يجب علينا تعليم أطفالنا عدم الرد على الغرباء، فالعالم مليء بالأشخاص السيّئين، سنحكي في قصة اليوم عن رجل غريب أخذ الأطفال إلى مكان آخر، ولكنّه تركهم لوحدهم، وعندما عادوا لأهلهم متأخّرين تم توبيخهم لذهابهم مع شخص غريب لا يعرفونه.
قصة الرياح والأولاد
في إحدى القرى البعيدة كان الأولاد يلعبون بالساحة مع بعضهم البعض بسعادة، وكان ذلك في فصل الخريف وكان الطقس مليئاً بالغبار مع نسمة رياح خفيفة، وبينما هم كذلك إذ جاءهم رجل غريب لا يعرفونه، وكان يبدو على هذا الرجل أيضاً بأنّه ليس من نفس البلدة، اقترب منهم قليلاً وقال لهم: يا أولاد لماذا تلعبون في هذا المكان الخالي من ملامح البهجة والطعام، هل تريدون منّي أن آخذكم إلى مكان أكثر بهجة وجمالاً، ويوجد به الكثير من الفاكهة التي تحبّونها كالتين والإجاص وغيره.
فكّر الأولاد قليلاً، وعندما سمعوا بأن المكان رائع وسيحتوي على كل شيء يحبّونه على العكس من المكان الذي يلعبون به؛ ولأنهم في فصل الخريف كانت الأشجار لا تحمل أي ثمار، وافق الأولاد على ذلك العرض وأظهروا موافقتهم جميعاً، وصار كل منهم يقول: أنا أريد الذهاب أوّلاً.
وفجأةً ظهر لهذا الرجل ذيل كبير من خلفه وقال للأطفال: هيّا اركبوا على هذا الذيل وسآخذكم إلى هناك، أسرع جميعهم إلى هذا الرجل وركبوا فوق ذيله، وعندما تأكّد بأنّهم يركبون ذيله أخبرهم بالتمسّك به جيّداً، وفجأةً نطق هذا الرجل بعض الكلمات وسرعان ما هبّت رياح قويّة حملت معها الغبار وأوراق الشجر، بعد ذلك وجد الأولاد أنفسهم في مكان آخر، وكان هذا المكان بالفعل مليئاً بأنواع الفاكهة المتنوّعة كما قال لهم الرجل كالتين والإجاص.
أمر الرجل الرياح مرّةً أخرى فثارت وأسقطت كل تلك الثمار اللذيذة، وبدأ الأولاد يأكلون منها وهم سعيدين حتّى شبعوا جميعاً، وظلّوا يعبون كذلك حتّى حلّ المساء، وعندما أتى الظلام قال الرجل للأولاد: الآن يجب عليكم أن تعودوا إلى منازلكم، ولكن أنا لن أستطيع إرجاعكم إلى المكان الذي أخذتكم منه بل عودوا إلى هناك بأنفسكم.
بعدما قال هذا الرجل كلماته أمر الرياح فحملته إلى مكان آخر واختفى فجأةً، بدأ الأولاد يشعرون بالخوف؛ فهم لا يعرفون كيف سيعودون إلى منازلهم، وممّا زاد خوفهم هو أن الظلام ازداد في المكان وقد أصبح معتماً تماماً، بدأوا بالبكاء من شدّة خوفهم، وبينما هم كذلك إذ لمح أحدهم ضوء قادم من مكان بعيد، فأخبر بقيّة الأولاد عنه وقال لهم: يجب علينا أن نتبع هذا الضوء حتّى نعرف مصدره لعلّنا نجد أيّ أحد يساعدنا بالعودة لديارنا.
وعندما بدأ الأولاد يتبعون مصدر الضوء وصلوا إلى منزل صغير، قرّر أحدهم أن يقرع الباب فقرعه، فتحت لهم الباب امرأة عجوز وسمينة جدّاً، ومن شدّة سمنتها بدت وكأنّها تمشي كالبطّة، كان منزل هذا العجوز هو المنزل الوحيد في المكان، نظرت لهم العجوز باستغراب وقالت لهم: من أحضركم هنا يا أولاد؟ قالوا لها: لقد جاء رجل غريب وقام بمدّ ذيله، ثم امتطينا ذيله وصعدنا فوقه وأحضرنا إلى هناك لنأكل الفاكهة، ولكنّه تركنا وذهب ونحن لا نعرف كيف نعود إلى ديارنا.
نظرت لهم العجوز وبابتسامة وقالت: لا بأس هذا ابني واسمه الرياح الشمالية، إنّه ولد شقي ويحب الحركة وفعل الأشياء الغريبة، ولكن لا تخافوا سأخبر ابني الثاني واسمه الرياح الجنوبية كي يعيدكم إلى دياركم لا تقلقوا، قامت الامرأة العجوز بإدخالهم إلى منزلها وقدمت لهم طعام الغداء اللذيذ والطازج، فأكلوا وشبعوا.
ذهبت المرأة العجوز وقامت بإيقاظ ابنها الرياح الجنوبية وقالت له: يا بني إن أخيك الرياح الشمالية قد أحضر هؤلاء الأولاد إلى هنا، لا أعرف ماذا سأفعل معه ومتى سيكفّ عن تصرّفاته المريبة تلك، هيا يا بني استيقظ وقم بإرجاعهم إلى منزلهم فهم يشعرون بالخوف.
استيقظ الابن وأمر الأولاد أن يركبوا ذيله فركبوا، وفجأةً هبّت رياح وما هي إلا عدّة ثواني وكانوا قد عادوا إلى قريتهم، ولكن عندما وصلوا القرية كانت مليئة بالصخب؛ فهم تأخّروا بالعودة وقد حلّ الظلام ولم يعودوا بعد، لذلك عاد كلّ منهم إلى أهله سالماً، فرح الأهل بعودة أولادهم ولكن قاموا بتوبيخهم عدم الذهاب مع الغرباء مرّةً أخرى.
