قصة الحلاق الأحمق

اقرأ في هذا المقال


هنالك حكمة تقول أنّ الأحمق هو الشخص الذي يتصرّف دون أن يعلم ما هي الحقيقية، سنحكي في قصة اليوم عن تاجر طيب القلب وكان لديه زوجة حكيمة، حاز على محبة الناس لعطائه معهم، كان يظن أنّهم أصدقاء حقيقيون على الرغم من تحذير زوجته له منهم، لم يكن يدرك معنى كلام زوجته حتى جاء يوم وخسر كل أمواله، ولام نفسه على حماقته، ولكن جاءه حكيم وأخبره بأنه هو سبب خسارته للمال وليس حماقته.

قصة الحلاق الأحمق

كان هنالك تاجر يعيش هو وزوجته في ثراء كبير، كان هذا التاجر رجل يعمل بجد حتّى استطاع جمع هذه الثروة الكبيرة، وكان لا يتفاخر بثرائه بل كان طيباً مع الجميع، أمّا زوجته فقد كانت زوجة حكيمة، وكان جميع أهل البلدة يحبونهم بشدّّة لكثرة عطائهم، وهم عائلة معروفة عند الناس وكان أغلب حديثهم عن تلك العائلة الطيبة.

ولشدّة حب الناس لهم لم يكن منزلهم يخلو من الضيوف؛ حيث كانوا يقدمّون الهدايا القيّمة والطعام الفاخر لهم، في يوم من الأيام جلس التاجر مع زوجته وقال لها: انظري كم يحبونّنا النّاس من حولنا، فقالت له زوجته: لا تغترّ يا زوجي العزيز؛ فهم يحبّون عطائنا لهم؛ فنحن نقدّم لهم ما يسعدهم.

كان الزوج غير مقتنع بحديث زوجته، ولكنّها قالت له: سيأتي يوم وتثبت لك الأيام ذلك، وسرعان ما جاء ذلك اليوم؛ فقد وصل خبر لهذا التاجر أنّه قد خسر جميع بضائعه التي كانت تسير فوق السفينة، لأن السفينة غرقت في البحر، وكان عليه أن يدفع أموالاً طائلة لعملائه، عندما ذهب لأصدقائه لطلب المساعدة لم يجد أحد، فقالت له زوجته: هل رأيت كيف يختلق أصدقائك الأعذار؟ ولكن التاجر كان مصمّماً على أن أعذار أصدقائه حقيقية، وأنّهم لا زالوا يحبّونه.

اضّطر التاجر أن يبيع كل ما يمتلك من أراضي، ولكن ذلك لم يكن كافياً لتسديد الأموال التي يجب دفعها، فنوى أن يبيع قصره الكبير، وبعد ذلك عاش هو وزوجته في منزل صغير، وبدأ يعمل في مزرعة شخص آخر من أجل النقود، أمّا زوجته فبدأت بالعمل كمعلمّة حتى تساعد زوجها في النفقات اليومية.

بالرغم من ذلك فلا زال التاجر وزوجته من أطيب الناس وأكرمهم أخلاقاً، واستمرّوا بدعوة شخص واحد لمنزلهم كل يوم، مع مرور الوقت لم يعد أحد يأتي لمنزلهم، وكان أصدقاء هذا التاجر يتجاهلونه ولم يعد لهم أي أثر، وجاء يوم أدرك وقتها أن حديث زوجته هو الصواب؛ فقد كان الناس يحبّون الهدايا والطعام فقط.

نام التاجر وهو يلوم نفسه وحلم حلماً غريباً؛ فقد جاءه شخص حكيم يقول له: لا تقلق فأنت لست أحمق كما تظن، أنت فقط لم تكن تتوقّع ما سيحدث لك، الذي حدث لك هو حادث مفاجئ لم يكن بالحسبان، غداً سآتي لمنزلك وعليك أن تضرب مؤخرة رأسي بالعصا، وأنا سأتحوّل إلى قدر من الذهب، وستعود لك كل أموالك وثرواتك، ولكن عليك أن تعلم أن لا تضرب بهذه العصا شخص آخر وإلّا ستعاقب.

استيقظ التاجر من هذا الحلم الغريب وقال في نفسه: لا بد أنّه من شدّة تفكيري بالمال، مشى التاجر فوجد رجل حكيم أراد أن يضرب رأسه ولكنّه قال في نفسه: لن أفعل ذلك فقد قال لي الرجل في حلمي أن الشخص سيأتي لمنزلي أنا، بعد ذلك عاد للمنزل وجلس ينتظر فسمع طرق الباب، عندما فتحه وجد الحلاق وقال له: من أنت؟ رد عليه: أنا الحلاق وأنت استدعيتني، فقص له شعره وبينما هو كذلك إذ طرق الحكيم الذي رآه باب منزله.

عندما دخل الحكيم أدرك التاجر أنّه هو الذي يجب أن يضربه، فضربه على مؤخرّة رأسه فتحوّل إلى ذهب، فرح التاجر كثيراً ونسي أن الحلاق لا زال في منزله، عندما رأى الحلاق ذلك قام بدعوة الحكماء إلى منزله في اليوم التالي، ولكنّهم رفضوا الحضور؛ فتوسّل لهم بشدّة أن يأتوا لمنزله، وعندما حضروا جميعهم في منزله وكان معه عصا بدأ بضرب رؤوسهم ظنّاً منه أنّهم سيتحوّلون إلى ذهب، ولكنّهم حاولوا الفرار فأغلق عليهم الباب.

وعندما استطاع أحدهم النجاة أخبر عن فعل الحلاق معهم؛ فقاموا بمعاقبته وطرده من البلاد دون عودة، علم التاجر وزوجته لما حدث لهذا الحلّاق وقال لزوجته: لقد كان الحكيم محقّاً، الأحمق هو من يتصرّف وهو لا يعلم الحقيقة.


شارك المقالة: