الأب المتذمر أو ( FATHER GRUMBLER) قصة لأندرو لانغ من سلسلة كتاب الجنية البني، (The Brown Fairy Book)
الشخصيات:
- الأب المتذمر.
- الرجل المتدين.
- صاحب المتجر وزوجته.
قصة الأب المتذمر :
كان هناك رجل لديه عدد كبير من الأطفال مثل عدد العصافير في الحديقة، كان عليه أن يعمل بجد طوال اليوم ليحصل على ما يكفيهم من الطعام، وكان غالبًا متعبًا حيث أساء استغلال كل شيء وكل شخص، لذلك أطلق عليه الناس لقب الأب المتذمر.
لقد سئم من العمل بشكل دائم، وفي أيام الأحد كان يرقد لفترة طويلة في السرير، بدلاً من الذهاب إلى العمل ثم بعد فترة وجد أنه من الممل أن يجلس بمفرده لساعات طويلة، ولا يفكر في أي شيء سوى كيفية دفع الإيجار المستحق، وفي يوم من الأيام قال لنفسه: سأذهب لأرى الرجل المتدين في الكهف بالقرب من البئر، وربما يمكنه أن يخبرني لماذا كل الحظ للآخرين، ولن يحدث لي سوى المصائب.
وفي الحال قرر الذهاب، لقد كان الكهف بعيدًا جدًا، والطريق يقود عبر الجبال والوديان ؛ لكنه وصل أخيرًا إلى الكهف حيث سكن الرجل المتدين، وطرق الباب، وحين سأله صوت من الداخل: من هناك؟ أجاب الرجل: أنا، ايها الرجل المتدين، الأب المتذمر الذي لديه عدد من الأطفال مثل العصافير في البستان، فقال الرجل: حسنًا، وماذا تريد؟ فقال الرجل: أريد أن أعرف لماذا يحالف الآخرون كل الحظ، ولا يحدث لي سوى المصائب!
لم يجب الرجل المتدين ، بل دخل إلى كهف داخلي خرج منه حاملاً شيئًا في يده، وقال:هل ترى هذه السلة؟إنها سلة سحرية، وإذا كنت جائعًا فما عليك سوى أن تقول: أيتها السلة الصغيرة، قومي بواجبك، وستأكل أفضل طعام تناولته في حياتك، ولكن عندما يكون لديك ما يكفي من الطعام، تأكد من أنك لا تنسىأن تقول: كفى هذا سيفي بالغرض اليوم! وشيء آخر، يجب أن لا تظهر للجميع أنني قد أعطيتك هذه السلة، هل تفهم؟
كان الأب المتذمر معتادًا دائمًا على التفكير في نفسه على أنه سيئ الحظ لدرجة أنه لم يكن يعرف ما إذا كان الرجل المتدين يخدعه أم لا، لكنه أخذ السلة دون أن يكون مهذبًا بما يكفي ليقول: شكرًا لك وذهب بعيدًا. ومع ذلك، فقد انتظر حتى كان بعيدًا عن الكهف قبل أن ينحني ويهمس: أيتها السلة الصغيرة، قومي بواجبك.
كانت السلة بها غطاء، بحيث لا يستطيع رؤية ما بداخلها، لكنه سمع أصواتًا غريبة بوضوح، كما لو كان هناك نوع من المشاجرة المستمرة، ثم انفتح الغطاء وتناثرت كمية من اللفائف البيضاء الصغيرة اللذيذة واحدة تلو الأخرى، متبوعة بسيل من الأسماك الصغيرة المطبوخة كلها، يا لها من كمية هناك للتأكد! كانت الطريق كلها مغطاة بالطعام، وبدأت الضفاف من كل جانب في الاختفاء.
شعر الأب المتذمر بالخوف الشديد ، لكنه في النهاية تذكر ما قاله له الرجل المتدين ، وصرخ بأعلى صوته: كفى! يكفي! هذا سيفي بالغرض اليوم! وأغلق غطاء السلة بلمسة، حينها تنهد الأب غرومبلر بارتياح وسعادة وهو ينظر حوله، ويجلس على كومة من الحجارة، ويأكل حتى يشبع.
لم يأكل الرجل قط مثل هذا العشاء، مع ذلك عندما انتهى، هز رأسه وتذمر وقال: نعم، هناك الكثير لأكله، لكنني أشعر بالعطش فقط، وليس هناك قطرة للشرب في أي مكان، وبطريقة ما دون معرفة السبب، نظر لأعلى ورأى متجراً أمامه والتي اعتقد أنها على بعد أميال.
قال وهو يدخل عندما رأى صاحبة المتجر: أحضري أفضل شراب لديك، وكأسين أيتها الأم الطيبة، وإذا كنت تحبين السمك، فهناك ما يكفي لإطعام منزلك بالكامل منه، ودون انتظار إجابة، همس في السلة: أيتها السلة الصغيرة، قومي بواجبك، ظن صاحب المتجر وزوجته أن زبونهما قد أصيب فجأة بالجنون، وراقباه عن كثب، وهو على استعداد للانطلاق.
لكن كلاهما قفز إلى الوراء، حيث كان الطعام والأسماك من كل نوع تتساقط من السلة، وتغطي الطاولات والكراسي والأرض، بل وتفيض في الشارع، ركع صاحب المتجر وزوجته على ركبهم وجمعوا كل ما يمكن أن تحمل أيديهم، لكن بالرغم من انشغالهم بجمع الطعام، همسوا لبعضهم البعض: إذا تمكنا فقط من الحصول على تلك السلة فسوف نحقق ثروة كبيرة!
لذلك بدأوا بدعوة الأب المتذمر للجلوس على الطاولة، وأخرجوا أفضل أنواع الطعام والشراب، وعلى الرغم من أنهم حاولوا بكل الطرق معرفة من أعطاه السلة، ولكنه احتفظ بسره لنفسه، ولسوء الحظ، وعلى الرغم من أنه لم يتكلم، لم يمض وقت طويل قبل أن ينام بسرعة، ثم أحضرت المرأة سلة من مطبخها، تشبه السلة التي بيد الرجل بشكل كبير جداً حتى أنه لن يميز الفرق بينهما، ووضعتها في يد الأب المتذمر وأخفت الأخرى بعناية.
كان وقت العشاء عندما استيقظ الرجل، وقفز بسرعة وانطلق إلى المنزل، حيث وجد كل الأطفال مجتمعين حول إناء من الحساء الرقيق، حين اقتحم والدهم في وسطهم حاملا سلته صارخًا: لا تفسدوا شهيتكم بهذه الأشياء، هل ترون هذه السلة؟ حسنًا، ما علي سوى أن أخبرها القيام بواجبها وسترون ما سيحدث، والآن اطلبوا منها بدلاً مني للحصول على الطعام.
ردد الأطفال الكلمات كما اخبرهم، متسائلين وفرحين، لكن لم يحدث شيء، حاولوا مرارًا وتكرارًا، لكن السلة كانت مجرد سلة عادية مع القليل من حراشف السمك الملتصقة بقاعها، لأن زوجة صاحب المتجر أخذتها إلى السوق في اليوم السابق، فصرخ الأب أخيرًا ثمّ خطف السلة منهم وقلبها كلها متذمرًا ويشتم وهو يفعل ذلك، أمام أعين زوجته وأطفاله المذهولين الذين لا يعلمون، هل يبكيون أو يضحكون؟
ودون أن يستمع إلى زوجته وأطفاله، الذين كانوا خائفين من سلوكه الغريب وتوسلوا إليه أن يبقى في المنزل، ركض إلى المتجر وفتح الباب، سألت زوجة صاحب المتجر بصوت رقيق: هل يمكنني أن أفعل أي شيء من أجلك، الأب المتذمر؟ قال: لقد أخذت السلة الخطأ، هذه السلة لكم، هل ستعيدون لي سلتي؟ أجابت: لماذا، ما الذي تتحدث عنه؟ يمكنك أن ترى بنفسك أنه لا توجد سلة هنا.
وعلى الرغم من أن الأب المتذمر بحث بداخل المتجر، إلا أنه كان صحيحًا تمامًا أنه لم يجد أي سلة، ثمّ سلك الطريق المؤدي إلى كهف الرجل المتدين، وأسرع إلى درجة أنه لم يمض وقت طويل قبل أن يصل إليه، وعندما طرق الباب أجابه الرجل المتدين: من هناك؟ فأخبره أنه الأب المتذمر، فقال الرجل المتدين: لكن، أيها الرجل الطيب ، لقد أعطيتك هدية جميلة بالأمس فقط.
فقال الرجل: نعم أيها الرجل المتدين، وها هي ذي ولكن حدث شيء ما، لا أعرف ماهو، ولم تعد تعمل بعد الآن، فقال الرجل المتدين: حسنًا، ضعها جانبًا، سأذهب وأرى ما إذا كان بإمكاني العثور على أي شيء لك، وفي غضون دقائق قليلة عاد الرجل المتدين مع ديك تحت ذراعهن وقال: استمع إلي، كلما أردت المال، عليك فقط أن تقول: أرني ما يمكنك فعله، أيها الديك، وسترى بعض الأشياء الرائعة.
لكن، تذكر ليس من الضروري إخبار كل العالم في السر، فقال الأب المتذمر: لا، أيها الرجل المقدس، أنا لست بهذا الغباء، ثم قال الرجل المتدين: ولا تخبرالجميع أنني أعطيتك إياه، وبدون انتظار أغلق الباب وذهب الأب بسرعة، ثمّ عاد الأب إلى المتجر مرة أخرى، وحين دخل مباشرة وجد زوجة صاحب المتجر في المطبخ تصنع كعكة.
وعندما سألته المرأة: من أين أتيت، مع هذا الديك الأحمر الجميل في سلتك، هذا الطائر كبيرًا جدًا لدرجة أن الغطاء لن يغلق بشكل صحيح، لم يجبها بشئ لكنها وضعت أمامه كأساً من الشراب المفضل، وسرعان صرخ قائلاً: أرني ما يمكنك فعله أيها الديك، وقف الديك ورفرف بجناحيه ثلاث مرات، صارخًا بصوت مثل البوق، وظهر غراب كان يسقط من منقاره قطرات ذهبية، وألماس بحجم البازلاء.
قدم له صاحب المتجر وزوجته كأسًا آخر من الشراب ووضعوا له المنوم، وتظاهروا بأنهم لم يروا الذهب أو الماس. وشرب الأب المتذمر الشراب، الذي ما إن شرب الكأس حتى سقط رأسه إلى الأمام على الطاولة، ومرة أخرى كان نائمًا، ثم قامت المرأة برفق بإخراج الديك من السلة وحملته إلى فناء الدواجن الخاص بها، واستبدلته بواحد يشبهه تمامًا، ووضعته في مكانه.
كان الليل ينزل عندما استيقظ الرجل، وألقى بفخر بعض حبات الذهب على الطاولة ليدفع ثمن الشراب الذي تناوله، وضع الديك في سلة طعامه بشكل مريح وانطلق إلى المنزل حيث كانت زوجته وجميع أولاده ينتظرونه عند الباب، وما إن رأته حتى قالت زوجته: أنت رجل لطيف لتضيع وقتك وأموالك في الجلوس في المتجر، وتتركنا نتضور جوعاً! ألا تخجل من نفسك؟
أجابها بأنه أحضر الذهب والألماس بالقدر الذي يريدون، وما عليهم سوى أن يطلبوه من الديك، لم تصدقه عائلته كثيرًا بعد تجربتهم الأخيرة، ومع ذلك، اعتقدوا أن الأمر يستحق المحاولة، وفعلوا كما قال لهم، ولكن طار الديك حول الغرفة وكأنه شيء مجنون، ولم يتم إسقاط الذهب أو الماس على الأرض كما أخبرهم.
حدق الأب المتذمر في صمت للحظة، ثم فجأة أمسك الديك وأغلقه في السلة واندفع خارج المنزل، وأسرع أثناء سيره على طول الطريق، وعندما وصل إلى كهف الرجل المتدين وأخره بأمر الديك، فقال الرجل المتدين: لقد خدعك أحدهم أيها الرجل الطيب! لقد حذرتك من إظهارما اعطيك لأي شخص، لكنك تستحق فرصة أخرى، ثم استدار وقام بفك شيء من الجدار.
وقال: عندما ترغب في إزالة الغبار عن سترتك الخاصة أو سترات أصدقائك، ما عليك سوى أن تقول: انفض الغبار بسرعة، وسترى ما سيحدث، هذا كل ما يجب أن أخبرك به وابتسم الرجل المتدين، دفع الأب المتذمر خارج الكهف، وهرع الأب إلى المتجر وهو يحمل سلة تحت ذراعه والديك والمفتاح في الداخل.
ثمّ أخبر صاحب المتجر وزوجته أنه جائع جدًا، وأعطاهم الديك الذي معه وطلب منهما شويه له في أسرع وقت ممكن.، وأكد لهم شوي هذا الديك وليس غيره، ثمّ قال: يمكنكما إشعال النار بهذه السلة، وعندما تنتهون من ذلك، سأريكم شيئًا أملكه في حقيبتي، جعلت هذه الطلبات زوجة صاحب المتجر متوترة للغاية. ومع ذلك، وبدأت في تحميص الديك، بينما بذل زوجها قصارى جهده لجعل الرجل ينام بوضع المنوم في شرابه، ولكن دون جدوى.
وبعد العشاء ضرب الرجل يده على الطاولة، وقال: الآن اسمعاني، اذهبا واحضرا ديكي وسلتي في الحال، ثمّ فتح الحقيبة، وصرخ: انفض الغبار بسرعة، حينها قفزوا جميعًا مثل الريش، فصرخ الرجل وزوجته وطلبوا منه أن يتوقف وسيعيدون ديكه وسلته.
وفجأة تم حبس ثلاثتهم داخل الحقيبة، وسمع الرجل المتدين صرخاتهم وجاء لإنقاذهم، وطلب من صاحب المتجر إحضار الديك والسلة، وذهبت المرأة وأعادتهما ووضعتها على الطاولة، فقال الرجل المتدين للأب المتذمر: لقد حصلت على ما تستحقه، ولا أشفق على أي منكم، سوف آخذ كنوزي إلى المنزل، وربما أجد يومًا ما رجلاً يعرف كيفية الاستفادة القصوى من الفرص التي تُمنح له. خسر الرجل المتذمر ثروة كبيرة لم يعرف كيفية استخدامها.