أحياناً يكون التلميذ أذكى من معلّمه، يجب علينا أن ندرك مدى الذكاء لدى الطفل؛ كي نتعامل معه بحجم ذكائه، هذا ما حدث مع الشيخ في قصة اليوم، حيث حاول أن يخدع أحد تلاميذه بأن الحلوى التي يأكل منها هي سمّاً، ولكن التلميذ كان أذكى من شيخه واستطاع بحيلة ذكية أن يكتشف الحقيقة دون التعرّض للعقاب.
قصة الحلوى والتلميذ الذكي
في إحدى القرى كان هنالك شيخ ولديه ثلاثة من التلاميذ وهم سامر وأحمد وبرهان، كان هؤلاء التلاميذ يأتون لزيارة هذا الشيخ في منزله أربعة أيام من كل أسبوع، كان يقوم بتدريسهم وتعليمهم، وكان هذا الشيخ قد اعتاد على عادة سيئة في كلّ مرّة يأتي تلاميذه له، وهي أنّه كان يعمد إلى خزانته الخاصّة ويخرج منها مرطبان الحلوى، ويقوم بلعق ملعقة كبيرة من الحلوى دون أن يطعم تلاميذه.
كان التلاميذ في كلّ مرّة ينظرون لهذا الشيخ ويغضبون من تصرّفه هذا، ولأنّهم لا زالوا صغاراً كانوا لا يعلمون ما هو الشيء الذي يأكل منه هذا الشيخ؛ لذلك في مرّة من المرّات قرّر أحد التلاميذ وهو سامر أن يسأل الشيخ عن هذا المرطبان الي يخرجه ويأكل منه كل يوم، فقال له: يا سيدي الشيخ أنت تقوم بإخراج مرطبان من خزانتك كل يوم وتأكل منه، أنا أريد أن أعرف ما هو الشيء الذي تأكل منه؟
نظر له الشيخ مرتبكاً وقال له: إن هذا المرطبان يحتوي دواء واسمه العصا الزرقاء، ولكن عليكم أن تعلموا أن هذا الدواء عندما يأكل منه الراشدون فيزيدون علماً وقوّة، أمّا إن تذوّقه الصغار فسيكون سمّاً بالنسبة لهم، احذروا أن يتناول منه أحدكم شيئاً في غيابي.
التلميذ سامر كان شديد الذكاء، وشعر أن هنالك شيء ما في كلام هذا الشيخ، فقال له: نعم يا سيدي الشيخ لا تقلق لن نفعل ذلك أبداً، ولكنّه كان يقول في نفسه: لا بدّ أن هذا الشيء الذي يأكله هو الحلوى ولا بدّ أن ألعق منه في مرّة لأجرّبه.
انتظر التلميذ سامر الشيخ حتّى يخرج في أحد الأيام ليذهب إلى الخزانة ويجرّب تلك الحلوى، وعندما خرج هذا الشيخ في يوم من الأيّام وترك تلاميذه لوحدهم، أسرع سامر واستدعى زملائه التلاميذ وقال لهم: هيا احضروا لكي نجرّب هذا المرطبان الذي يخفيه الشيخ في خزانته، تعالوا كي نلعق البعض من الحلوى.
شعر سامر أن التلاميذ خائفون فقال لهم: أنا متأكّد من أن هذا الشيء هو ليس سمّاً، فقال أحمد: أنا لا أعرف ماذا سيفعل الشيخ وكيف سيعاقبنا إن نحن فعلنا ذلك؟ قال له سامر: لا تقلق أنا لدي حيلة ذكيّة كي نستطيع فعل ذلك دون أن يدري الشيخ بما فعلنا.
اتفق التلاميذ الثلاثة على ذلك، وذهبوا إلى الخزانة وأخرجوا منها مرطبان الحلوى السائلة، وبدأوا يلعقون منها حتى أنّهم لم يبقوا منها شيئاً، وعندما اقترب موعد عودة الشيخ بدأ التلاميذ بترتيب الغرفة وأعادوا كل شيء لمكانه، وعمد سامر للإمساك بحجر الحبر الذي يفرك به الشيخ قلمه الجاف، وكان هذا الشيء هو من أهم الأشياء لدى الشيخ، ورماه حتى تفتّت على الأرض.
قال سامر لزملائه عندما أشير لكم بعودة الشيخ ابدأوا بالبكاء، لم يمضِ وقت طويل حتّى عاد الشيخ، وبدأ سامر وزملائه بالبكاء، عندما دخل الشيخ وسألهم: لماذا تبكون؟ قال له سامر: يا سيدي الشيخ لقد قمت بفعل سيّء، رأيت أن حجر الحبر لديك متسّخ؛ فذهبت لأغسله بالنهر ولكنّه وقع منّي، وأنا أردّت أن أعاقب نفسي وفكّرت بالانتحار، لذلك تذكّرت كلامك عن السمّ الموجود بالخزانة وعمدت إليه ولعقت منه كي أعاقب نفسي.
أكمل سامر كلامه قائلاً: عندما رآني زملائي كذلك قرّروا أن ينتحروا معي، فأكلنا جميعاً من هذا السائل، ولكن لم يحدث لنا أي شيء؛ فقرّرنا أن نأكل المزيد حتّى أكلناه كلّه، ولكن نحن لم نمت لهذا السبب نحن نبكي، عندما رآهم الشيخ وهم يبكون قال لهم: لا بأس يا صغاري هذا المرطبان يحتوي على الحلوى وليس سمّاً كما تظنّون، وأنا قلت لكم ذلك كي لا تأكلوا منه، نجحت حيلة سامر الذكيّة، وأكل هو وزملائه الحلوى بالإضافة إلى أن الشيخ عفا عنهم ولم يعاقبهم.