من لا يرحم لا يُرحم، والرحمة تشمل الإنسان والحيوان، سنحكي في قصة اليوم عن تاجر كان يمتلك حمار وجمل، ولكنّه كان غير رحيم ولا يرفق بأحد، وكان نتيجة ذلك أنّه خسر تجارته وخسر كل شيء.
قصة الجمل والحمار
كان هنالك رجل يتاجر ببيع التوابل والحرير؛ يسافر إلى الهند ويأتي بها ويقوم بتوزيعها على الزبائن، وفي مرّة من المرّات كان يريد إيصال كمية من التوابل لإحدى الزبائن، وكان يسكن في مكان يبعد عن مدينته مسيرة يوم وليلة، وكان الطريق شبه صحراوي، فقام التاجر بالسفر ومعه حمار وجمل، وضع فوق الجمل كمية قليلة من التوابل، وضع باقي البضاعة فوق ظهر الحمار ومضى.
وبعد مضي عدّة ساعات بدأ الحمار يشعر بالتعب الشديد؛ وذلك بسبب الحمل المضاعف فوق ظهره، وشكى همّه للجمل، بعد ذلك توقّف التاجر وقام بملء بعض القوارير بالماء من النهر ووضعها فوق الحمار، فزاد حمله وأصبح غير قادر على المشي وصار يترنّح ولكن دون أن يشعر به صاحبه.
قال الحمار لصاحبه: يا سيدي أنت تضع فوق ظهري ما لا طاقة لي به، يجب عليك أن توزّع الحمل بيني وبين الجمل، غضب التاجر وقال لحماره: اصمت أيّها الحمار فقد وضعت فوق ظهر الجمل أضعاف ما تحمله أنت؛ فأكمل الحمار سيره وهو لا يملك من أمره شيء.
عاد الحمار بالشكوى وقال لصاحبه: أنت لم تقدّم لي إلّا وجبة واحدة، وأنا أريد ما أتقوّى به على المسير، غضب التاجر مرةً أخرى وقال له: عندما نصل إلى قوافل التجّار نأخذ منهم ما نحتاج من طعام وشراب، فقط عليك الصبر لوقت قليل، أنت أصبحت تتذمّر كثيراً يبدو أنّك تقدّمت في العمر وأصبحت حماراً ضعيفاً، لن أصحبك في المرة القادمة وسأشتري حماراً قوياً ونشيطاً وليس مثلك.
فجأةً وقع الحمار على الأرض لعدم تحملّه، وعندما اقترب منه صاحبه وجده ميتاً، ووقعت كذلك القوارير المليئة بالمياه؛ فشعر التاجر بالخيبة كيف سيكمل طريقه دون قطرة ماء، حزن الجمل لما حدث للحمار وقال لصاحبه: أنت السبب في موت الحمار، أنا أريد العيش بالصحراء ولا أريد العيش مع الطماعين أمثالك الذين لا يسعون إلّا لجمع المال، وليس في قلوبهم رحمة ولا شفقة.
وعندما أراد التاجر أن يضع البضاعة التي كانت على ظهر الحمار على ظهر الجمل، بدأ يخرج من فمه الزبد؛ وذلك علامة على الرفض، فأمسك التاجر الحبل ليسحب الجمل ولكنه صاح بصاحبه وقال له: أتركني أيها الجشع وإلّا دستك تحت أقدامي وتركتك هنا في الصحراء.
فجأةً ركض الجمل وهرب من صاحبه حتّى اختفى عن الأنظار، وخسر الرجل الجمل والحمار وجميع تجارته؛ وذلك بسبب طمعه وعدم رفقه بالحيوان.