قصة أوراشيما تارو الفتى الصياد أو ( THE STORY OF URASHIMA TARO, THE FISHER LAD) هي حكاية فولكلورية يابانية، للمؤلف، ياي ثيودورا أوزاكي، نشرت عام 1908، نشرها (Grosset & Dunlap Publishers).
الشخصيّات:
- أوراشيما تارو.
- السلحفاة.
قصة أوراشيما تارو الفتى الصياد:
منذ زمن بعيد في مقاطعة تانجو عاش على شاطئ اليابان في قرية صيد صغيرة اسمها ميزو نو يي صياد شاب يدعى أوراشيما تارو، كان والده صيادًا قبله، وكان أوراشيما كان الصيّاد الأكثر مهارة في كل ذلك البلد، وكان معروفًا بقلبه الطيب أكثر من كونه صيادًا ذكيًا للبحر، وطوال حياته لم يجرح أحداً، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، وعندما كان صبيًا، كان رفاقه يسخرون منه دائمًا؛ لأنّه لن ينضم إليهم أبدًا في مضايقة الحيوانات، ولكنّه حاول دائمًا إبعادهم عن هذه التصرفات القاسية.
وفي أحد أيام الصيف، كان ذاهبًا إلى المنزل في نهاية يوم صيد عندما صادف مجموعة من الأطفال، كانوا جميعًا يصرخون ويتحدثون بأعلى أصواتهم، وبدا أنّهم في حالة من الإثارة الشديدة بشأن شيء ما، وكان في طريقه إليهم ليرى ما يفعلون، ثمّ شاهدهم يعذبون سلحفاة، في البداية سحبها طفل بطريقة قاسية، بينما ضربها طفل ثالث بعصا، وطرق الرابع قوقعتها بحجر.
شعر أوراشيما بالأسف الشديد للسلحفاة المسكينة وقرر أن ينقذها، قال للصبيان: انظروا هنا، أيها الأولاد، إنكم تتعاملون مع تلك السلحفاة المسكينة بشكل سيء لدرجة أنها ستموت قريبًا، لم ينتبه الأولاد لما قاله لهم، لكنّهم استمروا في مضايقتها أكثر، انتظر أوراشيما لحظة، وأدار في ذهنه ما هي أفضل طريقة للتعامل مع الأولاد، فابتسم لهم وقال: ما رأيكم أن تعطوها لي مقابل بعض المال، ألا يناسبكم هذا يا أولاد؟ وقدّم النقود إليهم، ثمّ قال: يمكنكم شراء أي شيء تريدونه بهذه الأموال.
وبعد كلام أوراشيما، بدأ الأولاد يتصرفون بلطف معه، وتدريجيًا اقتربوا منه جميعًا، يمدّون السلحفاة إليه، وقالوا: حسنًا، سنعطيك السلحفاة إذا ما أعطيتنا المال! أخذ أوراشيما السلحفاة وأعطى المال للأولاد الذين نادوا بعضهم البعض وهرعوا بعيدًا عن الأنظار، ثم حمل أوراشيما السلحفاة قائلاً: أيتها المسكينة! أنت بأمان الآن! يقولون أنّ اللقلق يعيش ألف عام، لكن السلحفاة تعيش لعشرة آلاف عام.
لديك أطول عمر من أي مخلوق في هذا العالم، وكنت في خطر كبير من قطع تلك الحياة الثمينة من قبل هؤلاء الأولاد القاسيين، لحسن الحظ ، كنت مارًا وأنقذتك، ولا تزال الحياة لك، الآن سأعيدك إلى منزلك في البحر، في الحال، وطوال الوقت الذي كان يتحدث فيه الصّياد اللطيف، كان يسير بسرعة إلى الشاطئ ويخرج على الصخور، ثمّ وضع السلحفاة في الماء، وعاد بنفسه إلى المنزل.
في صباح اليوم التالي خرج أوراشيما كالمعتاد في قاربه، كان الطقس جيدًا وصعد أوراشيما إلى قاربه ودفع بشباكه إلى البحر، وسرعان ما مرّ بقوارب الصيد الأخرى وتركها وراءه، وانجرف قاربه أكثر فأكثر على المياه الزرقاء، وبطريقة ما شعر بسعادة غير عادية في ذلك الصباح ولم يسعه إلا أن يتمنى أن يكون مثل السلحفاة التي أطلق سراحها في اليوم السابق، أن يكون أمامه آلاف السنين ليعيشها بدلاً من فترة حياته البشرية القصيرة.
وفجأة شعر بالذهول عند سماعه اسمه يُنطق فوق البحر، ونظر في كل اتجاه، ظنًا أن أحد القوارب الأخرى قد تجاوزه، لكنّه حدق قدر الإمكان فوق الامتداد الواسع للمياه، ولم تكن هناك علامة على وجود قارب، لذلك لم يكن من الممكن أن يأتي الصوت من أي إنسان، وتساءل من أو ما الذي كان يناديه بهذا الوضوح، نظر في جميع الاتجاهات حوله ورأى أنه دون علمه، جاءت سلحفاة إلى جانب القارب، ورأى أوراشيما بدهشة أنها كانت نفس السلحفاة التي أنقذها في اليوم السابق.
قال أوراشيما: سيدتي السلحفاة، هل أنت من ناديت اسمي الآن؟ أومأت السلحفاة برأسها عدة مرات وقالت: نعم، بالأمس تم إنقاذ حياتي، وقد جئت لأقدم لك شكري وأخبرك كم أنا ممتنة للطفك معي، قال أوراشيما: حقًا، هذا مهذب جدًا منك، اصعدي إلى القارب، تعالي وجففي ظهرك في الشمس، صعدت السلحفاة إلى القارب، وبعد تبادل كلمات الشكر قالت السلحفاة: هل سبق لك أن رأيت قصر ملك البحر التنّين؟
هزّ الصيّاد رأسه وأجاب: لا، على الرغم من أنني سمعت كثيرًا عن مملكة التنّين تحت سطح البحر، فقالت السلحفاة: إذا كنت ترغب في رؤية أرض ملك البحر، فسأكون دليلك، فقال الصيّاد: أود أن أذهب إلى هناك، بالتأكيد، وأنت طيبة للغاية لتفكري في اصطحابي، لكن يجب أن تتذكري أنني مجرد بشر وليس لدي قوة السباحة مثل مخلوق بحري مثلك، قالت السلحفاة: لا تحتاج إلى السباحة بنفسك، إذا ركبت على ظهري فسوف آخذك دون أي مشكلة.
قال أوراشيما: لكن، كيف يمكنني الركوب على ظهرك الصغير؟ وعندما انتهت السلحفاة من الكلام، نظر أوراشيما إلى قوقعتها، وفجأة رأى أن ظهرها قد كبر بحيث أصبح بإمكان الرجل الجلوس على ظهرها بسهولة، فصرخ وقفز بسرعة، ثمّ غاصت السلحفاة في الماء، وفي الأعماق ظهرت على مسافة بعيدة بوابة رائعة، وخلف البوابة كانت هناك أسقف طويلة مائلة لقصر في الأفق.
قالت السلحفاة: هذه هي البوابة الكبرى لقصر التنّين، والسقف الكبير الذي تراه خلف البوابة هو قصر ملك البحر نفسه، قال أوراشيما: وصلنا أخيرًا إلى مملكة ملك البحر وإلى قصره، تقدمت السلحفاة الآن في المقدمة، وتحدثت إلى البوّاب، وقالت: هذا أوراشيما تارو من اليابان، لقد تشرفت بجلبه كزائر لهذه المملكة، من فضلك أره الطريق ثم قاد البوّاب وهو سمكة على الفور عبر البوابة التي أمامهم واختفت السلحفاة.
استقبله السمك والحبار، وجميع التابعين الرئيسيين لملك التنين في البحر ،وقالوا: من فضلك اتبعنا على هذا النحو، وعندما وصل إلى البوابات، خرجت أميرة جميلة مع خادمتها للترحيب به، كانت أجمل من أي إنسان، وقد تدفق شعرها الأسود الجميل على كتفيها على غرار ابنة الملك قبل عدة مئات من السنين، أصاب أوراشيما الذهول وهو ينظر إليها ولم يستطع الكلام.
فأخذته الأميرة بيده وقادته إلى قاعة جميلة، وأمرته بالجلوس، ثمّ قالت الأميرة: يسعدني أن أرحب بك في مملكة والدي، بالأمس أطلقت سراح سلحفاة، وأرسلت لك لأشكرك على إنقاذ حياتها، لأننّي كنت تلك السلحفاة، الآن إذا كنت ترغب في العيش هنا إلى الأبد في أرض الشباب الأبدي حيث الصيف لا يموت أبدًا وحيث لا يأتي الحزن أبدًا، وسأكون زوجتك إذا أردت، وسنعيش معًا في سعادة إلى الأبد بعد ذلك!
وبينما كان أوراشيما يستمع إلى كلماتها الحلوة، كان قلبه مليئًا بعجائب وفرح عظيمين، فأجابها متسائلاً عما إذا كان كل هذا حلمًا وقال: أشكرك ألف مرة، لا يوجد شيء يمكن أن أتمناه أكثر من السماح لي بالبقاء هنا معك في هذه الأرض الجميلة التي سمعت عنها كثيرًا، وتزوج منها وعاشا بسعادة، كان مشهد الفصول الأربعة المختلفة في قاع المحيط رائعاً، جمال الصيف والشتاء والربيع والخريف، وكان أوراشيما عندما ينظر إلى الشرق، يشاهد أشجار البرقوق والكرز في إزهار كامل، والفراشات تتنقل من زهرة إلى زهرة.
وبالنظر إلى الجنوب، كانت جميع الأشجار خضراء في أمتلاء الصيف، وعند النظر إلى الغرب، كانت أشجار القيقب الخريفية مشتعلة مثل سماء غروب الشمس، وفي الشمال، كانت الأرض بيضاء فضية مع الثلج، كما كانت الأشجار وخيزران البامبو مغطاة بالثلج وكانت البركة كثيفة بالجليد، وفي كل يوم كانت هناك أفراح جديدة وعجائب جديدة لأوراشيما، وكانت سعادته عظيمة لدرجة أنه نسي كل شيء حتى المنزل الذي تركه وراءه ووالديه وبلده.
ومرّت ثلاثة أيام دون أن يفكر حتى في كل ما هو عليه، ثمّ رجع إليه عقله وتذكر من هو، وأنه ليس من هذه الأرض الرائعة أو قصر ملك البحر، فقال لزوجته: يا يا عزيزي! يجب ألا أبقى هنا لأنّ لدي أب وأم عجوز في المنزل، ما الذي يمكن أن يحدث لهم كل هذا الوقت؟ يجب أن أعود مرة واحدة دون ترك يوم آخر يمر، وبدأ يستعد للرحلة على عجل، وعندما بدأت زوجته بالبكاء وقالت بحزن: لمَ العجلة؟ ابق معي يوم آخر فقط!
ولكنّ أوراشيما أخبرها بضرورة رؤية والديه، فأعطته زوجته صندوق وطلبت منه عدم فتحه ابداً، وغادر على ظهرها مرة اخرى وأوصلته لسطح البحر، ولكن عند وصوله تفاجأ بشدة بسبب تغير القرية بأكملها، ولم يجد منزلهم وعندما سأل أين هو؟ وهل هذه هي قريته السابقة، ولكن أخبره الجميع أنّ اسم القرية التي يتحدث عنها كانت قبل ثلاثمئة عام، ضاع أوراشيما في حيرة، ووقف ينظر حوله في كل مكان، كان هناك شيء ما في مظهر كل شيء كان مختلفًا عما يتذكره قبل رحيله، وبدا وكأنه في حلم غريب.
الأيام القليلة التي قضاها في قصر ملك البحر وراء البحر لم تكن أيامًا على الإطلاق، لقد مرت مئات السنين، وفي ذلك الوقت مات والديه وجميع الأشخاص الذين عرفهم، ولم يكن هناك فائدة من البقاء هنا بعد الآن، لذلك قرر أن يعود إلى زوجته الجميلة وراء البحر، عاد إلى الشاطئ حاملاً في يده الصندوق الذي أعطته الأميرة إياه، وقال: أخبرتني الأميرة عندما أعطتني الصندوق أن لا أفتحه أبدًا، أنه يحتوي على شيء ثمين للغاية.
لكن الآن بعد أن فقدت المنزل وفقدت كل ما كان عزيزًا عليّ هنا، إذا فتحت الصندوق، بالتأكيد سأجد شيئًا يساعدني، ويريني طريق العودة إلى أميرتي الجميلة في البحر، سأفتح الصندوق وأبحث فيه! ثمّ قام بفك غطاء الصندوق الثمين، فظهرت له سحابة أرجوانية صغيرة فقط ارتفعت من الصندوق وغطت وجهه، ثمّ طاف بعيدًا مثل بخار فوق البحر، أوراشيما ، الذي كان حتى تلك اللحظة شابًا قويًا وسيمًا يبلغ من العمر أربعة وعشرين عامًا.
أصبح فجأة كبيرًا جدًا، وتضاعف ظهره مع تقدم العمر، وأصبح شعره أبيض كالثلج، ووجهه متجعد وسقط ميتًا على الشاطئ، وبسبب عصيانه كلام زوجته لم يستطع العودة إلى مملكة ملك البحر أو الأميرة الجميلة وراء البحر.