من أكثر الأمور خطورة على حياة الطفل ويجب عليه أن ينبذها هي الفتنة، والفتنة تعدّ من الأخلاق السيئة وتعني قول الأكاذيب ومحاولة الإيقاع بين شخصين لأهداف شريرة، وسنحكي في قصة اليوم عن ضبع قام بنقل الأقوال المكذوبة واستطاع خلق الفتنة والعداوة بين الأسد والثور؛ ولكنّه ينال عاقبة خديعته ويُقتل من قبل الأسد الذي قام بكشف أمره.
الأسد والثور:
كان هنالك رجلاً ثريّاً ويمتلك الكثير من الحيوانات، ومن هذه الحيوانات قطيع من الإبل ومن الأغنام ومن الثيران، وكان من بين قطيع الثيران ثوران يمتلكان قوّة كبيرة ومميّزة، وفي مرّة من المرّات كان هذا الرجل يسير مع قطعانه، وكان يريد الاتجّاه لبلد جديد ليرحل عن قريته بحثاً عن مكان أكثر خصوبة وخضرة، وفي أثناء سيره هطلت عليه الأمطار بغزارة حيث تحوّلت الأرض إلى وحل.
وفي أثناء مسيره تحت المطر غاصت كلتا قدمي واحد من هذين الثورين في الوحل، حاول الرجل إخراجه ولكنّه لم يستطيع فعل ذلك من شدّة قوة هذا الثور؛ لذلك قرّر إكمال سيره لكي لا تتعطّل مصالحه وخوفاً من فقدان حيوانات أخرى في الوحل؛ فطلب من أحد خدمه أن يبقى بجانب الثور وينتظر لحين جفاف الوحل ثم يحضره له ويلحقه، بقي هذا الخادم بجانب الثور ولكنّه شعر بالملل؛ فقرّر أن يترك الثور ويلحق بالرجل ويخبره بأنّه انتظر كثيراً ولكن الثور قد مات.
حزن هذا الثور وظل يضرب الأرض بأقدامه القوية وكان الوحل يكاد يجف، فلمّا جف الوحل تماماً استطاع الثور أن يخرج، وذهب يرعى في الأرض يأكل الأعشاب الخضراء التي كبرت من الأمطار وكان يصدر الخوار بصوت عالي ومزعج في بعض الأحيان، وكان هنالك أسد كسول في البلد التي يتواجد بها هذا الثور، كان قليل الحركة وكان يطلب من جميع الحيوانات أن تخدمه، كان من أحد الأصدقاء المقربّين لدى هذا الأسد من الحيوانات هو الضبع.
بينما كان الأسد جالساً إذ سمع صوت هذا الثور فشعر بالخوف، لاحظ صديقه الضبع ذلك؛ فأخبره أنّه يريد الذهاب واستطلاع الأمر، فعاد وأخبر الأسد أنّه وجد ثور ولكنّه عندما راقبه وجد أنّه مسالم؛ فعاد الضبع ومعه الأسد لهذا الثور وقال له الضبع: كيف تأتي لهذا المكان وتأكل وترعى به من دون أن تقوم بتحيّة ملك الغابة وهو الأسد؟ وإضافة لذلك أنت تزعجه بالأصوات التي تصدرها.
شعر الثور أن الضبع محقّاً في كلامه وقرّر الثور الذهاب للأسد ملك الغابة حتّى يعتذر منه ويبرّر له خطأه، فعندما ذهب الثور اعتذر من الأسد وأعجب الأسد بكلامه وقرّر أن يجعله صديقاً له، مع مرور الوقت شعر الأسد أن لدى هذا الثور حكمة سديدة وبالغة في كثير من الأمور؛ فبدأ يستشيره بالكثير من أموره، وأصبح هذا الثور هو الصديق المقرّب للأسد وبدأ يبتعد عن الضبع ولم يعد من الأصدقاء المقربين.
شعر الضبع بالاغتياظ الشديد؛ فقرّر أن ينتقم من هذا الثور ويحاول أن يستعيد صداقته القوية مع الأسد، ذهب في أحد الأيام إلى الأسد وقال له: هذا الثور يتآمر على قتلك وأنا سمعته يخطّط لذلك مع أحد جنودك، شك الأسد في أمر الضبع فسأله عن دليله على كلامه، فقال له الضبع: إن رأيت الثور يأتي إليك وهو ذابل العينين وشاحب الوجه وينظر يميناً وشمالاً فيجب أن تعلم أنّه يخطّط لقتلك.
بعد ذلك ذهب إلى الثور وأخبره أن الأسد يقول له أن الثور أصبح سميناً وأنّه يفكّر في أكله، شك الثور أيضاً بكلام الضبع وسأله عن دليل كلامه، فقال له الضبع: إن ذهبت للأسد ووجدته يقف على قدميه الأماميتين ومليئاً بالتحفّز وينظر لك بعيونه الحادّة فاعلم أنّه عازم على قتلك.
ذهب الثور مسرعاً للأسد كي يتأكد من كلام الضبع فوجده واقفاً كما وصفه الضبع، وبدأ الصراع بين الأسد والثور وقتل الأسد الثور واستطاع الضبع أن ينجح في خطّته وعاد صديقاً للأسد، ولكن بعد مدّة من الزمن علم الأسد أن الذي حدث بينه وبين الثور كان خطة شريرة من الضبع الشرير، فأمر جنوده أن يقوموا بعمل خطة للتآمر على قتله والانتقام منه، فاستطاع الأسد قتل الضبع بمساعدة جنوده وتخلّص منه وأخذ جزاء خديعته للأشد والمكر بالثور.