قصة الأرنوبة والمعروف

اقرأ في هذا المقال


مهما كان المعروف الذي يصنعه الشخص مع الآخرين فسيأتي يوم ويحصد ثمرة هذا المعروف، ومن يزرع خيراً لا يحصد إلّا الخير، سنحكي في قصة اليوم عن أرنبة صنعت معروفاً مع شبل صغير، كانت في بداية الأمر خائفة من أن يكبر هذا الشبل ليصبح أسداً ويلتهمها، ولكن مع مرور السنين تفاجأت الأرنبة أن هذا الأسد كان سبباً في إنقاذ حياتها، تماماً كما كانت هي سبباً في إنقاذ حياته، تابع المزيد من القراءة عزيزي القارئ للتعرف على أحداث القصة.

قصة الأرنوبة والمعروف

كان هنالك أرنبة اسمها سوسو، أرنبة طيبة القلب ولطيفة وودودة مع الجميع، وتحبّ جميع أصدقائها الحيوانات في الغابة، كانت تعيش مع عائلتها وأولادها الصغار، تخرج كل يوم في الغابة بحثاً عن طعام لهم، وفي يوم من الأيّام بينما كانت تتجوّل في الغابة كعادتها وهي تقفز تمرح وتبحث عن طعام، إذ سمعت صوتاً ينادي ويستغيث في الغابة.

اقتربت الأرنبة سوسو لتتحرّى مصدر الصوت؛ فسمعت صوتاً يقول: أنقذوني ساعدوني أرجوكم، ظلّت تمشي تقترب من الصوت أكثر وأكثر وتحاول إزاحة الأشجار والأعشاب الصغيرة من طريقها، وفي نهاية الأمر لاحظت أن هنالك شيئاً يتحرّك، عندما اقتربت أكثر كان شبلاً صغيراً عالقاً في شباك الصيادين.

عندما رأت أن الحيوان شبل صغير وقعت الأرنبة سوسو في حيرة شديدة، وصارت تقول في نفسها: ماذا أفعل يا ترى مع ذاك الحيوان؟ إن أنقذته فسيبكر ويصبح اسداً وبالتأكيد سيفكّر في التهامي، وإن تركته فسيهلك ويموت إنّه يستنجد ويلهث، احتارت كثيراً ماذا ستفعل مع هذا الشبل.

قالت في نفسها أخيراً: لا فائدة من إنقاذه، فحتماً سيكبر ويأكلني، عندما التفت الأرنبة سوسو ونوت الرحيل سمعت صوت بكاء الشبل واستغاثته؛ فقد كان ينحب من البكاء، شعرت بالحزن لحاله ونظرت له وهو يقول: أرجوكِ لا تتركيني عالقاً هنا؛ فسوف يأخذوني لا تتركيني أرجوكِ، رقّ قلبها وقرّرت أخيراً أن تساعده مهما كلّفها هذا الأمر.

اقتربت من الشباك وبدأت تقرض بالحبال شيئاً فشيئاً حتّى استطاعت أن تحدث فتحة صغيرة، حاول الشبل الخروج منها، وعندما بدأ الشبل بالخروج من الشبكة ركضت الأرنبة مسرعةً قبل أن يتكلّم هذا الشبل بأي شيء، أو حتّى أن يحاول شكرها على معروفها معه.

مرّت السنين ولم تكن الأرنبة سوسو تستذكر ما فعلت مع هذا الشبل، كبرت الأرنبة وصارت عجوزاً، ولم تعد تمسي مسرعةً كما في السابق، ففي يوم من الأيّام كانت تمشي في الغابة وإذ بذئب مفترس ينظر إليها من بعيد، كان يخطّط لالتهامها وبدأت هي تركض لمنزلها وتحاول الهرب منه، ولكن لثقل وزنها لم تكن سريعة كفاية، وفشلت محاولتها بالهروب واستطاع الذئب المفترس الإمساك بها.

صارت الأرنبة تبكي لأنّها ستموت لا محالة، وفجأةً وبينما كانت الأرنبة سوسو بين يدي الذئب المفترس إذ سمعت صوتاً قويّاً قادماً من بين الأشجار، عندما التفتت وجدت أسداً كبيراً يصرخ بوجه الذب ويقول له: هيا اترك الأرنبة على الفور.

شعر الذئب بالخوف الشديد من الأسد الكبير، وترك الأرنبة على الفور وفرّ هارباً، ظلّت الأرنبة واقفة أمامها ولا تدري ماذا ستفعل؛ فقد تركها الذئب وحان الآن دور الأسد، نظرت الأرنبة سوسو للأسد وقالت له: هيا أسرع والتهمني الآن؛ فأنا كما ترى أرنبة عجوز ولا أقوى على الهرب ولن أستطيع أن أفلت من قبضتك.

ولكن الأرنبة سوسو تفاجأت بأن الأسد يبتسم لها ويقول: كلّا أنا لن أفعل ذلك، وهل آكل الأرنبة اتي أنقذت حياتي بيوم من الأيام! نظرت للأسد مندهشة وقالت له: وكيف استطعت أن تعرفني؟ قال لها: أنا الشبل الذي أنقذتني من قبضة الصيادين، وعندما أردت الخروج لأشكركِ على صنيعك معي، أسرعتِ بالركض، وأنا انتظرت طوال تلك المدّة حتّى أراكِ لأشكركِ على هذا المعروف الذي صنعته معي.

أكمل الأسد قائلاً: إنقاذك من قبضة الذئب هو شرف لي، اقترب الأسد منها وشكرها وانصرف، وقفت الأرنبة سوسو في صمت وذهول كامل ممّا حدث، خاصّةً عندما شاهدت ذاك الشبل وقد كبر وأصبح أسداً قويّاً بهذا الحجم، عادت إلى منزلها وهي فخورة بما صنعت وقالت في نفسها: حقّاً إن جزاء الإحسان يكون دائماً الإحسان، لقد كنت أظنّ أن هذا الأسد سيكبر ويأكلني، ولكن من يفعل الخير لا يحصد إلّا الخير.


شارك المقالة: