قصة الأم المريضة الفقيرة نبات الحياة، (The Poor Sick Mother,The Plant of Life) هي حكاية فرنسيه خيالية، من كتاب جول الصغير هنري، يحتوي هذا الكتاب على خمس حكايات شعبية فرنسية طويلة، كل قصة لها عدة فصول، للمؤلف (Comtesse de Ségur) للناشر، شركة (Penn Publishing Company).
الشخصيّات:
- هنري.
- الأم.
- الجنيّة الطيبة بينفسينت.
- الطبيب.
قصة الأم المريضة الفقيرة – نبات الحياة:
أخيرًا، وبعد العديد من الأعمال والمخاطر، رأى هنري شبكة الحديقة التي ينمو فيها نبات الحياة، فنبض قلبه من الفرح، كان ينظر دائمًا إلى الأعلى وهو يمشي، ويستمر بالسرعة التي تسمح بها قوته، وفجأة سقط في حفرة، وقفز إلى الوراء ونظر حوله بقلق ورأى حفرة مليئة بالماء، كبيرة وطويلة لدرجة أنّه لم يستطع رؤية أي من الطرفين.
قال هنري لنفسه: هذه هي آخر عقبة تحدّث لي عنها الغراب، وبما أنّني تغلبت على جميع الصعوبات الأخرى بمساعدة الجنيّة الطيبة بينفسينت، فسوف تساعدني في التغلب على هذا أيضًا، إنّها بالتأكيد هي التي أرسلت لي الديك والغراب والرجل العجوز والعملاق والذئب، سأنتظر بصبر حتى يسعها مساعدتي هذه المرة، وعند قول هذه الكلمات، بدأ هنري في السير على طول الخندق على أمل العثور على النهاية.
سار لمدة يومين بثبات ووجد نفسه في نهاية ذلك الوقت عاد من حيث بدأ، ولكن لم تثبط عزيمته، وجلس على حدود الخندق وقال: لن أتحرك من هذه البقعة حتى تسمح لي جنيّة الجبل بعبور هذا الخندق، كان هنري قد نطق للتو بهذه الكلمات عندما ظهرت أمامه قطة جبل هائلة وبدأت في التذمر بشكل مروع لدرجة أنه كان يصم أذنيه تقريبًا من الصوت.
قالت له القطة: ماذا تفعل هنا؟ ألا تعرف أنني أستطيع أن أمزقك إلى أشلاء بضربة واحدة من مخالبي؟ قال هنري: أنا لا أشك في قوتك، أيتها القطة، لكنّك لن تفعلي ذلك عندما تعلمي أنني أسعى إلى نبات الحياة لإنقاذ والدتي المسكينة التي تحتضر، وإذا سمحت لي بالمرور بخندقك، فسأفعل أي شيء في وسعي لإرضائك، قالت القطة: هل ستفعل؟
وجهك يحلو لي، لذلك، إذا كنت ستصطاد كلّ الأسماك الموجودة في هذا الخندق وتضعها في الملح وتطبخها، فسوف أنقلك إلى الجانب الآخر، بإيمان القطة وقوتها، فتقدم هنري ببعض الخطوات وخطاطيف السمك، والطُعم، والشباك على الأرض، أخذ شبكة، وتمنّى أن يأخذ الكثير من الأسماك من خلال مسافة واحدة، رمى الشباك وسحبها بحذر شديد، لكن للأسف! لم يمسك شيئاً!
وبخيبة أمل، اعتقد هنري أنه لم يكن بارعًا، فرمى الشبكة مرة أخرى بهدوء شديد: ولكن لم يحصل على شيء حتى الآن! كان هنري صبورًا، ولمدة عشرة أيام حاول بأمانة دون أن يصطاد سمكة واحدة، لقد حاول بجد خمسة عشر يومًا ولم يصطاد سمكة واحدة، ولم يكن يعرف الآن ماذا يفعل، لقد فكر في الجنيّة الطيبة بينفسينت التي تخلت عنه في نهاية مهمته.
جلس حزينًا وحدّق باهتمام في الخندق عندما بدأ الماء فجأة في الغليان ورأى ظهور رأس ضفدع، قال الضفدع: هنري، لقد أنقذت حياتي، أتمنى الآن أن أنقذ حياتك في المقابل، إذا لم تنفذ أوامر قطة الجبل فسوف تأكلك على الإفطار، لا يمكنك صيد السمكة لأنّ الماء عميق جدًا وتلجأ الأسماك إلى القاع، لكن اسمح لي أن أتصرف نيابة عنك، أشعل نارك للطهي وأعد أوانيك للتمليح.
سأحضر لك السمك، وبقول هذه الكلمات، غرق الضفدع مرة أخرى في الماء، رأى هنري أنّ الأمواج كانت تهتاج وتغلي، كما لو أن معركة كبرى تجري في قاع الخندق، ومع ذلك، في لحظة ظهر الضفدع مرة أخرى، وقفز على الشاطئ وأودع لهنري سمك السلمون الرائع الذي اصطاده، استمر الضفدع في أعماله لمدة ستين يومًا، وطبخ هنري السمك الكبير وألقى الصغار في البراميل ليتم تمليحها.
وأخيرًا، في نهاية الشهرين، قفز الضفدع نحو هنري وقال: لا يوجد الآن سمكة واحدة في الخندق، يمكنك استدعاء قطة الجبل، شكر هنري الضفدع بحرارة الذي مد قدمه المبللة نحوه في إشارة إلى الصداقة، فضغط هنري عليها بحنان وامتنان واختفى الضفدع، استغرق الأمر من هنري خمسة عشر يومًا لترتيب جميع الأسماك الكبيرة التي طبخها وجميع براميل الأسماك الصغيرة التي كان قد ملّحها بشكل صحيح.
ثمّ دعا القطة التي ظهرت على الفور، قال هنري: سيدتي القطة، ها هي جميع أسماكك مطبوخة ومملحة، هل ستفي بوعدك الآن وتنقليني إلى الجانب الآخر؟ تفحّصت القطة الأسماك والبراميل، تذوّق سمكة مملحة ومطبوخة وابتسم وقال لهنري: أنت فتى شجاع! سأكافئ ثباتك وصبرك، لن يقال أبدًا أن قط الجبل لا يدفع رواتب لعبيده.
وبقول هذه الكلمات، مزّق القط أحد مخلبه وسلّمه إلى هنري وقال: عندما تكون مريضًا أو تشعر بأنك قد تقدمت في السن، المس جبينك بهذا المخلب، سيختفي المرض والمعاناة والشيخوخة، هذا المخلب المعجزة سيكون له نفس الفضيلة لكل من تحب وكل من يحبونك.
شكر هنري القطة بحرارة، وأخذ المخلب الثمين وتمنى تجربة قوتها على الفور حيث شعر بالإرهاق الشديد، وعندما لمس المخلب جبينه عندها شعر بالانتعاش والقوة كما لو أنه ترك سريره للتو، نظرت القطة مبتسمة، وقالت: اصعد الآن على ذيلي، أطاع هنري، ولم يكد يجلس على ذيل القط حتى رأى الذيل يطول نفسه حتى وصل عبر الخندق.
وبعدما وجه هنري التحية إلى القطة باحترام، ركض هنري نحو حديقة نبات الحياة التي كانت على بعد مائة خطوة منه، ارتجف خشية أن تعيقه عقبة جديدة، لكنّه وصل إلى شبكة الحديقة دون أي صعوبة، بحث عن البوابة فوجدها على الفور، لأنّ الحديقة لم تكن كبيرة، لكن للأسف! كانت الحديقة مليئة بالنباتات التي لا تعد ولا تحصى والتي لم يعرفها تمامًا، وكان من المستحيل معرفة كيفية التمييز بين نبات الحياة.
لحسن الحظ، تذكر أن الجنيّة الطيبة بينفسينت أخبرته أنّه عندما وصل إلى قمة الجبل يجب عليه التحدث للطبيب الذي قام بزراعة حديقة الجنيات، ثمّ ناداه بصوت عال، وفي لحظة سمع ضوضاء بين النباتات القريبة منه ورأى منهم رجلاً صغيراً ليس أطول من فرشاة الموقد، كان لديه كتاب تحت ذراعه، ونظارات على أنفه الصغير المعوج، وكان يرتدي عباءة سوداء كبيرة لطبيب.
قال الطبيب: ما الذي تبحث عنه يا صغيري؟ وكيف يمكن أن تكون قد وصلت هذه القمة؟ قال هنري: أيها الطبيب، لقد أرسلتني الجنيّة بينفسينت، لأطلب منك نبات الحياة الذي يعالج والدتي المريضة المسكينة التي على وشك الموت، قال الطبيب الصغير وهو يرفع قبعته باحترام: كل أولئك الذين يأتون من الجنية بينفسينت موضع ترحيب كبير، تعال يا ولدي، سأعطيك النبات الذي تبحث عنه.
ثمّ قام الطبيب بدفن نفسه في الحديقة النباتية حيث واجه هنري بعض المشاكل في متابعته، لأنّه كان صغيرًا جدًا بحيث يختفي تمامًا بين النباتات، وصلوا أخيرًا بالقرب من شجيرة تنمو بمفردها، فقام الطبيب بسحب سكين تقليم صغير من جيبه وقطع حفنة وأعطاها لهنري قائلاً: خذ هذا واستخدمه حسب توجيهات الجنية الطيبة بينفسينت، ولكن لا تسمح لها بمغادرة يديك.
إذا وضعتها تحت أي ظرف من الظروف، فسوف تهرب منك ولن تستردها أبدًا، كان هنري على وشك شكره، لكنّ الرجل الصغير اختفى وسط أعشابه الطبيّة، ووجد نفسه وحيدًا، فقال: ماذا أفعل الآن لأصل بسرعة إلى المنزل؟ إذا واجهت أثناء عودتي نفس العقبات التي قابلتني عندما صعدت إلى الجبل، فربما أفقد نبتتي، ولحسن الحظ، تذكر هنري الآن العصا التي أعطاها له الذئب.
قال: حسنًا، دعونا نرى، إذا كانت هذه العصا تمتلك حقًا القدرة على نقلي إلى المنزل، ثمّ ركب العصا وتمنى لو كان في المنزل، وفي نفس اللحظة شعر أنه مرتفع في الهواء حيث مر بسرعة البرق ووجد نفسه على الفور بالقرب من سرير والدته، قفز هنري إلى والدته واحتضنها بحنان، لكنها لم تره ولم تسمعه، ولم يضيع الوقت، بل ضغط نبتة الحياة على شفتيها.
وفي نفس اللحظة فتحت عينيها ، وألقت ذراعيها حول عنق هنري وصرخت: طفلي، لقد كنت مريضًا جدًا ولكن الآن أشعر بصحة جيدة تقريبًا، أنا جائعة، ثمّ نظرت إليه بذهول، فقالت: كيف كبرت يا حبيبي! كيف تغيرت ذلك في أيام قليلة؟ لقد مرّت سنتان وسبعة أشهر وستة أيام منذ خروجه من منزله.
كان عمره الآن حوالي عشر سنوات، وقبل أن يتاح له الوقت للرد، فتحت النافذة وظهرت الجنية الطيبة بينفسينت واحتضنت هنري، واقتربت من أريكة والدته، وأخبرتها بكل ما فعله هنري الصغير وعانى منه، والأخطار التي تجرأ عليها، فاحمرّ هنري خجلًا عندما سمع الجنية، فضغطت أمه على قلبها وغطته بالقبلات، بعد زوال اللحظات الأولى من السعادة والعاطفة، قالت الجنية: الآن، هنري يمكنك الاستفادة من هدية الرجل العجوز الصغير وعملاق الجبل.
أخرج هنري صندوقه الصغير وفتحه، وعلى الفور خرج منه حشد من العمال الصغار، ليس أكبر من النحل، وملأوا الغرفة، وبدأوا العمل بسرعة كبيرة لدرجة أنّهم قاموا في ربع ساعة ببناء وتأثيث منزل جميل في وسط حديقة جميلة مع خشب كثيف من جانب ومرج جميل من الجانب الآخر.
قالت الجنية: سوف يحافظ مخلب القطة على صحتك وشبابك وأيضًا صحة والدتك العزيزة، كن سعيدًا ولا تنس أبدًا أن الفضيلة وحب الآباء يتم تعويضهما دائمًا، وهكذا عاش هنري وأمه في سعادة شديدة، ولم يرغبوا في أي شيء، ولم يشيخوا أو يمرضوا، فكان المخلب يعالج كل مرض.