يجب علينا أن نعلم أنّ السعادة لا تكون دائماً بالمال؛ ففي بعض الأحيان يمتلك الشخص الكثير ولكنّه لا يشعر بالسعادة؛ وهذا لأنّه لا يشعر بالرضا، وفي بعض الأحيان نجد الأشخاص يمتلكون القليل ولكنّهم يشعرون بالرضا فنجدهم سعداء، سنحكي في قصة اليوم عن مزارع يمتلك القليل وكان هنالك رجلان أكثر منه مالاً، ولكنّه كان يشعر بالسعادة التي لا يشعرون بها، ونال برضاه السعادة الأكبر.
البقرة السحرية:
كان هنالك رجلان يمتلكان مزرعتين كبيرتين واسمهما جيف وجاك، كان جيف وجاك لا يعملان في المزرعة؛ بل كان الفلاحين يعملون بها ويأخذون أجرتهم منهما، كان جيف وجاك لا يحبان العمل ودائماً ما يلبسان أجمل الثياب وأغلاها ثمناً؛ على الرغم من ذلك جاء جاك في مرة إلى صديقه جيف وقال: أنا لا أشعر بأنّني سعيد يا جيف، رد عليه: وأنا كذلك يا صديقي، ما رأيك أن نستأجر المزيد من الفلاحين وبهذا سنمتلك مالاً أكثر وسنشتري ثياباً من الحرير.
في نفس القرية كان هنالك رجل يمتلك مزرعة صغيرة وبقرة واحدة واسمه توماس، كان توماس لا يملك الكثير من المال ويعيش من عمله في المزرعة، وفي يوم من الأيام جاء له رجل أخبره بأن هنالك أحد المزارعين يريد بيع بقرته وقال له: ما رأيك يا توماس أن تشتري هذه البقرة؟ رد عليه: ولكن أنا لا أملك المال لذلك، فقال له الرجل: ما رأيك أن أقرضك المال لشرائها وعندما تعمل تعيده لي؟ قال توماس: حتّى لو اقترضت المال لشرائها أنا لا أستطيع أن أطعم بقرتين معاً؛ فأنا بالكاد أطعم بقرة واحدة، شكراً لك على كلّ حال فأنا أشعر بالرضا عن حالي هذا.
كان جاك وجيف دائماً ما يشعران بالغيظ والغيرة تجاه توماس؛ فهو دائماً يشعر بالسعادة على الرغم من امتلاكه للمال القليل، فقال أحدهم: لماذا يشعر توماس أنّه سعيد وهو لا يملك إلّا القليل؟ فرد عليه أخيه: لا بد أن البقرة التي يمتلكها تعمل بجد ونشاط فهي تحرث الحقل كلّه ما رأيك أن نشتريها؟ وافق أخاه على ذلك.
في اليوم التالي ذهب جاك وجيف إلى توماس لشراء البقرة منه، عرضوا عليه ضعف ثمنها وحاولوا إقناع أنه بذلك سيشتري بقرتين بدلاً من بقرة واحدة، ولكن رد عليهم وقال: ولكن بقرتي بصحة جيدة وتعمل بجد فلماذا أبيعها لكم؟ أنا لا أرغب في بيعها، نظر له جاك وجيف بغضب وقرّرا الانتقام منه، وأثناء نومه قاما بالتسلّل إلى منزله وبلا تردّد قاما بإضرام النار التي اشتعلت في منزله ومزرعته، وعندما استيقظ توماس وجد أن منزله ومزرعته وكل ما يملك قد أكلته النيران، ولم يبق لديه أي طعام له ولبقرته.
قال جاك لأخيه لا بد أن توماس الآن سيضطر لبيع البقرة؛ فهو لن يجد من يرعاها ويطعمها، ولكن توماس قرّر السفر إلى قرية أخرى، وكان قد ادخّر بعض المال في وعاء زجاجي وعندما سافر وضعه في جراب، وفي طريقه شعر أن هذا المال ليس بأمان كافي فقرّر ربطه بجرس في رقبة البقرة، وأثناء الطريق شعر بالتعب فجلس لبعض الراحة.
وضع توماس بقرته تحت الظل وذهب ليبحث عن ماء ليشرب هو وبقرته، وكانت البقرة تقف بجانب أحد المتاجر، وفجأة خرج رجل من المتجر وعندما رأى البقرة التفتت له هي فسقط منها عملة فضية، تفاجأ الرجل بذلك فهو لم ينتبه لكيس النقود، نظر إليها ثانية فوجد عملة فضية أخرى، فقرّر في نفسه أن هذه بقرة سحرية وأراد شرائها من صاحبها على الفور.
عندما انتظر بجانب البقرة جاء توماس من بعيد، فأسرع له الرجل وأخبره عن رغبته بشراء البقرة وقال له: سأدفع لك ثمنها 500 عملة فضيّة، تفاجأ توماس بهذا المبلغ وشعر أنّه جيّد فوافق على بيعها ولكنّه نسي كيس النقود المعلّق برقبتها، عاد توماس إلى منزله وهو يشعر بسعادة كبيرة، وكان جاك وجيف يقفان عند منزله وكانا بالانتظار، ظنّا أن توماس سيعود حزيناً على حاله، ولكنّهما تفاجئا بأن الابتسامة على وجهه كبيرة، وأنّه سعيد جدّاً، فسألاه عن سبب سعادته.
فقال لهم: لقد بعت بقرتي بخمسمئة عملة فضية والآن بإمكاني أن أشتري منزلاً جديداً ومزرعة وعدّة أبقار، وسأملك الكثير لكي أطعهما وأعتني بها، هل رأيتم فهذه البقرة جلبت لي الحظ السعيد، في هذه الأثناء كان الرجل الذي اشترى البقرة قد علم أنّها ليست سحرية لأنه وجد كيس النقود، ولكنّه لم يكن يعرف ماذا سيفعل وكيف سيجد صاحبها، وحاز توماس بصبره ورضاه على هذه البقرة على الحظ الوفير.