أحد الإخوة وقال لشقيقيه: لا بد أن لا ننسى ما وصّانا به أبانا ونقوم بفصل حصة الفقراء والمحتاجين، ولكن تفاجأ برفض شقيقيه لكلامه وقال أحدهما: نحن لا نريد أن نعطي جهدنا لأحد؛ فنحن نتعب ونجتهد وهؤلاء الكسالى يأخذون ما حصدناه بكل سهولة.

شعر الأخ الذي يريد تنفيذ وصيّة أبيه بالحزن لما قاله شقيقيه، وظلّ مصرّاً على كلامه، ولكن شقيقيه منعوه من ذلك فاستسلم بنهاية الأمر، عند حلول المساء اتفقّ الإخوة الثلاثة أن يذهبوا للحصاد؛ وقاموا باختيار وقت المساء كي لا يراهم أي من الفقراء والمحتاجين ويقوم بطلب حصة منه.

عندما وصل الإخوة الثلاثة لأرضهم تفاجؤوا بأنّ الفقراء والمساكين الذين قد اعتادوا للقدوم إلى الأرض يقفون حولها ويصفقون بكفوفهم ويتحسرون، تفاجأ الإخوة الثلاثة من وجودهم وممّا يفعلونه، وعندما التفتوا لأرضهم وجدوا أن النيران قد أكلتها كلّها لم يتبقى منها شيء، أسرع الإخوة الثلاثة لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تلك الأرض.

شعر الإخوة الثلاثة بالحزن الشديد وتذكروا كلام أبيهم ووصيّته حول حق الله في الفقراء والمساكين، وأدركوا وقتها أن الصدقة هي أكبر ما ينفع الشخص في حياته ويدفع عنه كل ضرر وأذى؛ لذلك نوى الإخوة الثلاثة منذ ذلك الوقت أن يعودوا للعمل في أرضهم وأن لا يقطعوا أي فقير ومحتاج، وصاروا يفعلون كما كان يفعل أبوهم الشيخ الكريم الذي كان يعطي حصة جيّدة لكل محتاج.


شارك المقالة: