قصة الحكيم الأحمق

اقرأ في هذا المقال


لا يضع الإنسان ثقته بالآخرين بسهولة، فغالباً يظهر الناس بعكس ما يخفون، سنحكي في قصة اليوم عن حكيم كان يخدع الناس بقبول الهدايا لاعتقادهم بأنه رجل مبارك، ثم يقوم ببيعها من أجل جمع النقود، ولكن عندما جاء له رجل محتال وسرق منه كل ما جمع من نقود أدرك أنّه ليس حكيماً وأن هذا كان جزائه على استغلاله للآخرين.

قصة الحكيم الأحمق

في إحدى المدن كان هنالك رجل حكيم جدّاً، وكان معروفاً بين الناس وجميعهم يحبّونه؛ حيث يرسلون له الكثير من الهدايا التي تتكوّن من الغذاء والملابس والعطور وغيرها الكثير، وكان باعتقاد النّاس أن هذا الرجل هو شخص مبارك وسوف يساعدهم في حلّ مشاكلهم، فعندما يواجه أي منهم يواجه مشكلة ما أو يقوم بشراء أي شيء جديد يعزم على شراء هدية وإرسالها لهذا الحكيم من أجل أن يباركها.

كان هذا الرجل الحكيم المحتال يقوم بتجميع الهدايا وبيعها في السوق؛ وحصل بسبب ذلك على ثروة كبيرة جدّاً، فقد كان يبيع الهدايا بشكل مستمر على مدى وقت طويل، وكان من الممكن أن يصبح من الأثرياء؛ ولكنّه على الرغم من محبّة الناس له وإيمانهم به، إلّا أنّه كان لا يثق بأي أحد منهم، وكان كلمّا جمع النقود يضعها في حقيبة، وهذه الحقيبة دائماً يخفيها أسفل يده.

لم يكن أي أحد من الناس يظن بأن تلك الحقيبة تحتوي على نقود ثمن هداياهم، وفي يوم من الأيّام جاء رجل وكان يتصّف بأنّه رجل محتال، وكان متأكّد من أن هذا الحكيم يحمل في حقيبته الكثير من الأموال وربّما الكنوز، ظلّ هذا الرجل المحتال يفكّر في طريقة كي يسرق هذه الحقيبة، ولكنّه كان يعلم أن هذا الرجل الحكيم لا يثق بأحد، وهو لن يستطيع أن يدخل إلى المعبد ويسرق؛ فهو لديه البوابات العالية.

فقرّر أن يحاول كسب ثقته من خلال كلامه المعسول؛ فعلّه يصبح من أحد تلاميذه يوماً ما، وبذلك ربمّا سيصل إلى حقيبة هذا الرجل الحكيم وسرقتها بسهولة، وفجأةً  عندما كان هذا الرجل جالساً يفكّر وقف فجأةً واقترب من رجل الرجل الحكيم وبدأ يتوسّل له ويطلب منه أن يرشده ما هو الطريق الصحيح للسلام.

تفاجأ الحكيم من طلب هذا الرجل وقال له: هذا شيء جيّد فأنت برغم صغر سنّك إلّا أنّك تسعى للخير وأنا سوف أساعدك، اقترب الرجل المحتال من قدمي الحكيم أكثر وصار يمسك بهما ويقول له: أرجوك اقبلني كتلميذ لك وأنا أعدك أن أفعل ما تطلبه مني.

قال له الحكيم: شرطي الوحيد هو أن تدعني أنام لوحدي في المعبد، فأنا أحتاج للتأمّل بالليل، ويمكنك أن تنام عند كوخ المعبد الخارجي، وافق الرجل المحتال على ذلك، ومع مرور الأيام كان هذا التلميذ المحتال يظهر الطاعة الكاملة للحكيم، ففي النهار يقوم بتدليك قدميه وغسلهما، وفي المساء يتركه وحيداً ليقوم بالطقوس الذي قد اعتاد على القيام بها.

كان هذا الرجل المحتال يبذل كل الجهود من أجل كسب ثقة الحكيم؛ فكان أحياناً يقوم بتنظيف المعبد، لكنّه كان يشعر بأن الحكيم لا زال لا يعطيه الثقة الكاملة؛ فهو لا زال يحتفظ بالحقيبة لنفسه ولم يتركها معه أبداً، مرّ وقت طويل على ذلك حتّى بدأ الرجل المحتال أن ييأس بأن يضع هذ الحكيم ثقته به؛ لذلك بدأ يفكّر بخطط وطرق أخرى لسرقة المال.

لم يخطر ببال الرجل المحتال إلّا أن يضع السم للحكيم في الطعام كي يتخلّص منه، أو ربّما قتله ولكن هذه الخطّة لم تكن جيدة بما يكفي؛ فقد كان الحكيم يخرج من المعبد كثيراً، فقد كان يأتي إليه الأولاد الصغار ويدعونه كل يوم لحفل الخيط المقدّس، ولكن في مرة من المرات تمّت دعوته إلى مكان يمر من خلاله بالنهر.

فكّر الحكيم أن يقوم بالعوم قليلاً؛ لذلك وضع حقيبته أسفل الرداء وأعطاها للرجل المحتال كي يعتني بها لحين عودته من النهر، سرعان ما أخذ هذا المحتال النقود وهرب بها؛ فقد كانت الفرصة التي انتظرها طويلاً، عندما عاد الحكيم لم يجد التلميذ المحتال ولم يجد إلّا الرداء، وعندما بحث عنه في المدينة لم يجده في أي مكان.

علم الحكيم أنه لن يجد هذا الرجل المحتال الذي قام بسرقته، وعاد إلى المعبد بأذيال الخيبة، وقتها أدرك الحكيم أنّه ليس حكيماً بما يكفي؛ فقد كان عليه أن لا يثق بالكلام المعسول من المحتالين والمخادعين.


شارك المقالة: