أغلب الأحداث التي تذكرها القصص تحدث في عالم الغابة، فعالم الغابة مليء بالحيوانات منها الأليفة ومنها المفترس، والجميع يعرف قانون الغابة السائد وهو البقاء للأقوى. ولكن بالرغم من ذلك فالقوة لا تتمثّل دائماً بالقوة الجسدية بل أحياناً تتمثّل بأعمال العقل والذكاء فينتصر العقل على الجسد. وأحياناً تتمثّل القوّة بالاتحاد وكما في القول المأثور في الاتحّاد قوة، سنحكي في هذه القصة عن ذئب ماكر كان يخطّط لافتراس سبع عنزات ولكن بذكاء واحدة منهم استطاعت أمهم أن تنقذهم منه.
الذئب الشرير والعنزات السبع:
كان هنالك عنزة تعيش في الغابة بسعادة، وكان لديها سبع من العنزات الصغار، كانت هؤلاء العنزات دائماً ما تمرح وتلعب بسعادة، ولم يكن يعكّر صفو سعادتها وراحتها سوى أمر واحد وهو وجود الذئب الشرير في الغابة؛ فهو طالما كان يحلم أن يفترس عنزاتها الصغار ويأكلهم ويقوم بعمل الخطط الماكرة الشريرة من أجل خطفهم وافتراسهم.
في يوم من الأيام أرادت العنزة الأم الخروج من أجل جلب الطعام لصغارها فقالت لصغارها: يا صغاري أنا ذاهبة لجلب الطعام لكم أوصيكم أن لا تتشاجروا سوية، ويجب عليكم يا أولادي أن لا تفتحوا الباب لأي شخص غريب فربّما يكون الطارق هو الذئب الشرير الذي يريد التهامكم.
جمعت العنزة الأم صغارها وقامت بتقبيلهم وودّعتهم وخرجت، في تلك الأثناء كان الذئب الشرير يترصّد المنزل ويراقبه من بعيد، وكان يقف كل يوم أمام المنزل بانتظار العنزة الأم أن تغادر المنزل حتّى ينفرد بصغارها، وعندما شاهدها تخرج من المنزل فرح كثيراً لأنّه يعشق لحم الضأن كثيراً، فكّر في خطّة شريرة لكي يدخل المنزل تقدّم وطرق باب المنزل بكل خطوة واثقة وقال: افتحوا لي يا صغاري الأعزّاء لقد أحضرت لكم الطعام الشهي.
كانت العنزات الصغار أذكياء جدّاً؛ حيث استطاعوا تمييز صوت الذئب الشرير عن صوت أمّهم فهو لا يشبهها أبداً، فعندما طلب منهم فتح الباب قالوا له: أنتِ لستي أمنّا أنت الذئب الشرير فصوتك مزعج وضخم وأمنّا صوتها ناعم ورقيق، هيا أيّها الذئب الشرير اذهب من هنا فنحن لن نفتح الباب لك.
ظل الذئب الشرّير يفكّر في خطّة محكمة حتّى يستطيع الدخول للمنزل قبل وصول العنزة الأم، فذهب قليلاً ثم عاد وطرق باب المنزل مرة أخرى ولكن في هذه المرّة حاول أن يخفّض صوته ويقلّد صوت الأم وقال: هيا يا عنزاتي الصغار افتحوا لي الباب فلقد أتيتكم بالطعام الذي تحبّونه هيا أسرعوا فأنا متعبة جدّاً وأريد أن أستريح.
ظهر صوت الذئب في هذه المرة كصوت الأم ولكن العنزات كانوا أذكياء وحذرين من شدّة توبيخ أمهم العنزة لهم؛ فذهب أحدهم ونظر من عين الباب السحرية واستطاع رؤية قدم الذئب فعرف أنّه الذئب فقال: اذهب أيّها الذئب الشرير فأنت لست أمّنا فقدمك سوداء وأمّنا قدمها بيضاء.
لم يستسلم الذئب الشرير بعد وأراد إكمال خطّته الماكرة؛ فذهب إلى محل البقالة وطلب من صاحب المتجر أن يضع الدقيق على قدمه، تفاجأ الرجل من طلب الذئب ولكنّه نفّذ طلبه خوفاً منه ووضع الدقيق على قدمه، عاد الذئب لمنزل العنزات الصغار وطرق الباب وقلّد صوت الأم وقال: هيا يا عنزاتي لقد عدت إليكم بالطعام اللذيذ افتحوا لي الباب، رأى العنزات قدم الذئب فوجدوها بيضاء هذه المرّة وظنّوا أنّها أمّهم فقرروا فتح الباب لها.
عندما فتحوا الباب تفاجئوا بالذئب الماكر يقف أمام الباب ويفتح فمه الكبير لالتهامهم، بدأت العنزات السبع بالفرار ولكن الذئب الماكر التهمهم جميعاً ما عدا عنزة واحدة صغيرة اختبأت داخل ساعة الحائط المعلّقة.
عادت الأم وهي سعيدة بإحضار الطعام لصغارها ولكنّها فوجئت بأن باب المنزل كان مفتوحاً؛ فأدركت حينها أنّ صغارها قد تعرضّوا للخطر فبدأت بالركض وهي خائفة تبحث عنهم، سمعتها العنزة الصغيرة فصرخت وقالت: أنا هنا يا أمي هيا أنزليني، ساعدتها العنزة الأم بالنزول وبدأت العنزة الصغيرة بإخبار أمّها بما حدث أثناء غيابها وكيف أكل الذئب إخوتها.
فكّرت العنزة الأم بخطة للانتقام من ذلك الذئب الشرير فحملت المقص وذهبت تبحث عن الذئب، فوجدته نائماً بجانب النهر من شدة الأكل وبطنه مليئة وبداخلها عنزاتها الصغار، اقتربت منه وقامت بفتح بطنه بالمقص ووجدت عنزاتها ما زالوا أحياء ولم يهضمهم الذئب بعد، فأخرجتهم وملأت بطن الذئب بالحجارة وعادت وأغلقته بالخبط، لما استيقظ الذئب كانت بطنه مليئة وكان يشعر بالعطش الشديد ولمّا اقترب من النهر غرق فيه من ثقل وزنه، ومنذ هذه اللحظة عاشت العنزة وصغارها بأمان وسعادة بعد موت هذا الذئب الشرير.