قصة التقويم الثالث ابن الملك الجزء الأول أو (The Story of the Third Calender, Son of a King) هي حكاية خرافية من سلسلة الحكايات الشعبية من كتاب ترفيه الليالي العربية، تمّ اختيار هذه الحكايات الشعبية وتحريرها بواسطة أندرو لانج، نشرت عام 1918، للناشر (Longmans، Green and Co)
الشخصيّات:
- الأمير عجيب.
- الفتى الصغير.
- القبطان.
قصة التقويم الثالث ابن الملك:
تحدّث التقويم الثالث أمام زبيدة وقال: إنّ قصتي مختلفة تمامًا عن قصة صديقيَّ، لقد كان القدر هو الذي حرمهم من رؤية عيونهم اليمنى، لكن حماقتي كانت سبب فقدان عيني، اسمي عجيب، وأنا ابن ملك يدعى كاسيب ملك مملكة كبيرة، كانت لعاصمتها واحدة من أرقى مدن الموانئ البحرية في العالم، وعندما توليت عرش والدي، كانت اهتماماتي الأولى هي زيارة المقاطعات الموجودة على البر الرئيسي، ثمّ الإبحار إلى العديد من الجزر التي تبتعد عن الشاطئ، لكسب قلوب رعاياي.
أعطتني هذه الرحلات ذوقًا للإبحار لدرجة أنّني سرعان ما قررت استكشاف المزيد من البحار البعيدة، وقدّت أسطولًا من السفن الكبيرة للاستعداد دون تأخير، وعندما تمّ تجهيزهم بشكل صحيح شرعت في رحلتي، ولمدة أربعين يومًا كانت الرياح والطقس في مصلحتنا، ولكن في الليلة التالية نشأت عاصفة رهيبة فجّرتنا هنا وهناك لمدة عشرة أيام حتى اعترف القبطان أنّه فقد اتجاهه تمامًا.
وفقًا لذلك، تم إرسال بحّار إلى رأس الصاري لمحاولة مشاهدة الأرض، وذكر أنّه لم يكن هناك شيء يمكن رؤيته سوى البحر والسماء باستثناء كتلة ضخمة من السواد كانت تقع في المؤخرة، عندما سمع القبطان ذلك أصبح أسود اللون، وضرب على صدره، وصرخ: أوه، سيدي نحن تائهون، تائهون! حتّى ارتجف طاقم السفينة عندما عرفوا ماذا، وعندما تعافى قليلاً، وتمكن من شرح سبب رعبه، أجاب رداً على سؤالي، بأنّنا قد ابتعدنا كثيراً عن مسارنا.
وأنّه في اليوم التالي في الظهيرة يجب أن نقترب من كتلة الظلام التي كما قال، ليست سوى الجبل الأسود الشهير، ويتكون هذا الجبل من مادة صلبة تجذب لنفسها كل الحديد والمسامير في سفينتك، ومع اقترابنا بلا حول ولا قوة ستصبح قوة الجذب كبيرة جدًا بحيث يسقط الحديد والمسامير من السفينة وستتشبث بالجبل، وستغرق السفينة في القاع بكل ما بداخلها. هذا هو ما يجعل جانب الجبل باتجاه البحر يظهر مثل هذا السواد الكثيف، ثمّ تابع القبطان: كما يُفترض أنّ جوانب الجبل وعرة للغاية.
ولكن على القمة توجد قبّة نحاسية مدعومة على أعمدة، وتحمل في الأعلى شكل حصان من النحاس الأصفر، ويركب على ظهره فارس يرتدي درعًا من الرصاص نُقش عليه علامات وأشكال غريبة، ويقال إنّه طالما بقي هذا التمثال على القبة، فلن يتوقف الناس عن الفناء عند سفح الجبل، وبدأ القبطان يبكي من جديد وطاقمه، خوفًا من حلول ساعتهم الأخيرة، وقدّم كل منهم وصاياه لزميله.
في ظهر اليوم التالي كما تنبأ القبطان كنا قريبين جدًا من الجبل الأسود لدرجة أننا رأينا جميع المسامير والحديد يتطاير من السفن ويصطدمان بجبل بضوضاء مروعة، وبعد لحظة من سقوط السفينة وغرق الطاقم معها، تمكنت وحدي من الإمساك بلوح خشبي عائم، وقد دفعتني الرياح إلى الشاطئ ، دون حتى خدش، وكان من دواعي سروري أن أجد نفسي في أسفل بعض الدرجات المؤدية إلى الجبل مباشرة، لأنّه لم يكن هناك شبر آخر على اليمين أو اليسار حيث يمكن للرجل أن يضع قدمه.
وبالفعل، حتّى الدرجات نفسها كانت ضيقة جدًا وشديدة الانحدار لدرجة أنّه إذا هب أخف نسيم، فمن المؤكد أنني كنت سأندفع في البحر، وعندما وصلت إلى القمة، وجدت القبّة النحاسية والتمثال تمامًا كما وصفه القبطان، لكننّي كنت مرهقًا جدًا من كل ما مررت به أكثر من مجرد إلقاء نظرة عليهما، وألقيت بنفسي تحت القبّة، ونمت على الفور، وفي أحلامي ظهر لي رجل عجوز وقال: اسمع يا عجيب! بمجرد أن تستيقظ، احفر الأرض تحت قدميك، وستجد قوسًا من النحاس وثلاثة سهام من الرصاص.
اضرب بالسهام على التمثال، فيقع الفارس في البحر، ولكنّ الفرس يسقط بجانبك، ويجب أن تدفنه في المكان الذي أخذت منه القوس والسهام، وهذا ما يعلو البحر ويغطي الجبل، وهكذا سترى صورة رجل معدني جالس في قارب، ولديه مجداف في كل يد، اصعد على متن السفينة ودعه يقودك، وبعد أن استيقظت وتلفظت باسم الله، تركتني الرؤية واستيقظت مرتاحًا جدًا، ثمّ نهضت وسحبت القوس والسهام من الأرض، ومع الطلقة الثالثة سقط الفارس مع اصطدامه الكبير في البحر والذي بدأ على الفور في الارتفاع بسرعة كبيرة.
لدرجة أنّه لم يكن لدي وقت لدفن الحصان قبل اقتراب القارب منّي، دخلت بصمت وجلست، واندفع الرجل المعدني، وجذّف دون توقف لمدّة تسعة أيام ، وبعد ذلك ظهرت الأرض في الأفق، لقد غمرتني الفرحة من هذا المنظر لدرجة أنّني نسيت كل ما قاله لي الشيخ، وصرخت: الحمد لله، كانت الكلمات بالكاد تخرج من فمي عندما غرق القارب والرجل من تحتي، وتركني طافياً على السطح، وطوال ذلك اليوم وفي الليلة التالية سبحت باستمرار ممّا جعلني اقترب من الأرض بأفضل ما أستطيع.
أخيرًا بدأت قوتي بالفشل، وأسلمت نفسي للضياع، عندما ارتفعت الرياح فجأة وألقت بي موجة ضخمة على شاطئ مسطّح، بعد ذلك، وضعت نفسي في مكان آمن وبسطت ملابسي على عجل لتجف في الشمس، وألقيت بنفسي على الأرض الدافئة لأرتاح، وفي صباح اليوم التالي ارتديت ملابسي وبدأت أبحث حولي، يبدو أنّه لم يكن هناك أحد سواي على الجزيرة التي كانت مغطاة بأشجار الفاكهة وتسقى بالجدول، ولكن بدت على بعد مسافة طويلة من البر الرئيسي الذي كنت أتمنى الوصول إليه.
ورأيت سفينة تتجه مباشرة للجزيرة، ولم أكن أعرف ما إذا كانت ستحتوي على أصدقاء أم أعداء، اختبأت في الأغصان السميكة لشجرة، حيث هبط عشرة عبيد يحملون الفؤوس، وتوقفوا في وسط الجزيرة وبعد فترة من الحفر، رفعوا ما بدا أنّه باب سحري، ثمّ عادوا إلى السفينة مرتين أو ثلاث مرات للأثاث والمؤن، وأخيراً رافقهم رجل عجوز يقود فتى وسيمًا يبلغ من العمر أربعة عشر أو خمسة عشر عامًا، لقد اختفوا جميعًا أسفل الباب المسحور، وبعد بقائهم في الأسفل لبضع دقائق، صعدوا مرّة أخرى، لكن بدون الصبي.
وأنزلوا الباب المسحور، وغطّوه بالأرض كما كان من قبل، فعلوا ذلك ودخلوا السفينة وأبحروا، وحالما غابوا عن الأنظار، نزلت من شجرتي وذهبت إلى المكان حيث دفن الصبي، حفرت الأرض حتى وصلت إلى حجر كبير بحلقة في المنتصف، وعند إزالته، كشفت عن سلسلة من السلالم الحجرية التي أدّت إلى غرفة كبيرة مؤثثة بشكل غني ومضاءة بالتناقص التدريجي، جلس الصبي على كومة من الوسائد مغطاة بقطعة قماش.
لقد نظر إليّ مرعوبًا وخائفًا من رؤية شخص غريب في مثل هذا المكان، ولتهدئة مخاوفه، تكلمت على الفور وقلت: لا تخف يا سيدي، أخبرني من تكون، أنا ملك وابن ملك ولن أؤذيك، على العكس من ذلك، ربما أكون قد أُرسلت إلى هنا لإنقاذك من هذا القبر حيث دفنت حيًا، عند سماع كلامي ، استعاد الشاب نفسه، وعندما انتهيت، قال: الأسباب أيها الأمير التي دفنتني في هذا المكان، غريبة جدًا لدرجة أنها لا يمكن إلا أن تفاجئك.
والدي تاجر غني يمتلك الكثير من الأراضي والعديد من السفن، وله صفقات كثيرة في الأحجار الكريمة، لكنه لم يكف عن الحداد والحزن، لأنّه لم يكن لديه ولد يرث ثروته، وفي أحد الأيام، كان يحلم بشكل مطول أن يولد له ابن في العام التالي، وعندما حدث هذا بالفعل، استشار جميع الحكماء في المملكة بشأن مستقبل الرضيع، وجميعهم قالوا نفس الشيء، كنت سأعيش بسعادة حتى بلغت الخامسة عشرة من عمري، عندما كان ينتظرني خطر رهيب والذي بالكاد يجب أن أهرب منه.
ومع ذلك، إذا نجحت في القيام بذلك، يجب أن أعيش حتّى اصل سن الشيخوخة. وأضافوا، متى ألقى عجيب بن كاسيب تمثال الفرس النحاسي على قمة جبل العزم في البحر، فاحذر من ذلك، بعد خمسين يومًا يسقط ابنك بيده! صدمت هذه النبوءة قلب والدي بمثل هذا الويل، لدرجة أنّه لم يتغلب عليها أبدًا، لكن ذلك لم يمنعه من الاهتمام بتعليمي حتى بلغت منذ وقت قصير عيد ميلادي الخامس عشر.
بالأمس فقط وصلته الأخبار أنّه قبل عشرة أيام تم إلقاء تمثال من النحاس الأصفر في البحر، وقام على الفور بإخفائي في هذه الغرفة تحت الأرض ، والتي تم بناؤها لهذا الغرض، واعدًا بإحضاري عندما تمّر الأربعون يوما، وبالنسبة لي، ليس لدي أي مخاوف حيث من غير المحتمل أن يأتي الأمير عجيب إلى هنا للبحث عنّي، لقد استمعت إلى قصته بضحكة داخلية عن عبثية رغبتي في التسبب في وفاة هذا الفتى غير المؤذي الذي سارع إلى تأكيد صداقته معي وحتى طلب حمايتي، متوسلاً إليه في المقابل أن ينقلني في سفينة والده إلى بلدي، لا أحتاج إلى القول إنني حرصت بشكل خاص على عدم إبلاغه أنني عجيب الذي كان يخافه.